محمود عثمان - خاص ترك برس

مجلس النواب الأمريكي يفرض عقوبات على إيران. الإدارة الأمريكية تخصص سبعة مليار دولار لملاحقة تحركات الروس في أمريكا. الانتخابات الفرنسية تتجه نحو حكومة يمينية متشددة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تنوي الترشح لفترة رابعة. انتخابات النمسا على الأبواب، ونتائجها لن تكون بعيدة عن اليمين المتشدد.

إيران أيضا على أبواب الانتخابات، والإبرة تتجه لصالح تيار الملالي أصحاب المشروع الفارسي التوسعي المتطرف. الهند أيضا على الطريق نفسه، حيث من المتوقع وصول اليمين إلى السلطة. قديما قالوا: "إنك لن تجني من الشوك العنب". وصول هذه القوى اليمينية المتشددة إلى سدة الحكم لا يمكن أن يأتي بسلام وتفاهم، لا على الصعيد الإقليمي ولا على الصعيد الدولي... كوكبنا ماض إلى مزيد من التطرف والجنون.

البرلمان التركي أقر مشروع "السيل التركي" الذي يقضي بتدفق الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا. تركيا تتجه نحو الشرق أكثر فأكثر، وتترأس لجنة الطاقة في منظومة شنغهاي، والرئيس التركي انتقل من التلميح إلى التصريح بأن تركيا لن تنظر أكثر على عتبة الاتحاد الأوروبي، إذ لديها خيارات وبدائل تغنيها عن التسول على أبواب أوروبا.

منطقة الشرق الأوسط والعالم القديم على شفير حرب ساخنة. أمريكا ترسل إلى البحر الأبيض المتوسط سفينتي إنزال هجوميتين تحملان 4000 طائرة مقاتلة. والروس حشدوا صواريخهم على الحدود مع أوروبا. أمريكا تخصص مبلغ سبعة مليار دولار لرصد تحركات الدبلوماسيين الروس. قرار الأمريكان بتقييد تحركات الدبلوماسيين الروس تصعيد هام وخطير. إذ مثل هذا الإجراءات لا تقدم عليها الدول إلا في أوقات الحروب.

واضح للعيان أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اعتمد في اختيار طاقمه للأمن القومي على الخيارات العسكرية. إذ جاءت تعييناته منصب مستشار الأمن القومي، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، ووزارتي العدل والدفاع، لتدل على العودة إلى الخيارات العسكرية والسياسية التي سادت الولايات المتحدة بعد اعتداءات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وهذا يعني حتمًا العودة إلى مفهوم الحرب، إضافة إلى زيادة المواجهة مع طهران والتلويح صراحة بإلغاء الاتفاق حول برنامجها النووي.

إن تعيين ترامب للجنرال المتقاعد مايكل فلين مستشارا للأمن القومي، والسيناتور جيف سيشنز لمنصب وزير العدل، ومايك بومبيو مديرًا لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) يعكس التوجه الصريح لوضع وتنفيذ سياسات المواجهة العسكرية، من خلال توسيع السلطات الرئاسية وتقوية مفهوم الحرب على الإرهاب، بما في ذلك العمل العسكري من جانب واحد.

وزير الدفاع الأمريكي الحالي أشتون كارتر صرح يوم السبت الماضي قائلا: (إن الولايات المتحدة لا تريد حربا مع روسيا "لا باردة ولا ساخنة"). غير أنه استدرك "ولكن أمريكا ستدافع عن حلفائها، والنظام العالمي، وستواجه نية تقويض الأمن الجماعي"... كارتر شدد على ضرورة "الموقف المتوازن" للإدارة الأمريكية تجاه روسيا، الذي يتلخص في "ردع موسكو بالتزامن مع استمرار التعاون الثنائي معها فقط في المجالات التي توجد فيها أهداف ومصالح مشتركة".

لكن كارتر ذاته عاد واتهم روسيا مجددا بـ"استفزاز أوروبا"، وتصعيد التوتر في أوكرانيا، وبدورها "السلبي" في سورية، إضافة إلى وقوف موسكو وراء "الهجمات الإلكترونية" و"التهديدات بسلاح نووي". واعتبر كارتر أن قرار حلف الشمال الأطلسي بنشر القوات الإضافية في دول بحر البلطيق وبولندا يهدف إلى ردع "الأعمال العدائية" الروسية في المنطقة.

وزارة الدفاع الروسية من جهتها أعلنت على لسان متحدثها الرسمي اللواء إيغور كوناشينكوف، أن الولايات المتحدة هي التي تمثل تهديدا للأمن في أوروبا، وذلك عن طريق نشرها أسلحتها في أوروبا، مشيرا إلى نشر عناصر من الدرع الصاروخية الأمريكية في بولندا ورومانيا، إضافة إلى خطط لنشر وحدات إضافية للناتو في دول بحر البلطيق. 

وبينما ترتفع وتيرة الصراع والتجاذبات بين القوى الدولية العظمى، تسعى القوى الإقليمية إلى حجز موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط، من خلال السعي إلى تحديد مناطق نفوذها وتوسيع هيمنتها. وبين هذه وتلك تستمر حرب ظالمة تطحن رحاها شعوبًا ضعيفة مغلوبة على أمرها، ثارت ضد جلاديها، وإذ بها تجد نفسها وسط حرب بالوكالة لا ناقة لها بها ولا جمل... حرب ليس في قاموسها مكانا للأخلاق ولا للضمير ولا للوجدان.

عن الكاتب

محمود عثمان

كاتب سياسي مختص بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس