مولود جاويش أوغلو - دورية السياسة التركية - ترجمة وتحرير ترك برس 

تجاوز عدد النازحين قسرا في جميع أنحاء العالم 65.3 مليون شخص، من بينهم 21.3 مليون لاجئ. ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يُشرد أربعة وعشرون شخصا في كل دقيقة في أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي نهاية عام 2010 كان هناك 43.6 مليون من النازحين قسرا في جميع أنحاء العالم، ما يعني أن هناك زيادة تقدر بخمسين في المائة على مدى السنوات الست الماضية، وأن الصراع السوري هو المتسبب في ارتفاع هذه الأرقام.

منذ بداية الصراع السوري في عام 2011:

* فقد أكثر من نصف مليون سوري حياتهم، وجُرح أكثر من مليون شخص.

*صار أكثر من 13.5 مليون سوري يعتمدون على المساعدات الإنسانية، ونصف هؤلاء من الأطفال.

* نزح 6.5 مليون سوري داخل بلادهم.

* أجبر 4.8 مليون سوري على الفرار إلى الدول المجاورة.

لم يكن رد الفعل العالمي على هذه الكارثة الإنسانية سريعا أو شاملا بما فيه الكفاية للمساعدة في تخفيف المعاناة. تنقسم دول الاتحاد الأوروبي بشدة إزاء أزمة اللاجئين، وتفتقر إلى نهج جماعي منسق لسياستها حول الهجرة واللجوء. واستجابة لهذه الأزمة بدأت بعض الدول سياسات أكثر تقييدا للهجرة،وشرّعت تدابير قاسية ضد المهاجرين. إن رفض دخول اللاجئين وإبعادهم عند حدود بعض الدول الأوروبية لا يعدو أن يكون عملا يندى له الجبين.

ســياســة تـركـيا تـجاه الـســوريـيـن

فتحت تركيا أبوابها للسوريين منذ أبريل/ نيسان 2011 . ومنذ ذلك الحين ما تزال تركيا تسمح للسوريين بدخول البلاد من خلال الالتزام الدقيق بالقانون الدولي، ولا سيما الالتزام بمبدأ عدم الإعادة القسرية.

وقد حددت التشريعات التركية وضع السوريين وحقوقهم.

استنادا إلى نظام الحماية المؤقتة المعتمد في أكتوبر/تشرين الأول 2014 منح السوريون وضع الحماية المؤقتة في تركيا. وخلال الخطوة الأولى في عملية الموافقة على الحماية المؤقتة يجرى الفحص الطبي والتسجيل، وتصدر وثيقة هوية الحماية المؤقتة لكل فرد.في المرحلة التالية يمنح اللاجئ السوري الذي حصل على الحماية المؤقتة الاختيار بين أن يقيم في مراكز الحماية المؤقتة أو أن يعيش في المناطق الحضرية. ولتوضيح ذلك ببساطة فإن تركيا لا تجبر السوريين على العيش في المخيمات أو في أي مكان آخر دون موافقتهم، وهذه إحدى الخصائص الفريدة لسياستنا المتعلقة بسوريا.

يوجد اليوم 24 مركز حماية مؤقت تديرها إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) في عشر مدن مختلفة (هطاي، وكيليس، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا، وماردين، وأضنة، وأديامان، وملاطية، وكهرمان مرعش، وعثمانية). يقيم ما يقرب من 260 ألف سوري وستة آلاف عراقي في هذه المراكز، ويزودون بالمواد الغذائية وغيرها والرعاية الصحية والخدمات التعليمية، فضلا عن تقديم المساعدة النفسية والاجتماعية والتدريب المهني.

ومن أجل إدارة هذه المركز إدارة أكثر فاعلية، قسم كل مخيم إلى وحدات إدارية تسمى الأحياء تعقد فيها انتخابات دورية لاختيار ممثلين لإدارة المخيم. وتشجع النساء والشباب على المشاركة في أنشطة اللجان المختصة. هذه الآلية تمنح السوريين الفرصة لتجربة الديمقراطية النيابية.

من ناحية أخرى، يعيش ما يقارب 2.5 مليون سوري في المناطق الحضرية في جميع أنحاء تركيا. وبضم هؤلاء إلى المقيمين في المخيمات يتجاوز عدد السوريين المتمتعين بنظام الحماية المؤقتة في تركيا 2,7 مليون (2,758,409  مسجلين اعتبارا من 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) وهو ما يعادل 15% من سكان سوريا قبل الحرب. ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن تركيا بهذه الأرقام تضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم.

منذ عام 2011 ولد 178.000 طفل سوري في تركيا، وهؤلاء الآن في السادسة من العمر. تولي تركيا أهمية قصوى للحياة الجيدة لهؤلاء، وتسعى جاهدة لمنحهم بداية جيدة في الحياة، تؤخذ مصالح الأطفال الفضلى في الحسبان، وتعطى الأولوية لذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما القاصرين الذي يعيشون دون ذويهم.

وإذا وضعنا في الحسبان أن الاستثمار في تعليم الأطفال اللاجئين هو أمر بالغ الأهمية، فإن تركيا تبذل كل جهد ممكن لضمان انتظام الأطفال في المدارس، إذ نعتقد أنهم يمثلون مستقبل سوريا، وأنهم سيعيدون بناءها دولة مستقرة وديمقراطية ومزدهرة. ومن بين 835 ألف طفل سوري في سن التعليم في تركيا انتظم 463 ألفا منهم في المدارس العامة والمدارس الفنية. وارتفعت نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية ارتفاعا كبيرا لتصل إلى 99%. تشكل الفتيات السوريات 50.4% من الطلاب السوريين. ونهدف إلى الحفاظ على معدلات الانتظام في التعليم في جميع المراحل التعليمية، ومن أجل تحقيق ذلك هناك حاجة ماسة إلى مدارس جديدة ومعلمين جدد.

ليس لدينا وقت لنضيعه، حيث إننا لا نريد أجيالا ضائعة. يجب على المجتمع الدولي أن يتصرف بمسؤولية وأن يتخذ خطوات فورية لمساعدة تركيا بفاعلية أكبر في هذه المسألة.

وقد اتخذنا أيضا الخطوات اللازمة لجعل الرعاية الطبية الفضلى متاحة للشعب السوري، ويمكن لجميع السوريين الخاضعين لنظام الحماية الاستفادة من نظام الرعاية الصحي التركي مجانا. وحتى الآن عالج الأطباء الأتراك أكثر من عشرين مليون مريض، وأجريت 780 ألف عملية جراحية.

لقد أنفقت تركيا أكثر من 12 مليار دولار من موازنتها العامة، وبلغ إجمالي النفقات 25 مليار دولار أمريكي تشمل مساهمات البلديات والمنظمات المحلية غير الحكومية. ورغم ذلك فإن المساعدات المالية المباشرة التي تلقيناها من المجتمع الدولي لا تتعدى 512 مليون دولار أمريكي فقط.

وبالإضافة إلى جهودها في الداخل التركي، استمرت تركيا منذ عام 2012  في ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الشمالية في سوريا من خلال العمليات التي نفذها الهلال الأحمر التركي على الحدود، انسجاما مع التزاماتها الدولية، ودعما لحملة الأمم المتحدة. وتبلغ القيمة الإجمالية للمساعدات الموجهة إلى سوريا خلال هذه العمليات 535 مليون دولار أمريكي.

تعاونت تركيا أيضا تعاونا وثيقا مع الأمم المتحدة في إتاحة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة عبر الحدود إلى شمال سوريا منذ يوليو/ تموز 2014.

وبالإضافة إلى نقل المساعدات الإنسانية من نقطة البداية في تركيا، تمكنت الأمم المتحدة من إرسال المساعدات الإنسانية بانتظام عبر الحدود التركية من  المعابر الحدودية  باب السلامة، وأونجو بينار وباب الهوى وجيلفا غوزو، في إطار قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 2165 و2191، ومن خلال المعبر الحدودي نصيبين- القامشلي في إطار القرار 2139.

ينبغي للمرء أن يأخذ في الحسبان أن الكرم الذي أبدته تركيا تجاه السوريين والمحتاجين إلى الحماية الدولية ينعكس أيضا في السياسات التي تباشرها تركيا في المنطقة في مجال الهجرة. يشكل الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي الموقع في 18 مارس/ آذار مثالا جيدا في هذا الصدد. أخذت تركيا زمام المبادرة في صياغ اتفاق 18 آذار/ مارس الذي يدين بنجاحه لجهودنا الكبيرة  في بحر إيجة، لا بإنقاذ الأرواح والقضاء على عمليات التهريب فقط، بل بالترحيب أيضا بالمهاجرين الجدد من جزر بحر إيجة دون تمييز. ومن ثَم وبالإضافة إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين لاجئ نوفر لهم المأوى، فإننا لا ندخر جهدا من أجل إيجاد ظروف معيشية ملائمة لهؤلاء القادمين الجدد.

عن الكاتب

مولود تشاووش أوغلو

وزير الخارجية التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس