محمود القاعود - خاص ترك برس

استطاع الغرب علي مدار أكثر من ثلاثة قرون من الزمان، أن يُسيطر على بلاد العرب والمسلمين، ويُعمل فيها المجازر والمحارق، ويسرق ثرواتها ويحارب دينها، ويُعيّن الطواغيت العملاء الذين هم بمثابة خفراء يحرسون مصالح الغرب، بميليشيات مسلحة يسمونها "الجيوش".

ولم تكن هناك أية بادرة للاستقلال والنهوض، إلا ووأدها الغرب في مهدها، وأعمل في أهلها القتل والترويع، والتنكيل والذبح، والتشريد.. مستخدمًا في ذلك الحروب المباشرة، وحروب الوكالة..

إما الإيمان بمعتقدات الغرب وقيمه وتقاليده والتخلي عن الإسلام، وإما الذبح والإبادة للشعوب المسلمة.. فالشعوب المسلمة لدى الغرب مجرد حيوانات لا يحق لها اختيار حكامها، ولا يحق لها التطور والفهم والمعرفة والرقي.

ومن هذا المنطلق، كانت الحملة الصليبية الشرسة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  الذي استطاع النهوض بتركيا من براثن التخلف والتبعية، كما استطاع أيضًا أن يكسر قاعدة يعمل بها الغرب منذ ثلاثة قرون وهي أن يكون الحاكم عميلا وتابعا ويتسبب في جهل وتخلف شعبه.

لستُ من الذين يهللون لأردوغان، ويرون فيه قديسا.. بل عارضته في مناسباتٍ شتي من أجل الإسلام والمسلمين، ودعوته لفض أي تحالف مع أمريكا وروسيا.. لكن الواقع يقول أن أردوغان هو أول حاكم تركي يعتز بإسلامه وهويته منذ إسقاط الخلافة العثمانية عام 1924م.. أردوغان أول حاكم تركي منذ تأسيس الجمهورية التركية يتمرد علي الغرب ويعمل لصالح شعبه ويؤسس المشروعات الكبرى ويتقدم بالاقتصاد التركي والصحة التركية والتعليم التركي والصناعة التركية.

لن يذكر التاريخ المعارضة العلمانية إلا كما يذكر الغرب وتآمره علي تركيا والإسلام والمسلمين، فالمعارضة تمتلك من الوقاحة والعدوان ما يجعلها تعادي الإسلام ونهضة الشعب، وتُصر علي ربط مستقبل الأتراك بمستقبل أوروبا وثقافتها وهويتها.

أردوغان يُشكل صداعا مزمنا للغرب وعلي رأسه أمريكا.. ولذلك فإن عملية استهدافه ستزداد بعدما تمكن من تعديل الدستور التركي، وانتقل بتركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، فما فعله أردوغان بمثابة إعلان حرب، وتمرد علي قاعدة الغرب: أى حاكم لابد أن يكون تابعا ولا يرفض الإملاءات ولا يسعى لتقدم ورفاهية شعبه.. وإلا فالغرب جاهر ليُحرك ميليشياته لتقوم بانقلابات أو تصفيات جسدية.

هل تحقق تركيا أحلامها.. أم تجهض أمريكا الحلم كما فعلت من قبل؟

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس