أحمد تاشكاتيران  – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

نعم، تحركنا نحو جرابلس باسم "درع الفرات"، وأزلنا تواجد تنظيم داعش هناك، لكن الهدف من كل هذا التحرك كان "إيقاف الزحف المستمر لحزب الاتحاد الديمقراطي غرب الفرات". لو نظرنا لهذه الحملة في إطارها الزمني لوجدنا أنها صادفت يوم وصول نائب الرئيس الأمريكي بايدن، فيا ترى ما الذي حصل حتى تقدم تركيا على هذه الخطوات بعد الوضع السياسي المتأزم مع أمريكا في الأيام الأخيرة؟ وكيف أقنع الرئيس أردوغان نظيره الأمريكي بإمكانية ضرب حليفه الأخير حزب الاتحاد الديمقراطي بعدما عجزنا من قبل عن إقناعهم بأن حزب العمال الكردستاني الإرهابي هو نفسه حزب الاتحاد الديمقراطي؟

في البداية أعطت أمريكا كلمتها "لن يبقى حزب العمال الكردستاني في مناطق غرب الفرات"، لكن الوقائع على الأرض كانت غير ذلك فقد استمر تقدم جيش سوريا الديمقراطي نحو جرابلس بعدما أحكم سيطرته على منبج. بعد فشل الانقلاب وحماية أمريكا لمدبره وتخيير أردوغان لهم بـ"إما نحن أو تنظيم فتح الله غولن" زاد غضب الساسة في أنقرة وثارت ثائرتهم وعزموا على التحرك بعد حل المشاكل المتراكمة مع روسيا، وإعادة فتح الحوار مع إيران.

بدأت حملة "درع الفرات" في تمام الساعة الرابعة فجرا عندما كان بايدن في طريقه إلى تركيا، فهل كان يعلم هو وواشنطن بهذه الحملة قبل حصولها؟ بالتأكيد كانوا يعلمون، لأن التنسيق لها كان عبر مستشار أمريكي جاء إلى أنقرة من أجل التنسيق لضرب داعش مع دعم وتغطية التحالف الدولي. ولكن مع بداية الحملة زادت تركيا من أهدافها المرجوة، فلم تقصرها على تهديد داعش وإنما أضافت إليه تهديد حزب الاتحاد الديمقراطي، فما الذي قالته أمريكا حينئذ؟

لم تقل أمريكا حينها أي شيء وتركت الكلمة لبايدن في تركيا، وكانت لأمريكا طلعات جوية تدعم الحملة التركية، فهل كان هذا التصرف ضوءًا أخضر من أمريكا؟ وهل سبب ذلك هو تقدير أمريكا للتهديدات التي تمس علاقاتها مع أنقرة؟ وهل ترى أمريكا في اقتراب تركيا من روسيا وإيران تغيرًا في المنظور التركي؟ وهل يفعل الرئيس أردوغان ما هدد به وهو يخاطب أمريكا بصوت عالٍ بعد كل ما فعلته به؟ بالتأكيد هو لن يفعل أيًا من ذلك بموجب حسه العقلاني، وكذلك الموقف ذاته سيكون عند أمريكا والغرب الذين سيغيران من سياستهما بموجب حسهم العقلاني البراغماتي، وهو ما قد يعني أن ما تفعله أمريكا اليوم هو ردّات فعل عقلانية بعد كل ذلك التوتر. في جهود واشنطن لإدارة الأزمة ستقوم كذلك بتسليم فتح الله غولن رغم كل التحفظات بعد زيارة مبعوثها بايدن لمجلس النواب الذي تم قصفه.

في خطاب رئيس الأركان خلوصي أكار للساسة في أروقة البيت الأبيض قال لهم "لقد أراد الانقلابيون مني التحدث مع فتح الله غولن في أمريكا"، كما أوضحت آلاف الوثائق والتحقيقات ضلوع فتح غولن بالانقلاب. بعد كل هذه التأكيدات ستسال أمريكا نفسها "هل أختار تركيا أم تنظيم غولن؟"، بالتأكيد لن يكون الجواب سهلا بسبب كم المصالح الكبير لدى كلا الطرفين، فتنظيم غولن يموّل مرشحين للنيابة والرئاسة، كما يمتلك آلاف المدارس والمشاريع في كل الأراضي الأمريكية. هنا سنرى حقيقة الذكاء الأمريكي المحترف، فكيف يا ترى سيكون الجواب؟

عن الكاتب

أحمد تاشكاتيران

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس