أحمد تاشكاتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

هل كان حزب الشعوب الديمقراطي ينتظر ذلك؟ بالتأكيد لا، كانوا يعتقدون بأنّ الدولة التركية لن تمسهم خوفا من التبعات الدولية، ولذلك قاموا بما يحلو لهم، مُعتمدين على مراكز القوى الدولية، ولهذا السبب تراجعوا عن قرار ترك السلاح، واعتقدوا بأنّ المجتمع الدولي يريد دعم الحراك الانفصالي للأكراد، وقاموا بافتعال أعمال إرهابية جديدة، وكان حزب الشعوب الديمقراطي الذراع السياسي لهذا الحراك.

ارتكبوا كل ما يُخالف القانون، واعتقدوا بأنه لا يُمكن المساس بهم، لكن الدولة عملت معهم الواجب من مُنطلق تساوي جميع المواطنين تحت طائلة القانون، واعتبرت ما قام به نواب حزب الشعوب الديمقراطي مخالفا للقانون وبصورة متكررة، ولذلك قررت المحكمة استجوابهم لكنهم رفضوا المثول أمامها، وبالتالي اعتقلتهم الشرطة التركية.

السؤال هنا، هل ستقضي هذه التطورات على الحراك السياسي الكردي؟ طرحت هذا السؤال على مواطنين أكراد، وقالوا لي إنّ تشكل مثل هذا الشعور لدى مؤيدي حزب العمال الكردستاني أمر وارد. لكن كم عدد هؤلاء؟ هل تصل نسبتهم إلى 13% هي النسبة التي حصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 حزيران/ يونيو عام 2015؟ الإجابة جاءت بالنفي القاطع، هل تصل الى 6%؟ مُمكن.

لا شك أنّ الهدف من اللعب على وتر "القضاء على الحراك السياسي الكردي" والترويج له وبيعه، يأتي في سياق إرسال الرسائل إلى "البؤر الخارجية"، يأتي ذلك بعد وصول السياسيين الأكراد إلى قناعة بأنّ "أردوغان قادر على حل هذه القضية"، وأنه اتخذ خطوات جادة وعملية لحل مشاكل الهوية، ومنحهم كافة الحقوق، واقترب من إنهاء الأمور والوصول إلى حل سياسي، لكنهم في آخر لحظة لجؤوا إلى حمل السلاح بدلا من تركه.

وصلت تركيا اليوم إلى مرحلة مكافحة الإرهاب من جديد، ولكن هذه المرة في إطار خطة إقليمية، خصوصا في فترة مرور 100 عام على اتفاقية سايكس- بيكو ومحاولة إعادة رسم خرائط المنطقة، وهذا يجعل هذه المسألة أكثر حساسية وخطورة.

ربما يعتقد حزب الشعوب الديمقراطي بأنّ بإمكانه الاستمرار في رسم المؤامرات ضد تركيا من خلال الإغراء والدعم الغربي له، لكن عليهم أنْ يدركوا بأنّ علاقات تركيا مع الغرب متوترة جدا، ومع "حلفائها"، ولذلك سيكون تعامل تركيا مع مثل هذه الملفات بعيدا عن الضغوطات والإملاءات سواء من أوروبا أو من أمريكا.

نحن نقول للغرب إنّ الإرهاب يضربنا ولا نستطيع غض الطرف عنه، لكنهم لا يتفهمون مصادر قلقنا، بل ينتقدون إدارة الحُكم في تركيا ويوجهون لهم الاتهامات، ويهددون بالإقصاء من المؤسسات الغربية. نحن نقول "ماضون في طريقنا مهما كلف الأمر"، والغرب يقول "مصرون على موقفنا مهما كلف الأمر"، فإلى أين ستصير الأمور؟ هل سيقود ذلك إلى معادلات استراتيجية مختلفة؟ وكيف سيكون ثمن ذلك؟

نختم حديثنا بالعودة إلى حزب الشعوب الديمقراطي: هل حزب الشعوب الديمقراطي أداة عقابية بيد الغرب بسبب محاولات تركيا الخروج من الوصاية والهيمنة الغربية في منطقة مضطربة تشتعل فيها النيران في كل مكان؟

عن الكاتب

أحمد تاشكاتيران

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس