جلال سلمي - خاص ترك برس

لم تمر الجولة الاستطلاعية التي قام بها رئيس هيئة الأركان التركية "خلوصي أكار" في محيط بحر إيجة، وبالأخص بالقرب من جزيرة "كارداك" أو "إيميا" المتنازع عليها بين تركيا واليونان، مرور الكرام، بل أدت إلى ظهور نوع من التصعيد السياسي والإعلامي بين الدولتين، لا سيما وأن العلاقة بين البلدين شهدت أزمة شديدة بخصوص النفوذ السيادي على الجزيرة عام 1996.

يحمل توقيت الجولة رسائل هامة أرادت تركيا على ما يبدو إرسالها إلى جارتها، ويمكننا قراءة هذه الرسائل على النحو الآتي:

ـ رسائل سياسية: الرسالة الأولى كانت، على الأرجح، للتعبير عن رفض تركيا محاولة اليونان لفرض مسار الحل فيما يتعلق بقضية قبرص التي تريد اليونان حلها من خلال القضاء على النفوذ التركي، فأرادت تركيا إظهار رفضها القاطع لذلك عبر الاتجاه للتصعيد الميداني، والاقتراب من جزيرة أخرى ما زال الطرفان يتنزعان عليها.

والرسالة السياسية الثانية تتمثل في التعبير عن غضب تركيا على قرار المحكمة الدستورية اليونانية رفض تسليم 8 ضباط أتراك شاركوا في محاولة الانقلاب على الحكومة التركية، وفروا إلى اليونان، لتبدو وكأنها تقول لليونان إن "عدم تسليمكم للضباط الفارين هو تحدٍ سياسي، ونحن دولةً ذات قوة إقليمية بارزة لا يمكن لكم الاستمرار في تحديها، لذا لا تصعدوا وتيرة التحدي، حافظوا على علاقاتنا الجيدة."

ـ رسائل أمنية: هذه الرسائل موجهة إلى التكتل الإسرائيلي المصري اليوناني على وجه الخصوص، مفادها: "تركيا دولة ذات قوة ملموسة، والمناورات العسكرية والتحالفات السياسية التي تقومون بها على الجانب الرومي لجزيرة قبرص، لن تزيدنا إلا عزمًا على حماية مصالحنا"، لا سيما وأن الجولة تأتي بعد مناورات عسكرية مشتركة قامت به إسرائيل واليونان. وقد انعكست ملامح التنافس الأمني العسكري بين الطرفين، من خلال منع بارجة تركية إحدى السفن اليونانية العسكرية من الاقتراب إلى جزيرة "كارداك" بالأمس 30 كانون الثاني/ يناير 2017.

ختامًا، برز عبر التاريخ اعتياد الدول القومية على إرسال رسائل سياسية أو أمنية إلى بعضها البعض عبر إجراء مناورات عسكرية تمس مناطق متنازع عليها، ولعل الجولة الأخيرة لرئيس هيئة الأركان العسكرية التركية أرادت تذكير الدول الإقليمية بحجم قوة تركيا، واستعدادها للتحديات السياسية والأمنية.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس