أوكان مدرس أوغلو - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

إن الوقوف في وجه سياسة ذات اتجاه واحد مصنعة ومصممة في الخارج والصمود ضدها والدخول في معركة وحرب بحثا عن سياسة وطنية محلية الصنع تسبب بأثمان باهظة على أبناء جيلنا أن يتحملها. ليس هذا فحسب، وإنما سنتحمل كذلك ضريبة أن تكون تركيا مثالًا يحتذى لدول المنطقة وللشعوب المسحوقة وأن تكون مثالًا للتغير في موازين القوى العالمية... سوف ندفع مقابل ذلك كله سعيا لأن يحيا أبناؤنا في دولة مختلفة جديدة نحن من وضع أساساتها وقواعدها.

لا بد لنا من قبول حقيقة أن التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدتها تركيا وفي الخمسة عشر عاما الأخيرة كانت ذات تأثير عظيم على المجتمع والسيسيولوجيا في تركيا. "فعلى الرغم من أن الخمسة عشر عاما الأخيرة شهدت أحداث عصر برمته إلا أنها كانت كافيه للنهوض بالوعي الوطني وتحقيق المكاسب والإنجازات وأنتجت ثقافة سياسية قادرة على استيعاب جميع الأطراف المتناقضة وأفسحت المجال لبناء وتأسيس كتل وتجمعات تسعى من اجل الاستقرار والطمأنينة والسلام".

فتركيا التي كانوا يسعون حتى الأمس القريب إلى الزج بها في وحل الأزمات السياسية والاقتصادية والتي حاولوا هذه الأيام ضربها وتركيعها من خلال محاولة الانقلاب والهجمات الانتحارية، تركيا هذه أصبحت نموذجا للدولة القادرة على السير خارج الخطط الأجنبية.

إن الذين وضعوا خطوط السيناريوهات غير المتوازنة للهجمات الإرهابية ولمحاولات الانقسام الداخلي ومحاولات إقناع تركيا في التنازل عن آراءها وتوجهاتها الخارجية، هذه الجماعة على علاقة وطيدة مع الحسابات التي تعمل من أجل الغدر العالمي ومن أجل تقديم الخدمات للمصالح الأجنبية.

ففي حين يتم رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد، وفي حين يتم تغير مركز القوة الاقتصادية العالمية، وفي أثناء المحاولة الشرسة للسيطرة على مصادر الطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط ليس من المتوقع أبدا أن يتركوا تركيا تنعم بالأمن والسلام.

فتركيا حتى زمن قريب واجهت مخاطر أمنية وتُركت لتواجه عبئًا اقتصاديًا وإنسانيًا بسبب السياسات العالمية المتعلقة بالقضية السورية. أما الآن فهي تعمل على مواجهة تهديدات جديدة بصدد القرار العالمي الغريب والساخر المتعلق بتغيير السياسات المتعلقة بسوريا.

على الجانب الآخر... تعمل الولايات المتحدة ومن خلال جماعات شريكة تبنتها في المنطقة على خنق داعش الابن المشوه الذي تسببت السياسات الخاطئة للإدارة الامريكية والمتعلقة بالعراق بولادته وخروجه إلى الوجود، هذا الابن المشوه للولايات المتحدة الأمريكية والذي تسببت السياسات الأمريكية المتلونة والثنائية المتعلقة بالقضية السورية بنموه وتمدده في هذه الجغرافيا.

فهي تدعي أنها ستتخلص من داعش ذات الخلفية الدينية من خلال عملها المشترك مع حزب العمال الكردستاني الجماعة الإرهابية ذات الخلفية العلمانية، ومقابل ذلك تقدم الوعود للجماعات الكردية بدولة خاصة بهم. فشل هذه الخطة مؤخرا دفع الولايات المتحدة الأمريكية لأن تبعث بالرسائل المبطنة إلى الأطراف المختلفة.

ففي حين أن ظنون الحضارة الغربية أنها باستطاعتها التخلص من داعش باستخدام أكراد وحدات حماية الشعب قمة في الغرابة والسخرية، استهداف داعش الإرهابية للأكراد الأبرياء في تركيا أكثر غرابة وسخرية. هذا التوجه نحو الإرهاب والاجرام بحق الأبرياء كاف لإعطاء فكرة عما ومن نواجه.

دخول جماعة غولن هذه المعادلة المعقدة ومحاولتها السيطرة على تركيا، ومحاولة تسويقها للمعلومات للقوى العالمية وإعلانها المسبق عن تحركات أنقرة وطبيعة هذه التحركات هو دور الجماعة في هذه المسرحية العالمية.

لكن تركيا التي استطاعت أضعاف كرت جماعة غولن وتمكنت من تصفية العناصر المتسربة إلى القوات المسلحة التركية ووزارة الخارجية ولم تقتصر جهدا في الكشف والتخلص من كل العناصر التي يمكن للجماعة استخدامها كشبكة وكل ما يهدف لخدمة المصالح الأجنبية أو يضر بالمصالح المحلية والإقليمية.

بالنتيجة، يجب على تركيا أن تكون أكثر قوة

يجب على تركيا أن تكون يدا واحدة

يجب على تركيا أن تتمتع باقتصاد قوي

يجب على تركيا أن تتعاضد وتتعاون في سبيل خدمة المصلحة الوطنية

يجب على تركيا أن تتخلص من كل العناصر التي تخدم المصالح الأجنبية

الحال اليوم يستدعي أن نتعالى على الفروق بيننا، اليوم هو يوم الانتصار لتركيا، اليوم هو صراع الاستقلال والمستقبل لهذا الوطن.

عن الكاتب

أوكان مدرس أوغلو

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس