ترك برس

اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأسيس منظومة أمنية مشتركة، ولم يتم الاتفاق النهائي بين الطرفين إلا أنهما قررا بدء عملية تشاور مشتركة حول تفاصيل المشروع وإمكانية تحقيقه.

وقد كان الاقتراح الروسي مثار تساؤل لدى العديد من الخبراء والأكاديميين المتابعين للشأن التركي، بالنظر إلى أن تركيا إحدى الدول الأعضاء في حلف الناتو، فمجرد طرح بوتين هذا الاقتراح أمر غريب، ولكن الأغرب من ذلك هو قبول تركيا مناقشة هذا العرض.

توجب التهديدات الأمنية المحيطة على تركيا تأسيس منظومة دفاعية متكاملة على حد رأي الخبير في العلاقات الدولية والعلوم السياسية مصطفى كبار أوغلو الذي أوضح أن تركيا طلبت من الناتو تأسيس هذه المنظومة ولكن عددًا من دوله أعلنت العام الماضي سحب منظوماتها الدفاعية من الأراضي التركية لانتهاء حاجة تركيا لها، متسائلًا: من هم الخبراء العسكريون الذين قرروا أن هذه التهديدات التي هي في أوج اشتعالها قد انتهت؟ أم أنه قرار سياسي بحت يُرجى من ورائه تشكيل ضغط على الحكومة التركية؟

رأى كبار أوغلو أنه بغض النظر عن السبب الحقيقي الذي دفع دول حلف الناتو لسحب معداتها، إلا أن تلويح الحلف بسحب قواته ما بين الفينة الأخرى تسبب بقلق لدى الحكومة التركية التي اضطرت للبحث عن بديل لتأسيس منظومة أمنية هي بأمس الحاجة إليها في الوقت الحالي.

وأشار كبار أوغلو إلى أن تركيا تحاول الحصول على منظومة دفاعية جوية رادعة ومتكاملة منذ اشتعال حرب الخليج في كانون الثاني/ يناير 1991، حين نشرت الولايات المتحدة دفاعات أرضية جوية من طراز باتريوت، وطلبت الحكومات التركية المتتالية من الولايات المتحدة نصب منظومة دفاع جوية ثابتة، فوضعت القيادة الأمريكية حينها الأمر على جدول مفاوضاتها مع تركيا، وإلى الآن لم يتحقق أي شيء فعلي.

وفي مقاله على موقع الجزيرة ترك "التحالف الأمني المحتمل بين روسيا وتركيا فيما يتعلق بمنظومة الدفاع الجوي"، وصف كبار أوغلو التحرك التركي للبحث عن بديل للمماطلة الأمريكية بأنها أمر ضروري تفرضه قواعد الحفاظ على وجود الكيان القومي لتركيا، مبينًا أنها أمام تهديد لوجودها ووجود نظامها الديمقراطي، ومهيبًا بالناتو للقيام بمهامه الأمنية والردعية المتفق عليها، إلا أنه لم يحرك ساكنًا، وبالرغم من التوصل إلى مشروع تركي أمريكي إسرائيلي يحمل اسم "أرو" Arrow لنصب نظام حماية جوي في نهاية تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه بقي حبرًا على ورق ولم ينفذ فعليًا.

ووفقًا لكبار أوغلو، فقد دفع التقاعس الأمريكي أو تقاعس حلف الناتو بشكل عام في توفير الحماية المطلوبة للحدود التركية تركيا إلى التقارب مع إيران لتطوير التعاون العسكري على كافة الأصعدة، وقد تم الاتفاق المبدئي على تزويد إيران تركيا بصواريخ بالستية يصل مداها إلى ألفين و500 كيلومتر، إلا أن ذلك لم يتم لتدهور العلاقات التركية الإيرانية جراء الأزمة السورية، وخشيت إيران من تزويد تركيا بهذه الأسلحة لوجود احتمال لاستخدام تركيا هذه الأسلحة ضد النظام.

ووفقًا لكبار أوغلو، فقد أعلنت تركيا بعد ذلك حاجتها لشركة عسكرية تعمل على تأسيس منظومتها الدفاعية، وكان لشركة CPMIEC الصينية حظ موفق في كسب المناقصة التي أعلنت عنها تركيا، إلا أن حلف الناتو انتقد تركيا بشدة مبينًا لها أن هذا النظام لن يعمل بتناغم مع رادارات الناتو، كما أن الصين يمكن أن تصل إلى معلومات الناتو السرية عبر هذا النظام، وطلب من الطرف التركي إيقاف العمل المشترك مع الصين، إلا أن الطرف التركي أوضح أنه بحاجة ماسة لهذا النظام وسيطلب من الشركة الصينية العمل على تصنيع نظام يتناغم مع أنظمة الناتو، وسيتم تشديد الاحترازات الأمنية لمنع أي عملية تجسس صينية.

وأضاف كبار أوغلو أن الطرف التركي أجل الاتفاق النهائي مع الشركة الصينية أملًا في أن تعمل هذه الخطوة على تحريك حلف الناتو لتأسيس نظام حماية يدار من قبل تركيا، وبعد مرور عامين على توقيع الاتفاق المبدئي عبرت الشركة الصينية عن انزعاجها وعملت في نوفمبر 2015 على إلغاء الاتفاق.

وبالنظر إلى المراوغة المستمرة من قبل الناتو إلى جانب التهديدات المتنامية تجاه تركيا، اعتبر كبار أوغلو قبول القيادة التركية بالعرض الروسي أمرًا طبيعيًا، مشيرًا إلى أن توقيع اتفاق تركي روسي نهائي أمر شديد الاحتمال في ظل انعدام الخيارات البديلة أمامها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!