ترك برس

تحمّل الإدارة التركية السفير الأمريكي لديها "جون باس" مسؤولية "أزمة التأشيرات" التي اندلعت مؤخراً بين أنقرة وواشنطن وتضمنت التعليق المتبادل لتأشيرات الدخول بين البلدين. وفي معرض تعليقه على الأزمة وصف أردوغان السفير الأمريكي بـ"الأرعن" مبيناً أن مسؤولية الأزمة الأخيرة تقع على عاتقه. الأمر الذي دفع المحللين ووكالات الأنباء التركية إلى التوصل لنتيجة مفادها أن العلاقات التركية – الأمريكية كانت الأسوأ في تاريخها خلال فترة السفير "باس".

وذكرت وكالة الأناضول للأنباء، أن السفير الأمريكي لم يكف طوال فترة مهامه البالغة 3 أعوام، عن التدخل في الشأن الداخلي التركي السياسي أو القضائي، فضلاً عن شؤون أخرى كالأمن وحرية الصحافة وما شابه ذلك.

السفير "باس" وقبيل انتهاء مهامه في أنقرة متوجهاً بعدها إلى كابل الأفغانية، تسبب بأزمة – حسبما يرى المسؤولون الأتراك - بين أنقرة وواشنطن، لم يسبق لها مثيل في تاريخ التحالف التركي - الأمريكي والذي بدأ يتأرجح خلال العهود الأخيرة بين علاقة التحالف والعداء.

وبحسب رواية الصحف المقربة من مصادر القرار التركية، فإن "أزمة التأشيرات" افتعلها السفير "باس" للتغطية على البعض من أعماله غير القانونية في تركيا خلال فترة مهامه، أبرزها التواصل مع مسؤولين وشخصيات متورطة بمحاولة الانقلاب القضائي في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، أو بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016، فضلاً عن إدلائه بتصريحات تسببت دوماً بردود أفعال غاضبة لدى الرأي العام التركي.

ونقلت وكالة الأناضول الرسمية، أن حكما قضائيا تركيا صدر مؤخرا بحبس "متين طوبوز" (تركي الجنسية)، الموظف في القنصلية الأمريكية بمدينة إسطنبول، بتهم بينها "التجسس، ومحاولة قلب نظام الحكم في تركيا، والعمل ضد الدستور والحكومة التركيين". بعد ذلك بأيام، أدلى السفير الأمريكي بتصريحات مثلت تدخلا صارخا في عمل القضاء التركي، بينها وصف محاكمة "طوبوز" بأنها "بحث عن الانتقام".

ورغم أن السفير الأمريكي معروف بتصريحاته وردود أفعاله السريعة، إلا أنه لم يعلق على محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة إلا بعد مرور ثلاثة أيام على وقوعها، الأمر الذي اعتبره الأتراك نقطة سوداء أخرى وحساسة في سجل السفير "باس". إضافة أنه اتضح للسياسيين الأتراك فيما بعد، أن "باس" لم يقدم معلومات كافية وكما ينبغي لسياسيي بلاده حول خطورة منظمة "غولن" الإرهابية والتي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وفيما يخص مسألة تسليح تنظيم "ب ي د" في سوريا، فقد نفى السفير الأمريكي مراراً تزويد بلاده لتنظيمات "ب ي د / بي كي كي" الإرهابية بالسلاح، لكن الشواهد أثبتت العكس. حيث أعلن وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي الخميس الماضي، بأن واشنطن قدمت معدات وأسلحة إلى تنظيم "ي ب ك" الإرهابي، من شأنها تجهيز جيش قوامه بين 40 و50 ألف فرد.، بحسب وكالة الأناضول.

أما بخصوص حرية التعبير والإعلام الذي ما فتئ "باس" ينتقد تركيا ورئيسها أردوغان بشأنها متهماً إياه بـ"إسكات الصحافة وتكميم الأفواه"، فقد حظرت السفارة الأمريكية بأنقرة بعض الوسائل الإعلامية والصحف التركية من دخول السفارة في المناسبات العامة، فضلاً عن إلغاء السفارة نفسها دعوة لمأدبة عشاء كانت موجهة إلى كاتبة صحفية لدى صحيفة "صباح" التركية، لقيام الصحيفة المذكورة بنشر خبر عن علاقات "باس" المشبوهة خلال فترة أدائه مهامه.

أما آخر التصريحات المتسببة بردود أفعال في تركيا، فهي ما قاله "جون باس" خلال لقاء مع المراسلين الدبلوماسيين، الأربعاء الماضي، بأن تنظيم "داعش لم ينفذ هجمات إرهابية في تركيا منذ تسعة أشهر ونصف الشهر. وذلك ليس نابعا من عدم رغبة التنظيم في مهاجمتها، بل لعدم تمكنه من ذلك بفضل التعاون الوثيق بين حكومتي واشنطن وأنقرة وبقية الحكومات".

وأعادت تصريحات "باس" هذه إلى الأذهان تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته للانتخابات الرئاسية، حين اتهم آنذاك الرئيس السابق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، بأنهما من صنعا تنظيم "داعش" الإرهابي، مما اعتبره مراقبون أتراك أنه بمثابة "تهديد" مبطّن.

كل هذا والمزيد من التصريحات والتصرفات المثيرة والغريبة من قبل "جون باس" تؤكد على أن فترة مهامه في أنقرة لم تكن فترة عادية لسفير عادي، بل كانت مليئة بالجدل والتوترات، ويبدو أنها ستنتهي وستبقى كذلك في صفحات تاريخ العلاقات  التركية - الأمريكية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!