ترك برس

اعتبر الكاتب والسياسي اللبناني، بهاء أبو كروم، أن الإدارة التركية استشعرت عمليات الفصل الديموغرافي الآخذة في التشكل بالعراق، بما يؤول إلى فصل تركيا عن مناطق العمق العربي أو السني تحديداً، وبما يصل بالنفوذ الإيراني إلى حدودها الشرقية.

وأشار أبو كروم، في مقال له بصحيفة الحياة، إلى أن لهذا الطارئ الديموغرافي انعكاسه الجدي والعميق على تطلعات حزب العدالة والتنمية، ما يدفعه إلى الانخراط في شكل استراتيجي في معادلة الصراع السني - الشيعي ومحاولة وقف سلسلة التحولات الديموغرافية قبل الوصول إلى العمق التركي.

وقال إن "هذه القناعة لم تأتِ من فراغ، وهي ترتكز على أرضية ثابتة عند الأتراك، فهم يستشعرون ارتفاعاً في منسوب الوطنية لديهم يصل إلى حدود التحضير للانتقال إلى النظام الرئاسي من دون عوائق جدية، مع تماهي أحزاب المعارضة والموالاة في النظر إلى الأخطار الخارجية.

في المقابل، يستشعر العرب انخفاضاً في منسوب الشعور القومي لينحازوا أكثر إلى تركيا في سجالها مع حكومة بغداد، وليتحول الرهان على تركيا واحداً من عوامل الحفاظ على كيانات المنطقة وهويتها وثباتها الجغرافي أمام خطر التوسع الإيراني".

وبحسب أبو كروم، فإن "عرب إيران لا يحفزون انخراط الثقل التركي بهذا الصراع، ويتذكرون محاسن القومية بعدما باعوا أنفسهم للفرس!".

ورأى أن "الهواجس التركية لا تقف عند هذا الحد، وما لم يقله أردوغان بعد يتعلق باصطدامه بجوهر المشروع الإيراني الذي إن نجح في إتمام هلاله الشيعي، فذلك يعني فصل تركيا عما تبقى من العالم العربي وسنة العراق والجزيرة العربية".

ولفت إلى أن الموصل وحلب تشكلان في العقل التركي امتداداً طبيعياً لعلاقات ثقافية وتجارية مع كتلة كبيرة من الأتراك الذين يصلون إليهما قبل الوصول إلى أنقرة أو اسطنبول، والمُمسك بهاتين المدينتين لديه تأثير كبير في الداخل التركي لطبيعة العلاقات التبادلية.

وأضاف: "داعش أجاد اللعب على هذا الأمر، فشرع في فرض قواعد اشتباك مع تركيا حين اعتقل البغدادي الديبلوماسيين الأتراك من القنصلية التركية في الموصل، علماً أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي كانت تملك قنصلية هناك.

ولهذا الأمر انعكاسه على الداخل، فلتركيا هواجس من اقتراب "الدعوة" الشيعية من المدن المتاخمة لحدودها مع وجود ما بين 15 إلى 20 في المئة من العلويين بين سكانها، ومع أن هؤلاء شكلوا الدعامة الأساسية للنظام العلماني مع أتاتورك".

كما أشار إلى أن "نموذج تطور حالة الحوثي بين اليزيديين في اليمن شاخص أمام أعين أردوغان وحزبه، لا سيما أن المحافظات المحاذية للمملكة العربية السعودية في اليمن تحولت إلى منصات صواريخ موجهة إلى أراضي المملكة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!