كايا غينتش - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

لفترة طويلة بدت متاحف تركيا ومعارضها الفنّية في مأمن من سحر الإنترنت. وكان على من يرغب في رؤية الأعمال الفنية العظيمة في متحف مدينة إسطنبول للفنّ الحديث "إسطنبول مودرن" أن يركب قطاراً إلى كاراكوي. كما يمكن الاستمتاع بمعارض "سالت غالاطة" فقط من قبل من لديه الاستعداد للذهاب إلى عنوانه في شارع "بانكالار". ومن دون الذهاب بالسيارة إلى "إميرجان" لم يكن بالإمكان التعرّف على العرض الجديد الذي كان يعرضه متحف "صاكب صبانجي" لزواره.

غير أنّ الأمور اختلفت في الأشهر القليلة الماضية، بفضل "معهد جوجل الثقافي" (https://www.google.com/culturalinstitute)، الذي يحوّل ملايين القطع الأثرية من المتاحف والمجموعات الفنّية إلى نُسخ رقمية، وبات توجيه المُتصفّح إلى الموقع الصحيح أهمّ من قيادة السيارة إلى العنوان الصحيح. وقد دخلت بعض أهمّ المؤسسات الثقافية في العالم في شراكة مع جوجل، بما فيها "المتحف البريطاني" و"المتحف الوطني في روما MAXXI" و"متحف ليوبولد" في فينّا، لتقدّم مجموعاتها لمستخدمي الإنترنت مجّاناً ودون أي جهد بدني.

يقول معهد جوجل الثقافي على موقعه على الإنترنت: "دخلت مئات المتاحف والمراكز الثقافية والأراشيف في شراكة مع جوجل، لاستضافة الكنوز الثقافية العالمية على الإنترنت... ونحن نبني بالتّعاون مع فريق مخصص من شركة جوجل الأدوات التي ستسمح للقطاع الثقافي بعرض مزيد من تراثه المتنوع على الإنترنت، مما يجعلها في متناول الجميع. وهنا يمكنك إيجاد الأعمال الفنية ومعالم ومواقع التراث العالمي، وكذلك المعارض الرقمية التي تسرد القصص وراء أراشيف المراكز الثقافية في جميع أنحاء العالم".

في الولايات المتحدة الأمريكية هناك 78 مؤسسة مُمثّلة على منصّة المعهد الثقافي. بينما يظل عدد المؤسسات الثقافية التركية متواضعاً نسبياً لكنّه يُقدّم مُحتوىً ذو نوعية عالية. وقد حجز كلّ من "معهد إلجيز للفنّ المعاصر" و"إسطنبول مودرن" و"متحف بيرا" و"متحف صاكب صبانجي" و"سالت" مساحاتهم التي افتتحت على منصّة معهد جوجل الثقافي. وعلى الرغم من أنّ جوجل كشفت النقاب عن مبادرتها في وقت مبكر من عام 2011، إلّا أنّ المعهد لم ينطلق حتّى العامين الأخيرين. وقد تمّ الإعلان عن 42 معرضاً تاريخياً في تشرين الأول/ أكتوبر 2012، بما فيها "يوم النّصر D-Day" (الذي يعرض صور الهبوط في النّورماندي الشهيرة، والرسائل الشخصية ونظام D-Day بحدّ ذاته)، وتتويج الملكة إليزابيث الثانية (مجموعة لتتويج عام 1953 تتضمن صوراً ملوّنة)، والحبّ المأساويّ لأوشويتز (يضمّ قصة حبيبين يحاولان الهرب من أوشويتز).

مع تزايد قائمة شركاء معهد جوجل الثقافي، بما فيهم "منزل آن فرانك" في أمستردام، ومتحف الدولة "أوشويتز بيركناو" في بولندا، و"المتحف البولندي للتاريخ"، و"سميثسونيان فرير آند ساكلر" في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ عدد زوار المعهد من جميع أنحاء العالم يرتفع باستمرار.

معهد جوجل الثقافي سهل جداً للاستخدام. عندما اخترت "سالت" من قسم "المجموعات"، ظهرت لي ستّ معارض مختلفة، تتضمّن واحداً عن البنك العثماني. معرضٌ آخر كان يهتمّ بمركز أتاتورك الثقافي وضمّ صوراً قديمة لميدان تقسيم، ومبنى أوبيرا إسطنبول، ولقطات من "مركز المِنحلَة". وكان بإمكاني أن أحفظ صوراً عالية الدّقة وأرسلها إلى أصدقائي. يستطيع المستخدم أن يقضي ساعات وهو يتصفح الأراشيف المرتّبة من قبل مهنيّين. كما شاهدت في الصفحة الأولى من جريدة "غونايدن" بتاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1970 والّتي تُقرأ: "مضى 23 عاما على بناء المركز الثقافي واستغرق حرقُه إلى رماد 45 دقيقة". هذه وثيقة تاريخية ربّما يجد الباحث صعوبة في إيجادها في أي مكان آخر. تتضمّن الأراشيف كذلك رسائل مكتوبة بخطّ اليد ووثائق رسمية عُرِضت في معارض "سالت".

ربّما يكون الجانب الأكثر متعةً في المعهد الجولات الافتراضية التي تتحرك 360 درجة لِتُمكّن المتصفّحين من أخذ جولة رقمية في أماكنهم الفنيّة المفضّلة. وباستخدام الأسهم على الحواسيب، يمكن للمستخدم أن يمشي بداخل متحف بيرا، ويشاهد الأعمال من مجموعاته الدائمة ويزور المقاهي على مدخله. معرض بيرا "العوالم المتقاطعة: سفراء ورسّامون"، الّذي يضمّ صوراً لسفراء ورعاية السّفراء من القرن السابع عشر وحتّى القرن العشرين، هو مُتاح للزوّار في جولة افتراضية. من المثير للاهتمام، أنّ عالم معهد جوجل الثقافي هو عالمٌ آسِر، بمجرّد دخول بوّاباته، فإنّك قد تصاب بالإدمان.

عن الكاتب

كايا غينتش

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس