محمد عزت ابوسمرة - خاص ترك برس

كانت اللقطة الأولى من المشهد الأول في الحلقة الأولى من مسلسل قيامة أرطغرل هي وجه رجل كهل يمسك بمطرقة ضاربا بها حديدا ملتهبا موضوعا فوق سندان، وهو مع كل ضربة يصيح قائلا: "هيدر الله".

ثم تتوالى المشاهد والحلقات ليأتي مشهد نهايته ولحظته الأخيرة التي يجلس فيها متكئا علي سيفه بعد أن أثخنته الجراح ليرتقي إلى الله تعالى وهو يصيح قائلا: "حي الي الله"، وكأن حياته ما هي إلا معركة خاضها بكل شجاعة وإقدام وتضحية وفداء تحقق له في نهايتها الشهادة في سبيل الله.

وبالنظر في هذه الحياة التي عاشها علي الرغم من قصرها إلا أنها مليئة بالمواقف الإنسانية والعبر الأخلاقية والسلوكية التي كانت أثره العظيم وبصمته التي لا يمكن أن تمحيها أي فئة.

من هذه المواقف؛ إصراره على أن يبقى إلى جوار سليمان شاه وأن لا يتركه أبدا أثناء الانقلاب العسكري الذي قاده كورد أوغلو على خيمة سليمان شاه.

إصرار يوافقه عليه ويتبعه فيه محمد فتحي رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئاسة جمهورية مصر العربية الذي قام بتعينه الرئيس محمد مرسي. 

كتب نجل الرئيس مرسي عنه قائلا: لما حان الانقلاب طلب منه أحد قيادات الانقلاب أن يخلي مكتبه ويترك الرئيس وحيدا، ولأنه على حد قوله ليس طرفا في معركة الانقلاب دخل السفير علي الرئيس وأبلغه بالأمر، فابتسم الرئيس وقال له يا سعادة السفير لقد أديت دورك وزيادة ولو انصرفت ما ألقيت عليك لوما أبدا.

فرد قائلًا: "أنت ولي امري ولك بيعتي وطاعتي. أأتركك حين يحين أوان الرصاص وتمايز الرجال؟ وتُعيّر ذريتي من بعدي بأني فارقتك وقت الخطر، والله لا يكون. إنما يفنى الرجال ويبقى ذكرهم".

فَنِيَ ديلي دمير وبقي ذكره على لسان تورالي، ذلك الشبل الذي مات أبواه قبل أن يأخذه ديلي دمير إلى حضانته يرعاه ويربيه مع أشبال القبيلة علي سير المجاهدين أمثال ألب أرسلان، أو قصص البطولة والخيال فتزكوا أنفسهم وتطمح إلى معالي الأمور. 

كما بقي علي لسان عبد الرحمن وحمزة وتورغوت ودوغان وبامسي أولئك المحاربين الشجعان الذين رأوا فيه الأب الحاني يوم أن طردهم السيد توتكين ونفاهم من القبيلة.

أما هو فكان سيدا بحق، لا يدور مع القوة حيث دارت بل يقف مع العدل حتى وإن كان ضعيفا. أذكر له ذلك الموقف المتجرد الذي سلم فيه بحكم سليمان شاه على ابنته آيكيز بالجلد، ولما ذهب إليه يزوره ويسأل عن حال ابنته رحب به وتكلم معه بكل تقدير واحترام.

وهذا هو شأن كل السادة الذين لا يخلطون الأمور ببعضها ويعرفون قيمة القرار الذي يؤخذ بعد الشورى والاجتماع، فيأمر عبد الرحمن أن يترك سلاحه ويذهب للقفص سجينا وينصح تورغوت ودوغان بأن يكفا عن إثارة أي مشكلة لأن هذا هو قرار الاجتماع، لكنه حينما خرج قرار من الاجتماع بتسليم نويان ذلك المجرم القاتل إلى الأمير المشبوه سعد الدين كوبيك خرج ثائرا على القرار وناذرا ألا يعود إلى القبيلة حتي يقتل نويان ويأخذ بثأر ابنتيه آيكيز وسائر النساء والأطفال الذين قتلهم نويان في غارته على القبيلة ليكون في هذا الخروج نهاية حياة بطل كرس حياته لتربية أجيال وصناعة محاربين.

وهكذا ينبغي أن تُفهم الأمور وتوضع في نصابها الصحيح، فالاجتماع لا يسوغ القرارات الخاطئة ولكن موافقتها للعدالة واقترابها من الحق هو الذي يعطي الشرعية لتنفيذها والتزام الناس بها.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس