برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

بعد أربعة أشهر من رئاسته، يواصل دونالد ترامب التصارع مع المؤسسة الحاكمة في الداخل، حيث يحاول وضع سياسة خارجية عبر الاختبار والخطأ. فمنذ تنصيبه، راجع الرئيس ترامب موقفه من روسيا والصين وحلف الناتو. وفي الوقت نفسه، لا تزال سياسة الإدارة في الشرق الأوسط تحت سيطرة المسؤولين العسكريين السابقين والحاليين.

يظل ما ستبدو عليه سياسة السيد ترامب في الشرق الأوسط وكيف ستتعاطى الإدارة مع إرث باراك أوباما مسائل رئيسيةً بالنسبة للاعبين الإقليميين. حيث لم ينتج عن فترة رئاسة أوباما- التي كانت في البداية مصدرًا للأمل في المنطقة- سوى الحروب الأهلية والتدمير والاقتتال الطائفي. وعلى مدى ثماني سنوات، كسر السيد أوباما عزلة إيران، وأبعد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بما في ذلك تركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية. ومما زاد الأمور سوءًا أن إدارة أوباما فشلت في اتخاذ إجراءات ضد استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا؛ مما جعل البلاد ملاذًا آمنًا للإرهابيين.

وعلى الرغم من أن حرب الرئيس ترامب على مؤسسة واشنطن تلفت الكثير من الاهتمام، إلا أنه لم يتمكن بعد من تحديد أولوياته الاستراتيجية أو سياسة الشرق الأوسط. فمن ناحية، سلط السيد ترامب الضوء على أهمية هزيمة داعش، واستعادة حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، واحتواء إيران. ومن ناحية أخرى، يواصل قادة أوباما وكبار المسؤولين تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

بالنسبة لتركيا، فإن أهم مسألة تتعلق بمستقبل سوريا. وفي الوقت نفسه، لم يكن بمقدور علاقات تركيا والولايات المتحدة التعافي من الأزمة الناجمة عن سياسة أوباما القصيرة النظر في سوريا. ولإصلاح علاقات واشنطن مع أنقرة، التي ازداد توترها بسبب رد الإدارة الضعيفة لأوباما على محاولة الانقلاب في الصيف الماضي في تركيا وعدم تسليم فتح الله غولن، لدى السيد ترامب فرصة ذهبية. ففي اجتماعه المقبل مع الرئيس رجب طيب أردوغان، بإمكان السيد ترامب إصلاح أخطاء سلفه.

لإصلاح العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، يجب على إدارة ترامب فقط دعم تركيا- حليف حلف الناتو- ضد الجماعات الإرهابية بما في ذلك حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن الإرهابية. وفي هذا الصدد، يجب على واشنطن أن تمضي في خطة تركيا لهزيمة تنظيم داعش بدلًا من الاستعانة بمصادر خارجية/ وحدات حماية الشعب للحرب على الإرهاب. إذا كانت الولايات المتحدة تشارك بأمانة الأتراك، يمكن للحلفاء العمل معًا على خطة دائمة وعقلانية لتأمين مستقبل العراق وسوريا بعد داعش، وتكون تركيا والولايات المتحدة "شريكين استراتيجيين" مرة أخرى.

أما الخبر السار فهو أن إدارة ترامب ترفض اتباع  حملة التشويه التي يتبعها المسؤولون الذين اختارهم السيد أوباما ووسائل الإعلام الليبرالية ضد الرئيس التركي. ومع ذلك، لا بد من تجاوز العقبات لكي تشرع واشنطن ببداية جديدة مع تركيا.

أولا، يبدو أن مجتمع الاستخبارات عازم على ربط علاقة مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين مع روسيا بتركيا. وفي الوقت نفسه، تتوق كل من القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" والبنتاغون بشدة لتحقيق الانتصار السريع على داعش للارتداد عن الفشل في العراق وأفغانستان، مما يعني أنهم على استعداد لتجاهل علاقات وحدات حماية الشعب مع حزب العمال الكردستاني. ومن المفارقات أن مكافحة الإرهاب بالإرهاب لا تهدد السلامة الإقليمية لسوريا والعراق فحسب، بل تثير أيضًا المخاوف في البلدان المجاورة بشأن خطر عدم الاستقرار.

وبالنسبة للأتراك، الذين قصفوا مؤخرًا مواقع حزب العمال الكردستاني في سنجار، لا تزال محاربة حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب تشكل أولوية قصوى للدفاع عن أنفسهم ضد الإرهاب. إذا أراد السيد ترامب أن يحقق انتصارًا سريعًا ضد داعش، ويبدأ عملية الانتقال السياسي في سوريا، يجب أن يتجاهل التوصيات التكتيكية للجيش ويستمع إلى اقتراح السيد أردوغان الاستراتيجي.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس