ترك برس

رأى خبراء أتراك وأجانب أن صفقة منظومة صواريخ "أس-400" الدفاعية الروسية، تمثل تقاربا "إجباريا" بين أنقرة وموسكو من جهة، وتعكس طبيعة "الصراع على كسب الحلفاء" بين الولايات المتحدة وروسيا عبر معادلات المنطقة من جهة أخرى.

جاء ذلك خلال حديث لشبكة "الجزيرة" القطرية، على خلفية إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، عن التوقيع على عقد مع روسيا لشراء منظومة صواريخ "أس-400" الدفاعية، والذي أثار قلق الولايات المتحدة الأمريكية.

وتعد منظومة صواريخ "إس 400" مضادة لطائرات الإنذار المبكر، وطائرات التشويش، وطائرات الاستطلاع، كما أنها مضادة أيضًا للصواريخ البالستية متوسطة المدى.

ورغم أن التفاوض على الصفقة بدأ منذ أغسطس/آب 2016، يربط مراقبون توقيت الإعلان عنها بتسليم واشنطن 1400 شاحنة أسلحة لقوات سوريا الديمقراطية -المكونة أساسا من وحدات حماية الشعب الكردية- التي تعدها أنقرة ذراعا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصفه بالإرهاب.

وسبق لتركيا أن عبرت عن انزعاجها الشديد من الدعم الأميركي للقوات الكردية بذريعة مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، حتى خيّر أردوغان حلفاءه الغربيين بين تركيا وتلك المليشيات.

وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة مرمرة التركية "جنكيز تومار"، إن تركيا تشعر منذ سنوات بخذلان حلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة لها في كل المواقف التي كانت تحتاج فيها للدعم، بحسب الجزيرة.

وأضاف تومار أن هذا الشعور تجلى في التهديدات التي واجهتها تركيا من النظام السوري ومن الانفصاليين الأكراد، وحتى من "جماعة الخدمة" التي يُتهم زعيمها فتح الله غولن المقيم بأميركا بتدبير الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016.

ووفقا للأكاديمي التركي، فإن جميع هذه الأحداث فرضت على أنقرة التوجه نحو موسكو بعدما "تخلى" عنها الحلفاء الغربيون.

وكحال كثير من المفكرين الأتراك، لا يضع تومار الثقة في "السلة الروسية"، قائلا إن الأتراك عايشوا الخطر الروسي منذ القرن السابع عشر واعتادوا تهديدات جارتهم الكبيرة واعتداءاتها خلال الحربين العالميتين، لكنهم لا يملكون بديلا.

وحسب وسائل الإعلام التركية، سددت أنقرة الدفعة الأولى من ثمن صفقة الصواريخ التي تبلغ قيمة الوحدة منها 800 مليون دولار، لتصبح تركيا ثاني دولة تحصل على تقنية "أس-400" بعد الصين.

وكان المستشار المسؤول عن التعاون العسكري في الرئاسة الروسية فلاديمير كوجين قد أعلن الثلاثاء أن بلاده ستبدأ بتنفيذ الصفقة قريبا، بينما عبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركي جون ميشيل عن قلق بلاده من الصفقة.

من جهته، قال الباحث في الشأن التركي معين نعيم إن المنطقة تعيش منذ فترة غير قصيرة على توازن من الشد والجذب في العلاقات مع أميركا وروسيا بناء على الوضع بجنوب تركيا.

وأوضح نعيم أنه كلما تعززت علاقات واشنطن بالانفصاليين الأكراد ازداد اقتراب أنقرة من موسكو، والعكس صحيح. مشيرا إلى أن هذا التوازن تجلى في سحب دول الناتو لبطاريات الباتريوت تاركة أراضيها مكشوفة للهجمات.

ولفت الباحث إلى أن الدول الغربية حرصت على عدم إتمام صفقة الصواريخ الروسية عبر إغراء أنقرة بصفقات بديلة، ما دفع الأخيرة لتخفيض وتيرة مساعيها لإتمام الصفقة قبل أن تصلها "الرسالة الأميركية الأكثر وضوحا" في شاحنات السلاح التي سلمت للأكراد رغم تحذيرات أنقرة.

واعتبر نعيم أن موقع تركيا الجيوسياسي خدمها كثيرا في معركة التنافس الأميركي الروسي بالمنطقة، إذ يتنافس الطرفان على استمالتها كحليف مهم وقوة إقليمية، بحسب الجزيرة.

وأشار إلى أن الروس تعاملوا بذكاء مع الموقف بقبولهم حل أزمة الطائرة الحربية التي أسقطتها تركيا عام 2015 بلا مقابل حقيقي، مؤكدا أن صفقة الصواريخ قربت تركيا من روسيا رغم أنها بقيت تتموضع في الحلف الغربي.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال في وقت سابق: "نحن نخطو خطوات مهمة لتعزيز قدراتنا الدفاعية، وهناك جهات دولية أبدت استيائها من هذه الخطوة، وأقول لهم إنّ تركيا ستتخذ كافة التدابير اللازمة لحفظ أمنها".

وقالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت في تصريح صحفي،  إن "منظومة الدفاع الجوية الروسية (إس 400)، لا تتوائم مع المعايير(لم توضحها) وإذا كانت تركيا تنوي شرائها كما يقال، فهذا الأمر يعد مقلقا بالنسبة لنا".

وقبل أيام، أعلن فلاديمير كوجين، مستشار الرئيس فلاديمير بوتين، المسؤول عن مسائل التعاون العسكري والفني، أنه تم توقيع اتفاقية بيع بلاده منظومة (إس 400) إلى تركيا، لافتا إلى أن الاتفاقية "على وشك التنفيذ".

وأوضح المستشار أن جميع القرارات المتعلقة بالاتفاقية تتلائم مع المصالح الاستراتيجية للبلدين بشكل قاطع. وأعرب عن تفهمه لردود فعل بعض البلدان الغربية التي تحاول أن تضغط على تركيا في هذا الخصوص.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!