الأناضول

لم تكن اللحظات الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة التى شهدتها تركيا لتمر بصعوبة على الأتراك وحدهم، فثمة من شاطرهم تلك الهواجس لحظة بلحظة، حيث عاش الكثير من أفراد الجاليات العربية المشهد منذ بدء عملية الانقلاب حتى فشله.

وواصلت الجاليات الاحتشاد في الميادين جنبا إلى جنب مع إخوانهم الأتراك، للاحتفال بانتصار الشعب على الانقلابيين، حيث ارتبط مصير العديد من الجاليات العربية خاصة تلك الفارة من بؤر التوتر والصراع، بمصير نظام أردوغان الذي اعتمد خلال فترة حكمه، سياسة الأبواب المفتوحة، خاصة في وجه اللاجئين السوريين.

لحظات عصيبة عاشها الكثير من المقيمين العرب في تركيا، التي احتضنت أطيافا مختلفة من الشعوب المظلومة، التي وجدت فيها ملاذا آمناً، من الاستبداد في بلدانها، ورصدت "الأناضول" شهادات لعدد من أبناء الجالية الذين شاركوا في ميادين مختلفة بمدينة إسطنبول.

فاطمة الزهراء إسماعيل (مصرية)، شهدت لحظة إعلان الانقلاب العسكري داخل مطار أتاتورك الدولي، إذ كانت تستعد للسفر خارج تركيا، التقت بها "الأناضول" في منطقة الفاتح وسط إسطنبول أثناء مسيرات نُظمت للتنديد بالانقلاب، وقالت، "أحاطت بنا المدرعات من كل جانب، و بدأ الطيران في التحليق من مسافة منخفضة، أغلقت كل الشوارع المؤدية إلى منزلي، حيث أننى لم أتمكن من العودة، وقتها فقط، تأكدت من صحة ما أشيع عن كونه انقلاباً عسكرياً". 

وأضافت، إن "هذه اللحظة أعادت إلى مخيلتي الأحداث التي عشتها في مصر قبل ثلاثة أعوام، لحظة إذاعة البيان العسكري، وانهمرت دموعي تخوفاً من مصير مشابهه لهذا البلد الذي احتضننا". 

كم كبير من الرسائل والاتصالات المكثفة من دول عديدة للمقيمين في تركيا يبحثون عن إجابات حول مصيرهم، وسجالات تعم مواقع التواصل الاجتماعي للجاليات العربية، الجميع يبحث عن الأخبار والمستجدات، ويمنون النفس بأخبار من هنا أو هناك تتحدث عن فشل الانقلاب. 

وفي المساء، نُظم مهرجان مناهض للانقلاب في ميدان "سراج خانة"، حيث التقت الأناضول بعشرات العرب من بينهم عمر أبو عرقوب (صحفي فلسطيني) الذي قال، "بدأت بمتابعة الأحداث على وسائل الإعلام التركية، عندما انتشرت قوات الجيش على جسر البسفور، وعندما اتضحت الصورة بشكل أكبر، استشعرت أن دوري فى الميدان لتغطية الأحداث، لطبيعة عملي كصحفي".

وأضاف أبو عرقوب "نزلت إلى الشوارع لنقل الأمر ورصد الصورة الحقيقية وإيصالها للناس"، مستطرداً "اللحظة التى شعرت فيها أن الانقلاب سيفشل تلك التى خرج فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجهاً كلمته لجموع الشعب التركي". 

في السياق ذاته قالت سناء محمد (سورية) أثناء مشاركتها في مظاهرات ضد الإنقلاب أمام بلدية إسطنبول الكبرى، "سمعت صوت إطلاق النار وشعرت بفزع شديد، فاحتضت أطفالي خوفاً من أن تعيد هذه الأصوات إليهم مشاهد القصف الذي عاشوه في سوريا لاسيما أن أحد أبنائي يعانى من اضطرابات نفسية حتى اليوم، تمنيت أن ينتهي هذا الكابوس سريعاً، وكنت على ثقة أن الشعب التركي لن يتخلى عن قيادته في هذه الظروف العصيبة، وأنهم سيستجيبون إلى دعوة النزول للميادين". 

في الوقت الذي قال فيه هاني محمد (سوري) الذي كان يرفع العلمان السوري والتركي في مظاهرات نُظمت في منطقة الفاتح "سمعت خطاب الرئيس أردوغان وخرجت بعدها إلى الشارع عازماً البقاء فيه حتى دحر الانقلاب، رأيت الاشتباكات التى دارت بين أفراد الجيش والمواطنين في منطقة الفاتح وكيف أن الشهداء تساقطوا دفاعاً عن وطنهم وعن الديمقراطية، مررنا في سوريا بتجربة عصيبة ولم نكن نتمنى أن يعيشها الشعب التركي وهو يحافظ على أرضه". 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!