ماركار إسيان - يني شفق

في الوقت الذي بدأت فيه دول الاتحاد الأوروبي القيام بلقاءات سرية مع إسرائيل تتضمن موضوع إنشاء المستوطنات غير الشرعية ومذابح غزة، تمت مهاجمة كنيس يهودي في القدس، أسفر عن مقتل أربعة من الإسرائيليين بالإضافة إلى استشهاد المهاجمين الإثنين.

وجاء هذا الهجوم بعد الأعمال الاستفزازية التي قامت بها إسرائيل في المسجد الأقصى. وبينما أدات حركة فتح الهجوم بشدة، صرحت حركة حماس بأن هذا الهجوم يأتي كرد فعل طبيعي على سياسات الظلم والاستفزاز المتبعة في المسجد الأقصى. وقد تبين أن المهاجمان هما عنصران في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهو فصيل يساري كان في حالة من الركود لفترة طويلة.

وأما تركيا فقد أدانت الهجوم، مصرحة على لسان رئيس الوزراء "مولود جاووش أوغلو" بأنه من غير المقبول استهداف المدنيين في بيوت العبادة، بغض النظر عن الطرف الفاعل.

إن مقتل ثلاثة من المستوطنين اليهود بطريقة غير معروفة قد قاد إسرائيل الراديكالية إلى اعتبار أنهم قد تعرضوا للهجوم والقتل عقب الهجوم على غزة مما أدى إلى تشديد الخناق حول المسجد الأقصى. قتل الآلاف. والعالم وقف متفرجاً. إلا أن ذلك الحادث كان عبارة عن جريمة فردية وكان من الواجب أن تأخذ العدالة مجراها من خلال المحاكم. وحينها لن يكون هناك داعٍ للهجوم الإسرائيلي.

وجه ليبرمان في أعقاب الهجوم الأخير التهديد وخص بالذكر حركتي فتح وحماس. ومن طرفه أكد نتنياهو على أن الرد سيكون قاسياً. ولا شك في ذلك.

إن هذا المشهد الأخير يدلل على الأزمة التي لا مخرج منها التي تعرضت لها فلسطين والشرق الأوسط ككل.

لقد تأسست إسرائيل على يد صهاينة ذوي عقليات متشددة (مثل جابوتنسكي الروسي). حيث لم تتخلى الحكومات الديمقراطية الاجتماعية عن الدوافع القومية والحربية في مراحلها الأولى.

ولذلك فقد قضى "إسحاق رابين" في عام 1995 كضحية لتوقيع اتفاقية أوسلو. ولا تزال حقيقة اغتياله سيفاً مسلطاً على رؤوس من يحاول السير باتجاه عملية التسوية.

وأما فلسطين فقد راحت ضحية المؤامرة بعد انهيار الدولة العثمانية، وما زالت تكتم داخلها مشاعر الغضب. فما عاناه ولا زال يعانيه الشعب الفلسطيني لا يدع مجالاً للكلام أو الوصف.

قادت تركيا حملة لتسييس حركة حماس والدفع نحو الاعتراف بها. وبذل كل من رجب طيب أردوغان وأحمد داوود أوغلو جهوداً مضنية في سبيل الوساطة بين الأطراف حتى آخر يوم قبل الحرب الأولى على غزة. وأصبحت تركيا ممثلة صوت الفلسطينيين من خلال موقفها في منتدى دافوس. ولذلك فقد دفعت وما زالت تدفع أثماناً باهظة بسبب موقفها هذا. إلا أنه كان لا بد للبعض من تجاوز هذا المأزق، وتركيا كانت الفرصة السانحة. إلا أن عدم التزام إسرائيل بوعودها قد ضيع الفرصة.

لا يمكن انكار دور تركيا في حصول فلسطين على صفة الدولة العضو في الأمم المتحدة. وكما اعترفت سويسرا مؤخراً بالدولة الفلسطينية. كما صدرت تصريحات مشابهة عن بريطانيا وفرنسا.

لقد جعل الظلم الفارق الكبير في موازين القوى ظاهراً جداً للعيان. ولا سبيل في التوصل إلى حل سوى أساليب العصيان المدني والسياسي. فإسرائيل قد سيطرت على الولايات المتحدة من خلال اللوبي الصهيوني وجعلت الولايات المتحدة رهينة بين أيديها. كما تسيطر على الجانب الإعلامي للقضية. وعلاوة على ذلك فهي تستطيع القيام بمجازر وقتما شاءت. وما زالت تعمل على تقويض التواجد الفلسطيني من خلال تشييد المستوطنات غير الشرعية.

يقع على عاتق الجانب الفلسطيني التفكير في حل للمسألة. لأن الموقف الحالي مرتبط بهم. ولا شك بأن الحل لا يكمن في القول بأن الهجوم على المعابد اليهودية رد فعل طبيعي. لأن رد الفعل هذا أشبه ما يكون بقبلة الحياة لعقلية ليبرمان، حيث سيوجه خطابه للغرب قائلا: "أرأيتم! نحن فقط ندافع عن أنفسنا".

في مثل هذه المواقف لا بد من النضال ضد القوى المهيمنة بأسلوب يضمن انهزامها في كل مرة. لقد اتبع غاندي هذا الأسلوب واستطاع بتغيير الأساليب أن يصيب بريطانيا العظمى بالشلل. وقضى على التفوق الأخلاقي للاحتلال. على الرغم من أن ذلك كان تحت ظروف العالم قبل ستين عاماً.

إن لفلسطين الحق الكامل للدفاع عن نفسها ضد العنف الإسرائيلي. فلا شك في قضايا الحقوق والظلم. لكن هذا الأسلوب لم ينفع أحداً.

وعلى تركيا تقع المسؤولية الأكبر لدعم فلسطين في هذا المجال.

عن الكاتب

ماركار إسيان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس