محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لندع الآن الحديث عن الملايين الذين هاجروا إلى الأناضول من دول القوقاز والقرم ودول البلقان خلال فترة الدولة العثمانية جانبا، ولنلقي نظرة عامة على المهاجرين الذين لجأوا إلى منطقة الأناضول بعد اعلان الجمهورية التركية، بحسب معطيات ادارة المهاجرين التابعة لوزارة الخارجية.

ففي عام 1925 تم توقيع اتفاقية الاقامة بين تركيا و بلغاريا. وقد بلغ عدد المتدفّقين الى تركيا استنادا لهذه الاتفاقية 218.998 شخصا حتى نهاية عام 1949. وبعد اعلان الجمهورية الشعبية البلغارية عام 1946، بلغ عدد المهاجرين البلغار الى تركيا ما بين عامي 1949 و 1951، 156.063 مهاجرا. وبموجب اتّفاقية تبادل الأقرباء الموقّعة بين تركيا و بلغاريا، استقبلت تركيا 116.521 مهاجرا بين عامي 1968 و 1979.

بلغاريا، رومانيا

بدأت حركة النزوح الأخيرة لمسلمي بلغاريا من ذوي الأصول التركية الى الأناضول منذ عام 1989، وذلك بعد الضغوطات التي مارستها الحكومة البلغارية عليهم من أجل ارغامهم على ترك البلاد والهجرة الى تركيا.

وقد قدم من رومانيا 79.287 مهاجرا من 19.865 عائلة ما بين عامي 1923 و1949. وتمّ تأمين السكن المناسب لهؤلاء. كما قدم فيما بعد نحو 43.271 لاجئ، تمّ اسكانهم بجوار أقربائهم في تركيا.

واذا ما أردنا أن نجمل هذه الاحصائيات، فاننا نستطيع ان نقول بان عدد اللاجئين من دول البلقان الى تركيا ما بين عامي 1923 و 1945 بلغ 800 ألف مهاجر.

التركمان، الشيشانيين، الآزريين

نتيجة احتلال الصين لجمهورية شرق تركمانستان التي اعلنت قيامها سنة 1950، بدأت موجة نزوح كبيرة من هذه الدولة الى تركيا. ومع بداية الحرب العالمية الثانية، تزايدة الهجرة الى الاراضي التركية من مناطق متفرقة مثل اوزباكستان وكزخستان وقرغيزستان وأفغانستان ومسلمي الشيشان وتركمانستان وغيرهم.

ايران، أفغانستان، العراق

لقد تدفّق نحو مليون مهاجر ايراني الى الاراضي التركية عام 1979 نتيجة قيام الثورة الاسلامية في تلك الدولة. وكانت انتماءات هؤلاء المهاجرين العرقية مختلفة. فكان من بين المهاجرين أكراد وأزريين وغيرهم من الأعراق المختلفة.

عام 1980 قامت الاتحاد السوفيتي باحتلال أفغانستان. ونتيجة هذا الاحتلال أضطر الكثير من سكان تلك المناطق الذين ينتمون للأصول التركية للهجرة الى الاراضي التركية هربا من القمع السوفيتي. وقد كانالقادمون من هناك، خليط من الأوزبكيين والكازاخستانيين والقرغيزستانيين.

امّا بالنسبة لسوريا، فقد استقبلت تركيا العديد من المهاجرين بشكل جماعي أعوام 1945، 1951، 1953، 1967.

ومن العراق قدم 51.542 لاجئ بعد ارتكاب القوات العراقية لمجزرة "حلبجة" المشهورة عام 1988. حيث نزح سكان الشمال العراقي الى الاراضي التركية هربا من المجازر المرتكبة بحقّهم. وتخلّل ذلك نزوح 467.489 لاجئ عراقي الى الاراضي التركية نتيجة نشوب حرب الخليج عام 1991.

علينا أن ندرك قيمة الأناضول

لقد لجأ 20 ألف شخصا الى تركيا من البوسنة ما بين عامي 1992 و1999. وفي عام 1999 قدم الى تركيا 17.746 نازح من كوسوفو نتيجة الاوضاع المتردّية في بلادهم. كما كانت الأناضول وجهة لـ 10.500 مهاجر مقدونيا عام 2001.

وأخيرا وبعد تفاقم الأزمة السورية، بلغ عدد اللاجئين السوريين الى الاراضي التركية ما يقارب المليون ونصف مهاجر. حيث بدأت موجة النزوح منذ نيسان من العام 2011. ومع ظهور تنظيم الدولة الاسلامية، يبدوا ان هذا الرقم سيزداد أكثر.

هنا أودّ ان أطرح سؤالا: لو انتقلت شرارة الحروب الداخلية الى الاراضي التركية، فالى أين نستطيع أن نذهب نحن وكل هؤلاء المهاجرين؟

حفظ الله هذه القطعة الجغرافية من كل سوء. علينا أن ندرك قيمة الأناضول ونحافظ على سلامته.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس