نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك عدم اتزان كبير في القوة العسكرية بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج من جهة أخرى. ومن أجل تخطي هذا الفارق تركز إيران على ناحيتين. امتلاك سلاح نووي وبناء قوة قادرة على مجابهة التهديدات.

ويبدو أن إيران قطعت شوطًا كبيرًا في إنشاء قدرة توفر لها إحباط مخططات منافسيها ودحر تهديداتهم وإبعادها عن حدودها، والمجابهة على صعد مختلفة. بل إنها أصبحت قادرة على استخدام أساليب مشابهة لمنافسيها عند الضرورة.

تصدير الإيديولوجيا مع اندلاع الثورة الإيرانية وفر لطهران امتلاك قدرات على العمل مع تنظيمات وجماعات تحمل إيديولوجيات مختلفة وليس فقط مع المجموعات الشيعية في البلدان الأخرى.

والقائمة لا تقتصر على حزب الله فقط، بل تمتد لتشمل مجموعات سنية عربية وتركية وكردية تسعى لتحقيق أهداف سياسية، فضلًا عن حزب العمال الكردستاني اللينيني الماركسي.

تتواصل علاقة النظام الإيراني مع حزب العمال منذ عام 1982 صعودًا وهبوطًا. حيث كان الجانبان حليفين ما بين 1982 و2002، ثم شهدت العلاقة بينهما فترات من القتال والهدنة بين 2003 و2015.

كانت إيران دائمًا الطرف الذي يحدد سير العلاقة، وهي تملك خبرة في أساليب عمل الحزب ونقاط ضعفه وقوته. كما أنها تعلم كيفية التصرف معه في الحالات المختلفة وإلى أي حد تسمح بتحركات الحزب. إذا تجاوز الخط الذي رسمته له تقطع عنه دعمها فورًا، وإذا اقتضى الأمر تتدخل وتعيده إلى رشده.

وهناك خمس حالات لتجاوز حزب العمال الكردستاني الخط المذكور. أولًا، إذا شرع بأنشطة بين أكراد إيران تستهدف طهران، فهذا يعني أن تجاوز حدوده. ثانيًا، إذا كان الحزب يعرقل تركيا ويتعبها ويجعلها منغلقة على سياستها الداخلية فهذا أمر جيد، لكن إذا عمل على السيطرة على منطقة ما وكان هناك احتمال لنجاحه فهذا أمر سيئ وعندها يجب إيقافه، لأنه قد يلحق الضرر بإيران.

ثالثًا، إيديولوجية حزب العمال ونظرته للإسلام مشكلة بالنسبة لإيران، وهي لا تقبل أبدًا عمل الإرهابيين الرجال والنساء جنبًا إلى جنب. رابعًا، يشكل الحزب تهديدًا مبطنًا تستخدمه إيران في سياستها تجاه إقليم شمال العراق. ينبغي ألا يكون الحزب قوة مسيطرة لكن في المقابل يجب ألا يضعف إلى حد لا يمكنه فيه الدفاع عن نفسه.

خامسًا وأخيرًا، لا ترحب إيران بأن يقيم حزب العمال الكردستاني علاقات مع قوى كالولايات المتحدة، وبأن يصبح قوة في سوريا، لأن واشنطن قد تستخدمه ضد طهران.

تدرك إيران استمرار القضية الكردية وطبيعتها المركبة. ولهذا فهي تغير سياساتها باستمرار. ما يحدث في العراق أضعف وقسّم أكراده.

تضررت العلاقات التركية الأمريكية بشكل كبير بسبب حزب العمال الكردستاني. أما العلاقات الإيرانية الأمريكية فيلفها الغموض. ويجري مسؤولون سعوديون مباحثات مع الحزب في شمال سوريا.

تضع إيران في اعتبارها ما سبق وذكرته، وبناءً عليه تجدد وتحدّث سياستها تجاه الأكراد، وبالتالي سياستها مع حزب العمال الكردستاني. ومع أن تركيا وإيران تتحركان معًا في العراق لكن من الواجب علينا ألا ننسى أن حزب العمال الكردستاني مشكلة تكتيكية بالنسبة لإيران، واستراتيجية بالنسبة لتركيا.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس