ترك برس

على الرغم من رغبة تركيا في سيطرة قوات المعارضة السورية المعتدلة على محافظة إدلب، إلّا أنّها لا تمتلك حالياً المقومات والأليات التي من خلالها تستطيع تحقيق هذا الأمر، فقبل كل شيء، فإنّ جبهة النصرة تتمتع بقوة كبيرة حالياً في إدلب وتتفوق على باقي الفصائل المعارضة ولديها إدارة مركزية هناك.

إضافة إلى ذلك فإنّ فصائل المعارضة الأخرى الذين يتفوقون على النصرة في العدد، يفتقرون إلى الوحدة فيما بينهم، وضمن هذه الظروف، فإنّ محاولة إقصاء النصرة عن المدينة سيكون له ثمن باهظ من الناحية البشرية والعسكرية والمالية، وفق تقرير تحليلي للخبير بمركز الشرق الأوسط للبحوث الاستراتيجية "أويتون أورهان".

ويُشير التقرير، الذي نشرته وكالة الأناضول الرسمية، إلى وجود قرابة 3 ملايين سوري يعيشون حالياً داخل محافظة إدلب، وفي حال نشوب أي اشتباك، فإنّ الجهة المرجّحة لهؤلاء ستكون تركيا بلا أدنى شك، وهذا يعني أنّ تركيا ستتحمّل أعباءً إضافية، لا سيما أنها تستضيف نحو 3 ملايين لاجئ سوري داخل أراضيها.

وتحاول تركيا خلال الفترة الأخيرة، تطبيق استراتيجية متعدد الأبعاد في مكافحتها للمجموعات المتطرفة في إدلب، والبُعد الأول لهذه الاستراتيجية، يتمثل في محاولة تمزيق هيئة تحرير الشام من الداخل، ولتحقيق ذلك يتم العمل على إقناع بعض المجموعات التي تعمل تحت مظلة الهيئة، بالانشقاق عنها.

وبدأت هذه المحاولات تُأتي أُكلها، حيث بدأت بعض الفصائل بالابتعاد عن الهيئة في مقدمتهم حركة نور الدين الزنكي، لاعتقادهم بأن الهيئة لا مستقبل لها في البلاد. وعقب توالي الانشقاقات عن صفوف هيئة تحرير الشام، يمكن القول بأنّ الهيئة عادت إلى أصولها، وباتت مكونة من عناصر جبهة النصرة وحدهم.

والبُعد الثاني من الاستراتيجية التركية في إدلب، يتمثّل في توحيد صفوف المعارضة المعتدلة وتقويتها، وتسعى أنقرة لجمع قوات الجيش السوري الحر المشتّتين في إدلب، تحت سقف واحد، وفي هذا السياق، وجّه المجلس الإسلامي السوري أواخر أغسطس الماضي نداءً إلى فصائل الجيش السوري الحر، للتوحد وتشكيل الجيش الوطني السوري.

لا تمتلك تركيا مزيداً من الوقت للتدخل من أجل حل مشكلة إدلب، فمع الغارة الأخيرة التي شنتها المقاتلات الروسية على المحافظة، زادت الضغوط على تركيا، فإنّ قررت تركيا دخول إدلب عبر عملية مماثلة لدرع الفرات، فإنّ فرصة إقامة نفوذ لها في تلك المنطقة تبدو قوية، لا سيما أنها قوية في هذه المحافظة أصلاً.

وإنّ دخول تركيا عسكريا إلى محافظة إدلب، يعزز من دورها في حل الأزمة السورية، ويقلل من المخاطر الناجمة عن المجموعات المتطرفة الموجودة في هذه المدينة. ولكن يجب عدم علينا ألّا ننسى بأنّ الأعباء المالية لدخول الجيش التركي إلى إدلب ليست قليلة.

فهيئة تحرير الشام وإنّ فقدت من قوتها بعض الشيء خلال الفترة الأخيرة، إلّا أنها ما زالت قوية ولديها الآلاف من المقاتلين، وما زالت تسيطر على أهم المواقع الاستراتيجية في إدلب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!