إيشان ثارور - واشنطن بوست - ترجمة وتحرير ترك برس 

وسط بحر من الأعلام التركية ودوي مكبرات الصوت، يشع وجه نظمي كايا بالفخر والاعتزاز. حيث كان سائق الشاحنة البالغ من العمر 51 عامًا قد جلب جميع أفراد عائلته إلى "الوطن الأم"، على حد تعبيره، من منزلهم في فرانكفورت في ألمانيا، لاستكشاف الأثر العاطفي العفوي عقب محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو.

وقفوا في ساحة تقسيم وسط المدينة، وهي ساحة  للسهرات الليلية بمناسبة الهزيمة الناجحة لفصيل متمرد في الجيش. وقال كايا: المظاهرات الشجاعة التي واجهت دبابات مدبري الانقلاب لا تُشبه ما يُمكن رؤيته "في أي مكان آخر في العالم". وعلاوة على ذلك، يعرف كايا من هو المذنب. وفي نفس السياق، قال كايا: "نعتقد أن الولايات المتحدة لديها فكرة كاملة عما كان يحدث، حيث كانت وكالة الاستخبارات المركزية ستستفيد من الأمر". 

يبدو أن يقين كايا عن الغدر الأمريكي في مؤامرة الانقلاب منتشر على نطاق واسع في تركيا. حيث اتهمت وسائل الإعلام الموالية للحكومة وحزب اليمين مرارًا الولايات المتحدة بالتورط بطريقة أو بأخرى في الانقلاب، ذلك الانقلاب الذي شهد جنود متمردين ينقلبون على الدولة، ويقتلون المدنيين ويقصفون الهيئة التشريعية في البلاد؛ في محاولة غير ناجحة للإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ألقى مسؤولون أتراك اللوم على فتح الله غولن - وهو إمام في السبعين من العمر يعيش في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا – وأتباعه. ويقول مسؤولون في أنقرة: تسلل الجيش وغيره من مؤسسات الدولة وكانوا يحينون الوقت منذ سنوات قبل أن يتحركوا ضد الحكومة المنتخبة.

تذمر أردوغان بغضب بشأن ملاذ غولن المستمر في الولايات المتحدة، ويسعى لتسليمه. ويقول مسؤولون أمريكيون أنهم ينتظرون دليلًا واضحًا على ربط غولن مباشرة بمحاولة الانقلاب. يشير هذا الطريق المسدود للحظة أزمة بين واشنطن والحليف الرئيسي لحلف شمال الاطلسي، تركيا.

وقال أردوغان في خطاب الأربعاء الذي تم بثه على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون الوطني: "أدعو الولايات المتحدة: أي نوع من الشركاء الاستراتيجيين نحن ليكون ما زال بإمكانكم استضافة شخص قد طالبنا بتسليمه؟" كما أضاف: "عملت في محاولة الانقلاب هذه جهات داخل تركيا، ولكن تمت كتابة السيناريو في الخارج. ولسوء الحظ، فإن الغرب يدعم الإرهاب ويقف  في صف الانقلابيين".

يوم الأحد، تنظم حكومة أردوغان مظاهرة ضخمة في اسطنبول. تهدف إلى تسليط الضوء على الوحدة الوطنية التي ظهرت منذ 15 تموز/ يوليو، بغض النظر عن تطهير الحكومة الغير مسبوق لمؤسسات الدولة والمجتمع التركي الذي لا زال يتحرك.

وقال المعلق التركي ليفنت غولتكين: "لو أراد الغرب التخلص من أردوغان ومصافحة الجماعة (cemaat)"، وذلك باستخدام مصطلح يستخدم عادة لحركة غولن، "ثم سيحصلون على تركيا التي هي ضد مصالحهم".

في مؤتمر صحفي في واشنطن الشهر الماضي، حث سردار كيليتش، سفير تركيا لدى الولايات المتحدة، الأمريكيين على منح تركيا "فائدة الشك" وهي تقبض أو تعتقل وتعلق وظائف عشرات الآلاف من الغولنيين المشتبه بهم.

وانتقدت جماعات قضائية دولية الحملة بصوت عال، حيث وصفتها هيومن رايتس ووتش مؤخرًا بأنها "إهانة للديمقراطية."

لا يزال يعتقد الكثيرون في تركيا أن الأمريكيين هم الذين يكونون مدينون للأتراك بالتوضيح - وليس العكس. حيث يشيرون إلى شهادة الجنرال خلوصي عكار، أكبر ضابط عسكري في البلاد، الذي قال إنه تم إعطاءه الفرصة للتحدث إلى غولن عن طريق الهاتف أثناء اعتقاله من قبل ضباط متمردين في ليلة محاولة الانقلاب.

إنهم يتداولون الأخبار حول وجود ضباط الانقلاب في قاعدة إنجرليك الجوية، التي يستخدمها الجيش الأمريكي أيضًا. ويتساءلون بشأن الساعات التي مضت على الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لإدانة محاولة الانقلاب.

قالت عائشة إرين يوسف (33 عاما) التي حضرت الوقفة الاحتجاجية في ساحة التقسيم مع زوجها: "تريد الحكومة الأمريكية أن يكون لديها شخص ما أكثر توافق مع جدول أعمالها".

ظاهريًا، يبدو أن الشعبوي المحافظ أردوغان قد قوى قبضته في الأسابيع التي تلت النجاة من محاولة الانقلاب. مع وجود قوى جديدة معه بعد إعلان حالة ثلاثة أشهر من الطوارئ ، فقد انتقل لجلب مزيد من الجيش للوقوف في صفه، وأيضاً حصل على تعاون أحزاب المعارضة الرئيسية.

وقال بوراك كاديركان وهو باحث تركي في كلية الحرب البحرية الأمريكية: "يشبه أردوغان الساحر مع أتباعه"،. "لو يقول ’أوقفوه‘،  فإنهم سيوقفوه"

الغضب هو أيضا انعكاس لمظالم حقيقية مع المسؤولين والصحفيين الأجانب، الذين يعتقد الكثير من الأتراك بأنه لا يعترفون بشكل كاف بصدمة وأذى أحداث 15 تموز/ يوليو في البلاد التي لديها تاريخ مضطرب من الانقلابات العسكرية.

وقال أكين اونفر، أستاذ في جامعة قادر هاس في إسطنبول: "إن الشعور الحالي في تركيا هو صورة لمرآة العداء لتركيا الملاحظ في وسائل الإعلام الغربية".

حالياً يحاول قادة الولايات المتحدة الكبار رأب الصدع مع أنقرة. حيث أعلن مسؤولون أتراك أن وزير الخارجية جون كيري سيزور أنقرة في وقت لاحق من هذا الشهر. في وقت سابق من هذا الأسبوع، عقد رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال البحري جون دانفورد اجتماعات ودية مع نظيره التركي والقادة المدنيين في العاصمة التركية. في ذلك الوقت، أصدر كبير المتحدثين باسم أردوغان، إبراهيم كالين بيان مصراً على أن الحكومة لا تعتقد أن الولايات المتحدة وراء محاولة الانقلاب. حيث قال اونفر: " يحتاج هذا النوع من التواصل والحوار إلى الاستمرار".

ولكن بينما تستمر الحملة، هناك أيضًا علامات إجهاد حقيقية. يوم الجمعة، ظهرت مذكرة داخلية تم تسريبها، تشير إلى عملية تطهير جديدة لأنصار غولن داخل حزب أردوغان الحاكم.

وقال سليم سازيك، وهو زميل مقيم في تركيا مع مؤسسة القرن، ودار نيويورك الفكرية: "حتى الآن، يحاولون معرفة من هو غولني ومن هو ليس غولني".

في ساحة التقسيم، كان المستوى المماثل للعزيمة الصارمة في العرض (التظاهر). حيث قضى مراد دوست (36 عامًا) الأسبوع الماضي يبيع الأعلام الصغيرة على جوانب المظاهرة. وقال مراد - ماسكاً علماً أحمر عالياً: "إنه (العلم) كل شيء بالنسبة لنا، إنه دمنا".

وقال دوست أنه تم قتل صديق له بالرصاص على جسر البوسفور على أيدي جنود الانقلاب في ليلة محاولة الانقلاب؛ وإنه يريد أن يرى العدالة.

وختم مراد: "يتعين على الولايات المتحدة تسليم غولن في أقرب وقت ممكن. لو يعود إلى تركيا، يمكننا شنقه".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس