زاوور كاراييف - صحيفة سفابودنايا براسا - ترجمة وتحرير ترك برس

من جديد، تظهر تركيا أنها لا تتبنى مسارا واضحا على مستوى السياسة الخارجية. في حين يمكن القول إن ممارساتها على الساحة الدولية أصبحت غير متوقعة، فقد بات من الصعب التنبؤ بها.

وبغض النظر عن واقع أن أنقرة تحظى بثلة من الحلفاء التقليديين على غرار حلف شمال الأطلسي، إلا أن العلاقات الثنائية بين تركيا والحلف، الذي يعد بمثابة شريك استراتيجي، شهدت البعض من الاضطرابات خلال السنوات القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال، عمدت أنقرة إلى تجاهل وجهة النظر الأمريكية وأقدمت على شراء أسلحة روسية. أما فيما يتعلق بالعلاقات مع أوروبا، فهي أشد تعقيدا. فقد برهنت ألمانيا، بصفتها تتخذ مركز الزعامة في صلب الاتحاد الأوروبي، في العديد من المناسبات عن عدائها الشديد تجاه تركيا.

وبناء على هذه المعطيات، يمكن استخلاص عدة استنتاجات، لعل أهمها أن تركيا وفي ظل حكم رجب طيب أردوغان شهدت تغييرا جذريا على مستوى سياستها الخارجية واستراتيجياتها.

كانت تركيا، قبل عهد أردوغان، دولة آسيوية متمسكة بشكل كبير بالآراء المؤيدة لأوروبا. ولكن، ومنذ تولي أردوغان الحكم تغيرت السياسة الخارجية لتركيا. وفي الفترة الأخيرة، لم يتردد أردوغان عن الإدلاء بتصريحات قاسية ضد سياسيين غربيين ودول أوروبية. وعلى العموم، يمكن الجزم بأن السياسة الخارجية التركية غالبا ما تخالف التوقعات، حيث تتميز بعامل المفاجأة.

في المقابل، تشهد العلاقات التركية الروسية تطورا. انبثقت عملية التطبيع بعد فترة من البرود بين البلدين، تولدت على خلفية سقوط الطائرة الروسية سو-24. خلافا لذلك، تبقى سياسة تركيا الخارجية غير متوقعة. فبعد الاتفاق على الدخول في علاقة تعاون وشراكة بين أنقرة وموسكو، أمرت تركيا فجأة بحظر مرور السفن القادمة من شبه جزيرة القرم، فضلا عن أنها فرضت قيودا على استيراد الحبوب الروسية. وفي حين أنه من الممكن التغلب على هذه القيود دون إلحاق ضرر عميق بالعلاقات بين البلدين، إلا أن هذا القرار يعد خطوة كافية حتى تتبنى لروسيا موقفا غامضا تجاه تركيا.

عموما، أعلنت أنقرة أنها لن تسمح بمرور أي سفن قادمة من القرم، علما وأن هذا الأمر ينطبق على جميع السفن دون استثناء. لكن، ما الهدف من وراء هذه الممارسات؟ هل تسعى أنقرة للضغط على موسكو أو محاولة كسب احترام الشركاء الغربيين؟

بادر الخبير التركي في قانون البحار، سيلامي كوران بالإجابة على مختلف تساؤلات صحيفة سفابودنايا براسا الروسية.

الصحيفة: لماذا منعت أنقرة السفن القادمة من موانئ القرم من المرور؟

سيلامي كوران: من وجهة نظر القانون الدولي لا يعد هذا الأمر مستغربا. ولا يفوتني التذكير بأن هذا القرار قد اتُخذ عقب زيارة رجب طيب أردوغان إلى أوكرانيا مباشرة. من جهتها، أعربت أوكرانيا منذ زمن طويل عن عدم رضاها عن وجود اتصالات منتظمة بين تركيا وشبه جزيرة القرم. وأنا واثق من أن رئيس أوكرانيا بيترو بوروشينكو قد حفز نظيره التركي للنظر في هذه المسألة بشكل جدي.

هل من الممكن أن يؤثر هذا القرار سلبا على العلاقات مع روسيا؟ أم أن التعاون مع أوكرانيا أكثر أهمية بالنسبة لتركيا؟

في المقام الأول، وفي عالم السياسة والاقتصاد، توجد أولويات مختلفة. يجب أن نفهم أن روسيا تعتبر قوة عظمى ولها تأثيرها على سائر المبادلات الاقتصادية والعلاقات السياسية، بما في ذلك المجال البحري في المنطقة وخارجها.

من الناحية الاقتصادية، ينبغي على تركيا أن لا توقف التعاون التجاري مع روسيا، حيث تعد العلاقات التجارية التركية الروسية في الوقت الحالي بالغة الأهمية بالنسبة لأنقرة. وفي الوقت نفسه، تعتبر أوكرانيا ذات أهمية خاصة بالنسبة لتركيا وبعض البلدان الأخرى. وعلى الرغم من أن المشاريع الاقتصادية مع أوكرانيا ليست كبيرة جدا، لكنها تكتسي بعدا غاية في الأهمية بالنسبة لتركيا.

بطبيعة الحال، لن يكون هذا الأمر سببا لنشوب خلاف بين روسيا وتركيا. أما بالنسبة للجانب الأوكراني، تعتبر مسألة الاتصال البحري مع شبه جزيرة القرم أمرا جوهريا.

إلى متى سيستمر هذا الحظر؟

في الحقيقة، أعتقد أن هذا الإجراء لن يدوم طويلا. أنا واثق من أن هناك آليات لتجاوزه. ومن المرجح أن تستأنف السفن القادمة من القرم عمليات الدخول إلى الموانئ البحرية التركية. وتجدر الإشارة إلى أن جملة من المساعي الدبلوماسية تقف وراء القرار التركي. ففي الحقيقة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن القيادة التركية ترغب في التأثير على روسيا بطريقة أو بأخرى. ولعل هذا الإجراء مرتبط بحظر استيراد الطماطم من تركيا الذي لا يزال قيد التنفيذ.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس