ترك برس

رأى الباحث في شؤون الشرق الأوسط "أويتون أورهان" أن الإدارة الأمريكية تبحث عن حكاية بطولة قبل ترك سدة الحكم، الأمر الذي يدفعها إلى تسريع عملية التفاوض مع الدول الفاعلة لإجراء عملية تحرير للموصل والرقة، مبيناً أن تحرير الموصل قبل الانتخابات الأمريكية بأسابيع يثير القلق لدى الكثير من المتابعين فيما يتعلق بالقوة التي ستدير مرحلة ما بعد تحرير الموصل إلى أن تستعيد أمريكا استقرارها الرئاسي.

وباتت تلوح في الأفق الكثير من التساؤلات المتعلقة بالموصل ما بعد التحرير أبرزها: ما هي القوى التي ستملأ الفراغ الذي ستولده عملية التحرير؟ ما هي حيثيات الثقة الأمنية بين الحلفاء المتعاونين في عملية التحرير؟

يجيب عن هذه التساؤلات أورهان الذي يعمل كباحث أول في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام"، وذلك في دراسته الأكاديمية الحاملة لعنوان "ما بعد الموصل والرقة؛ التهديدات والمصالح المتناحرة"، والتي نُشرت على الصحيفتين الإلكترونيتين لوكالة الأناضول وأورسام.

وشرع أورهان دراسته بالإشارة إلى أن كافة القوى الفاعلة ترغب في أن تسيطر السلطة العراقية المركزية على مركز الموصل، ولكن لا تُلاحظ هذه القوى أن الجيش العراقي فقد هويته كقوة وطنية منذ زمن، موضحاً أن ثلة كبيرة من أهالي الموصل تصف الجيش العراقي "بالقوة المحتلة" ولا ترى بينه وبين الحشد الشعبي أي فرق.

وأشار أورهان إلى أن الجيش العراقي والحشد الشعبي يتعاملان مع المواطنين السنة بلا استثناء على أنهم مشتركون مع داعش في السيطرة على المناطق السنية وقتل الجيش العراقي بها، وهذا ما يدفعهم إلى التحرك بدافع الانتقام منهم، مبيناً أن سيناريوهات عدة تلوح في الأفق حول مرحلة ما بعد تحرير الموصل.

ـ توسيع إقليم كردستان رقعته الجغرافية:

في إطار ذلك، أكّد أورهان أن مؤشرات عدة توضح أن إقليم كردستان يتحرك بدافع السيطرة على أكبر قدر ممكن من مناطق الموصل الغربية المحاذية لحدوده الذاتية غير آبه بمن سيحكم المركز، موضحاً أن بارزاني حليف تركيا الأقوى في العراق،  تتحرك قواته ببعض التنسيق مع حزب العمال الكردستاني الذي ترفض تركيا انتشاره في المناطق القريبة من الموصل، وهنا اختبار حقيقي للتحالف الذي يجمع أنقرة وأربيل.

وفي ضوء توقعه، بيّن أورهان أنّه من الممكن أن تستمر تركيا في استهداف بؤر حزب العمال الكردستاني كما تفعل اليوم، موضحاً أن هذا السيناريو سيّء بالنسبة إلى تركيا التي ستصبح مضطرة إلى توسيع عملها الاستخباري والجوي لتقويض تحركات حزب العمال الكردستاني.

وبحسب أورهان، فإنه من الصعب لتركيا الاستناد إلى قوات الحشد الوطني التي قامت بتدريبها لإحباط تحرك قوات حزب العمال الكردستاني أو قوات الحشد الشعبي إلى داخل الموصل، نظراً لقلة عددها وضعف خبرتها وانعدام الداعم الدولي لها.

إن هذا السيناريو بالنسبة إلى تركيا سيف ذو حدين، فمن جهة يؤدي دوراً إيجابياً في سيطرة الإقليم على المناطق السنية وإجهاض الحشد الشعبي من دخولها وارتكابه مجازر بحق المواطنين العزل، ومن جهة أخرى يوسع نطاق الامتداد الجغرافي لقواعد حزب العمال الكردستاني، على حد ما يوضحه أورهان الذي يقترح رفع تركيا مستوى توازن القوى مع الإقليم، لتشمل تمرير أنابيب تصدر النفط الخاص به عبر، تركيا بشكل سريع، إلى جانب رفع مستوى الدعم العسكري والسياسي للإقليم الذي ترفض إدارته الحاكمة وجوده، ولكنها تعجز عن طرده لضعف القدرات العسكرية للبشمركة ودعم إيران والأحزاب الكردستانية المعارض وجوده.

ـ تشرذم الموصل:

يلمس حزب العمال الكردستاني بالتعاون مع بعض مقاتلي قوات الحماية الشعبية فرض السيطرة على الخط الواصل بين سنجار وعفرين حسبما يوضح أورهان الذي يؤكد أن هذا هو العامل الأساسي في دفع تركيا لفرض نفسها بقوة في عملية تحرير الموصل.

وإلى جانب ذلك، بيّن أورهان أن الحشد الشعبي أيضاً سيسعى إلى سيطرة على بعض المناطق لإحداث تغيّر مذهبي في تركيبة السكان، ولا يوجد رادع حقيقي يصده عن ذلك، مشيراً إلى أن توغل الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني سيفضي إلى مكوث العرب السنة في منطقة بعشيقة ومحيطها فقط، وللجمهما عن تقسيم الموصل دعا أورهان الحكومة التركية إلى تكثيف نشاطها الدبلوماسي والعسكري في العملية.

وحسب ما جاء في دراسة أورهان، فإن تركيا اليوم تمتلك ورقة قوية حازت عليها بعد أن حققت نجاحا باهرا وسريعا في عملية "درع الفرات"، لذا لا بد لتركيا من الاستناد إلى هذا النجاح واستغلال رغبة الولايات المتحدة في التعاون قبل أن تقع الفأس في الرأس.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!