جلال سلمي - خاص ترك برس

بدأت عملية التفاوض غير مباشرة بين أذربيجان وأرمينيا، بغية التوصل إلى هدنة لإيقاف الاشتباكات الحدودية الدائرة بين الطرفين، في 6 أيار/ مايو 2016، برعاية دولية تزعمتها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

ويشير الخبير السياسي الأذربيجاني "أزار أسلانلي" في مقاله المنشور لدى الجزيرة ترك "إمكانية حل مشكلة كاراباغ" إلى أن تصريحات الطرفين وخاصة تصريحات وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، تؤكّد على أن الطرفين أبديا استعدادهما الصريح لتقديم بعض التنازلات، بهدف حل مشكلة كاراباغ بشكل جذري، موضحا أن هناك تشاور فعال بين أذربيجان وتركيا مواكب لعملية التفاوض.

ويرى أسلانلي أن المفاوضات الحالية تختلف المفاوضات السابقة في عدة نقاط هي:

ـ عدم وجود الدعم السوفييتي الروسي المباشر أو غير المباشر الذي عهده الأرمن عقب كل عملية اشتباك مع أذربيجان، حيث احتلت أرمينيا إقليم كاراباغ عام 1991، وعلى الفور تم إعلان قيام جمهورية إقليم كاراباغ المستقلة، بدعم روسي مباشر، وتم سحب الأسلحة الثقيلة من أذربيجان ودول وسط آسيا الأخرى، وبقيت الأسلحة الروسية الثقيلة في أرمينيا ما أمكنها من احتلال الإقليم بسهولة، ولكن اليوم في ظل عدم وجود الدعم الروسي وفي ظل توازن القوى العسكرية تمكنت أذربيجان من الدخول إلى جزء كبير من الإقليم، وظهر قلق واضح لدى قادة الأرمن عقب "تخلي" روسيا عن دعمها المعهود لهم.

ـ دخول أذربيجان بقوة إلى الإقليم أوجد حالة من التوازن بين الطرفين، بعدما كانت الكفة راجحة للأرمن، لا سيما بعد احتدام الاشتباكات الأخيرة ووصولها إلى نقطة جعلت الحرب الشديدة قاب قوسين أو أدنى.

ـ اقترحت روسيا خطط حل الأزمة عام 1994، ولكنها كانت تهدف من خلال هذه الخطط إلى وضع قواعد عسكرية قوية لها داخل الإقليم وداخل حدود أذربيجان، ولكن كان لموقف تركيا والدول الغربية المعارض لهذه الخطة دور مهم في تشجيع أذربيجان على رفض الخطة الروسية، واليوم نرى أن الخطط تُقترح وتناقش من قبل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وجهات الخلاف وهو ما يجعل إمكانية التفاوض والاتفاق أعلى وأفضل.

ـ هل يمكن أن تنجح عملية المفاوضات الجارية؟

ردا على التساؤل أعلاه، يُشير أسلانلي إلى أن عملية التفاوض الجارية متابعة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وتركيا ومعتمدة على "مبادئ مدريد" الستة التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين عام 2007، والتي يمكن ذكرها باختصار على النحو الآتي:

ـ تنازل الأرمن عن المناطق التي احتلوها في مطلع التسعينيات لصالح أذربيجان.

ـ منح إقليم كاراباغ حق تقرير مصيره.

ـ إعطاء حق العودة للمهجرين.

ـ فتح ممر تبادل تجاري بين الأرمن وإقليم كاراباغ.

ـ إجراء المفاوضات في إطار قانوني مُلزم.

ـ استدعاء قوات دولية لحفظ السلام في المنطقة.

وفي ختام مقاله، يؤكّد أرسلانلي أن إبداء الطرفين لبعض التنازلات وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الممثلين عن الاتحاد الأوروبي، لأول مرة، في المفاوضات سيحدث توازنا فعالا يقرب رؤى الطرفين ويمكنهم من التوافق.

تركيا ودورها في عملية المفاوضات

في ذلك السياق، تناولت صحيفة حرييت الدور التركي تجاه الاشتباكات الأذربيجانية الأرمينية الأخيرة وما أعقبها من عملية تفاوض في تقريرها "أذربيجان أعلنت الهدنة"، حيث نوّهت إلى أن تركيا منذ اليوم الأول أعلنت وقوفها لجانب أذربيجان، ولكن في الوقت نفسه دعت الأطراف إلى ضبط النفس وإعلان الهدنة على الفور، الأمر الذي دفع الرئيس الأذربيجاني لعلان الهدنة من طرف واحد، بعد يوم من الاشتباكات التي وصفت بأنها الأكثر ضراوة منذ الهدنة المعلنة بين الطرفين عام 1994.

وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا دعمت تحرير أذربيجان لبعض المناطق المحتلة من قبل أرمينيا سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا، وأكّد ذلك الاتصال الهاتفي لرئيس الوزراء آنذاك "أحمد داود أوغلو" الذي قدم تعازيه الحارة للرئيس الأذري "إلهام علييف" وأكّد له دعم تركيا المفتوح لوحدة أذربيجان وسيادتها وحدودها المرسومة حسب قررات القانون الدولي.

وأوضحت الصحيفة أن دواد أوغلو دعا علييف إلى الاحتكام لطاولة الحوار، مؤكّدا له أن تركيا ستنقل وستدعم نقل القضية إلى المحافل الدولية، وستدعو الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبعض الجهات الأخرى لرعاية عملية التفاوض المشتركة بين الطرفين، وهذا ما تم بالفعل بعد دعوة تركيا الاتحاد الأوروبي، بشكل مستمر، للتدخل في متابعة عملية المفاوضات، وقد تم ذلك من خلال منظمة الأمن والتعاون التابعة له.

وبيّنت الصحيفة أن دعم تركيا يأتي في إطار تاريخي قومي، حيث أن الشعب الأذري من أصول تركية ويتحدث باللغة التركية، كما أن دعم المنافسين الأقوى لتركيا روسيا وإيران هما الكبير للأرمن دفع تركيا للوقوف إلى جانب أذربيجان وتأييد موقفها بشكل حاسم.

ورأت الصحيفة إلى أن الجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلتها تركيا، أسفرت عن بدء عملية التفاوض في إطار دولي وليس روسي كما في السابق، كما أن التنديد التركي بمماطلة الأطراف وعدم جديتهم في دعم الحلول، واستعداد تركيا لدعم أذربيجان بكافة السبل لاسترجاع حقوقها، دفع الطرف الروسي إلى دعم عملية التفاوض، لعدم رغبته في فتح باب تنافس جديد بينه وبين تركيا، كذلك الموجود في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!