محمد أقارجا – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

قبل يومين أتمّ حزب العدالة والتنمية الذي يدير شؤون البلاد منذ عام 2002، عامه الثاني عشر في الحكم من دون انقطاع.

ولكي نستطيع فهم هذه المرحلة التي وصلت إليها تركيا في هذه الأيام، يجب أن نقيس ما نعيشه اليوم بالمرحلة التي سبقت حكم حزب العدالة والتنمية.

فمن الطّبيعي أن ينتقد هؤلاء الذين لم تساعدهم أعمارهم برؤية الفترة التي سبقت حكم العدالة والتنمية، سياسات هذا الحزب. لأنّهم لم يتعرّفوا على نمط العيش في القرن الماضي. ومن الطّبيعي أيضاً أن تكون تحليلاتهم لمجريات الأحداث مختلفة أيضاً.

لو لم يكن اليوم حزب العدالة والتنمية موجوداً في الحياة السّياسيّة التركيّة، أو بمعنىً آخر لو استمرت حكومات الائتلاف في حكم البلاد إلى يومنا هذه. فكيف كانت ستكون أمور البلاد الأن؟ ما الذي كان سيتغيّر اليوم؟

ولكي نستطيع الإجابة على هذه التّساؤلات، علينا أن نستذكر الماضي قليلاً.

أزمة عام 1994

تنيجة لتمويل البنك المركزي للدين العام في تركيا، ارتفعت نسبة التّضخّم في البلاد آنذاك 106.3 بالمئة. 

أزمة عام 1998

الاضطرابات التي كانت تسيطر على الاقتصاد الأسيوي في تلك الفترة، انعكست سلباً على الاقتصاد التركي الذي كان هشّاً بالأصل. فقد بدأ المواطنون يشكّلون ذيولاً طويلة أمام البنوك. كما بدأ معظم المستثمرين الأجانب بسحب أموالهم من السوق التركية.

أزمة عام 2000

بلغ نسبة نمو الاقتصاد التركي في تلك الفترة ( - 6.1) بالمئة، فقد تقلّص الاقتصاد بشكل حاد وارتفع نسبة التّضخم إلى 70 بالمئة. كما رفعت خزينة الدّولة نسبة الفائدة إلى 106 بالمئة. وكانت هذه الأزمة بداية ومقدّمة للأزمة الكبرى التي حدثت عام 2001/ 2002.

أزمة عامي 2001/ 2002

قام الرئيس أحمد نجدت سيزار في تلك الفترة برمي كتيّب الدّستور في وجه رئيس الوزراء بولنت أجاويد خلال اجتماع الأمن القومي الذي يعقد كل عام مرةً برئاسة رئيس الجمهورية.

وعلى إثر هذا ترك أجاويد الاجتماع وأعلن أنّ الأزمة تحيط بالبلاد من كل جانب وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وعقب تصريحات رئيس الوزراء هذه، اضطربت الأسواق التّجارية وقامت بعض البنوك والمنظّمات الماليّة برفع قيمة الفائدة حتّى وصلت إلى 7 آلاف و500 بالمئة. كما ارتفعت نسبة الفائدة بين البنوك إلى 6 آلاف و200 بالمئة. ونتيجة ذلك حلّ الفقر بأكثر من نصف الشّعب التركي.

ونتيجةً لهذه الأزمة، وصلت ديون البنوك إلى 300 مليار دولار. مما أدّى إلى إعلان 22 بنكاً إفلاسها وأغلقت أبوابها. أمّا بالنسبة لـ 47 مليار دولار التي أخذت من صندوق النقد الدّولي، فلم يعرف بعد كيف صرفت وإلى أين تمّ صرفها.

إلى جانب هذا، فإنّ الضربة التي تلقّاها النظام الديمقراطي في 28 شباط/ فبراير عام 1997 وما نتج عنها من ازدياد الأعمال الإرهابية التي أخلّت بأمن البلاد وفقدان المواطنين ثقتهم بالدّولة، زادت من حدة هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد من كل النواحي.

كما يجب أن لا ننسى أنّ كل ما يحدث الآن من اضطرابات في الدّاخل التركي أو في منطقة الشّرق الأوسط ناتج عن الخطط والمؤامرات الغربية التي أحيكت في تلك الفترة.

انتخابات 3 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2002

لنعد الآن إلى السّؤال الذي طرحناه في بداية الحديث.

لو لم يتمكّن حزب العدالة والتنمية من الوصول لوحده إلى سدّة الحكم، ولو استمرّت حكومات الائتلاف في حكم البلاد. كيف كانت مجريات الأمور الآن؟

أقول بكل جرأة أنّ الأزمات الاقتصاديّة كانت ستستمر وأنّ ملف الأزمة الكردية كانت ستبقى على رفوف أرشيف الدّولة لا تجد من يمسح عنها الغبار. وكانت معاناة النساء المحجّبات ستستمرّ إلى يومنا هذا. ناهيك عن استمرار نظام الوصاية التي عانت منها الدولة التركية كثيراً.

والسّؤال الأهم من كل هذا. هو هل كانت الدّولة التركية ستستطيع أن تصمد أمام كل ما يحاك لها داخليّاً وخارجيّاً.

لذلك ومن أجل كل ما ذكرته، أقول كل عام وحزب العدالة والتنمية بألف خير.

عن الكاتب

محمد أقارجا

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس