جلال سلمي - خاص ترك برس

أثار نشر صحيفة "حرييت"، العلمانية المعارضة التابعة لوكالة دوغان الإعلامية التجارية الضخمة، عنوانًا رئيسيًا لعددها الصادر في 25 شباط/ فبراير 2017، مفاده "مقر القيادة العسكرية منزعج"، سخط الحكومة التركية وقلق المجتمع التركي الذي عبر جزءٌ منه عن تخوفه من أن تكون الصحيفة تُمهد الطريق لتحريك الجيش نحو عملية انقلاب جديدة، لا سيما وأن الصحيفة مشهورة بدورها الرئيس في توفير الغطاء الإعلامي الممهد لمحاولة الانقلاب التي حدثت بتاريخ 28 شباط 1997 ضد حكومة حزب الرفاه ذي التوجه الإسلامي وفقًا لخبراء.

وفي سياق ذلك، عبر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" عن غضبه الشديد إزاء الحدث، مبينًا، في مؤتمر صحفي جمعه برئيس الأركان العسكرية "خلوصي أكار"، أن من يحاول الإيقاع بين أجهزة الدولة سيدفع الثمن غاليًا.

وفيما وصف أردوغان العنوان "بالوقح"، أكّد، خلال المؤتمر الصحفي الذي تم في مطار إسطنبول قبل مغادرته إلى باكستان، بضرورة محاسبة من يتجاوز حدوده للحيلولة دون تكرار مثل هذه الأحداث التي تنشر "الأكاذيب" التي تؤلب الجيش ضد الحكومة المدنية.

وفي غضون ذلك، أطلق عدد من مدعي العموم تحقيقًا في الموضوع الذي نشرته الصحيفة على صفحتها الأولى.

وحول هدف الصحيفة من هذه الصيغة في نشر الأنباء، أوضح الخبير الإعلامي "طه عودة" أن صحيفة "حرييت" هي أداة إعلامية تابعة لرجل الأعمال التركي المعارض "أيدين دوغان"، مشيرًا إلى أنها تريد عبر نشر هذا الخبر "الملفق" فتح فجوة بين الحكومة والجيش قبل أسابيع قليلة من الاستفتاء.

وأضاف عودة ـ المتابع للشأن التركي ـ أن الصحيفة لها دور كبير في إسقاط حكومة "نجم الدين أربكان" عبر نشر العديد من الأنباء المكدرة لصفو العلاقات بين حكومة أربكان والجيش، مشيرًا إلى أن الصورة التي جمعت أردوغان مع رئيس الأركان العسكرية خلوصي أكار في باحة الحرم الشريف أدت إلى امتعاض المعارضة العلمانية التي اعتادت على الجيش في صفها ضد المحافظين.

وختم عودة لقاءه مع ترك برس بالتأكيد على أن المعارضة لم يعد لديها أي وسيلة لإقناع الشعب بعدم التصويت لصالح التعديلات الدستورية، فاتجهت إلى نشر الأنباء السلبية التي تولد مناخًا سلبيًا يؤدي إلى تخويف الناس وإثارة الرعب لديهم وإبعادهم عن التصويت لصالح التعديلات المذكورة.

ومن جانبه، بيّن الصحفي الباحث في الشأن التركي "علي لخضاري" لترك برس أن وسائل الإعلام تنتمي لأيدولوجيات وتوجهات متعددة، وسواء كانت تلك الصحف معارضة أو موالية فإن توجهها الإعلامي سيكون لصالح أهدافها بعيدًا عن الحقيقة أو المبادئ الصحفية، موضحًا أن الجانب "اليساري العلماني" التركي أمسى منزعجًا جدًا من الانسجام الحاصل بين المؤسسة العسكرية والحكومة المدنية المحافظة، فالمؤسسة العسكرية التي كانت في وقت قريب تدافع بشراسة عن مبادئ تركيا "العلمانية الأتاتوركية"، تحاول اليوم أن تنأى بنفسها عن التدخل في عملية اتخاذ القرار، وفي ظل تنامي سيطرة التيار المحافظ في تركيا، نتيجة فقدان المعارضة العلمانية الثقة الشعبية، لم تجد المعارضة، على ما يبدو، سوى الإعلام سلاحًا للحفاظ على كيانها.

وفي تقريره، نوّه الصحفي في قناة سكاي نيوز "مهران عيسى" إلى أن إعلام المعارضة يدعو من خلال هذه الأنباء الجيش إلى انقلاب جديد، مبينًا أن ادّعاء الصحيفة دفع رئيس الوزراء "بن علي يلدرم" لعقد لقاء فوري مع رئيس الأركان للتباحث في الموضوع، حيث أكد أكار خلال اللقاء عدم صحة الأنباء.

ولم يقف الأمر على ذلك، وفقًا لعيسى، فقد قام رئيس الجمهورية أردوغان أيضًا بدعوة رئيس الأركان ووزير الدفاع لبحث الأمر الذي وُصف على أنه جد خطير ويستدعي النظر فيه بجدية للحفاظ على العلاقة المتينة بين قيادة الجيش والحكومة المدنية.

ومن جهتها، نشرت رئاسة الأركان العسكرية بيانًا صحفيًا ردت من خلاله على الصحيفة، وفيما لم تنكر رئاسة الأركان ما ورد في التقرير، إلا أنها اعترضت على سياسة التحرير التي وصفتها بأنها تستهدف كرامة الجيش الذي لا يرغب، "إطلاقًا"، في التدخل بالحياة السياسية.

وكانت الصحيفة قد أشارت إلى وجود عدم ارتياح لدى الجيش إزاء قرارات أصدرتها الحكومة مؤخرا. وتحدث التقرير عن 7 نقاط خلافية، بينها قرار إلغاء حظر الحجاب للنساء برتبة ضابط أو صف ضابط في جيش الدولة العلمانية رسميا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!