ترك برس

تدرس تركيا مجموعة متنوعة من الوسائل لمعاقبة إقليم شمال العراق على الموافقة على استفتاء الاستقلال في 25 أيلول/ سبتمبر. وبالإضافة إلى تقييد تجارة النفط وإغلاق المجال الجوي، فإن خطة واحدة يجري النظر فيها لإقامة معبر جديد للحدود إلى العراق، بحيث يسمح لتركيا بتجاوز شمال العراق وحكومة الإقليم.

يقع المعبر الجديد عند مفترق الحدود بين العراق وسوريا وتركيا في أوفاكوي. ويقدم الموقع بديلا لمعبر الخابور الذي يسيطر عليه إقليم شمال العراق، والذي يوفر للأكراد دخلا من رسوم عبور وضرائب.

وطبقا للخطة فإن الحكومة المركزية العراقية فى بغداد ستسيطر على المعبر الجديد وستصل جميع صادرات تركيا إلى العراق إلى تلعفر والموصل عبر البوابة الجديدة. هذا السيناريو اقترحته قبل سنوات الدوائر العسكرية والقومية في تركيا ولكن رفضه حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، كما يقول فهيم تشتكين من موقع المونيتور: هل يمكن لتركيا أن تتخلى عن معبر الخابور الذي تمر منه جميع صادرات تركيا حاليا ليس إلى الإقليم فقط ولكن لجميع العراق؟

يقول بولنت توفنكجي وزير الجمارك والتجارة التركي إن الطريق الجديد سوف ينطلق من أوفاكوي غرب نهر دجلة بالقرب من دايرابون فى العراق، الأمر الذي يتطلب استخداما واسعا للأراضي التي يشكل فيها التركمان الغالبية. وهذا يعني عزل إقليم شمال العراق. وسوف يتوجه الطريق التجاري الجديد مباشرة إلى تلعفر، وبالتالي يتجنب الضرائب والرسوم التي تفرضها حكومة الإقليم. ثم يمتد الطريق إلى الموصل ويصل إلى الحكومة المركزية في بغداد، متجنبا بلدتي زاخو ودهوك الكرديتين.

وقال الوزير فى 26 سبتمبر: "قد يستغرق الأمر ما بين شهرين وثلاثة أشهر أو لترة أطول لتفعيل هذا الطريق". وأضاف: "يجب تحسين الطرق على الجانب العراقي وضمان أمنها".

غير أن آيدين سيلجن، القنصل العام التركي السابق في أربيل تساءل عن منطق الحكومة التركية. وقال "إن فتح معبر فى أوفاكوي كان مدرجا على جدول الأعمال في عام 2003، عندما نشرت قوات تركية فى العراق. ولم تستطع أنقرة قبول أن تكون جميع الحدود مع العراق تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد 1991 وأن يصبح معبر خابور المصدر الأكبر للدخل عند الأكراد. وهذا الواقع ما يزال موجودا اليوم".

في عام 2016، صدرت تركيا بضائع بقيمة 7.6 مليار دولار (5.4٪ من إجمالي صادراتها) إلى العراق، مما جعل العراق ثالث أكبر سوق تصدير لتركيا. في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2017، بلغت صادرات تركيا إلى العراق 5.6 مليار دولار. وفي عام 2013، أي قبل احتلال داعش للموصل، بلغت الصادرات السنوية التركية إلى العراق حوالي 12 مليار دولار.

وفي كل عام يقوم المصدرون الأتراك بإرسال حوالي 700 ألف شاحنة إلى العراق عبر معبر الخابور. وتعتمد اقتصادات عدة ولايات تركية بالقرب من الحدود اعتمادا كبيرا على التجارة مع العراق. وتشير التقديرات إلى أن 45٪ من البضائع التي تمر عبر خابور تباع في كردستان والباقي في بقية العراق.

فهل الهدف الوحيد لتركيا هو فرض الحصار وحرمان إقليم شمال العراق من إيرادات الجمارك المربحة؟ وهل يمكن لهذا المشروع الجديد أن يكون أكثر من مجرد بوابة حدودية، أي أن يصبح ممرا أمنيا طالما فكرت فيه أنقرة للتأثير في التطورات في العراق؟

يشير تشكين إلى أن اللغة المستخدمة في تعليقات وسائل الإعلام الموالية للحكومة تكشف أن نوايا تركيا تتجاوز بكثير فتح معبر جديد. وذكرت صحيفة "يني شفق" اليومية أن رئيس حكومة الإقليم، مسعود بارزاني، وسع نطاق الحكم الذاتي الذي خصصه له الدستور العراقي في 2005 بنسبة 80٪ خلال الـ13 عاما الماضية.

وقالت الصحيفة أن قوات البيشمركة احتلت منذ ذلك الحين 1500 موقعًا - بما في ذلك كركوك والموصل وطوز خورماتو وديالى وسنجار - ومن المتوقع أن تتدخل أنقرة وبغداد في هذه المنطقة التي تعتبر رسميا أراضي عراقية.

وكتبت الصحيفة نفسها أن حزب العمال الكردستاني حوّل سنجار إلى "جبل قنديل الثاني" ولديه السيطرة الكاملة على كركوك. وأضافت الصحيفة أن "تركيا ترى في الوقت الحالي أن قوات البيشمركة لا تقل خطرا عن حزب العمال الكردستاني، وأن الجنود الأتراك الذين يواصلون الاستعدادات لعملية فى شمالي العراق يرون كيف تتسامح قوات بارزاني مع حزب العمال الكردستاني. وعندما تبدأ العملية، سيتم تحييد البيشمركة الذين يقتربون من القواعد التركية تماما مثل حزب العمال الكردستاني".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!