ترك برس

نظّم مركز الجزيرة للدراسات ندوة بعنوان "المسألة الكردية.. دينامياتها الجديدة وآفاقها المستقبلية" في العاصمة القطرية الدوحة، تخللتها جلسات نقاشية حول "نفوذ اللاعبين الإقليميين والدوليين وتأثيراته في المسألة الكردية"، و"الديناميات الجديدة للمسألة الكردية"، و"مقاربات التعاطي مع المسألة الكردية.. نجاحات وإخفاقات".

في جلسة تحت عنوان "نفوذ اللاعبين الإقليميين والدوليين وتأثيراته في المسألة الكردية"، قال الأستاذ المشارك في جامعة قطر لقاء مكي إن التدخل الأجنبي في المسألة الكردية أضر بالأكراد ومنعهم من قدرة الاندماج في الدولة الوطنية، مضيفا أن هذا التدخل كان يستخدم عن طريق استغلال المسألة لمصالح تلك الدول الأجنبية لكنه ينتهي كل مرة بخذلان الأكراد لا بنفعهم.

وبحسب الجزيرة، استدل مكي بالتدخل الإيراني في المسألة الكردية في مطلع السبعينيات عندما وقف النظام العراقي ذو التوجه القومي مع الإمارات بعد احتلال جزرها الثلاث من طرف إيران، فما كان من الأخيرة إلا أن دعمت الأكراد في شمال العراق واستخدمتهم ورقة ضغط على بغداد.

كما أشار إلى استغلال إسرائيل منذ العام 1995 المسألة الكردية، إضافة لأميركا التي دعمتهم لتضمن بقاء بغداد في صفها.

وفي السياق ذاته، رأى الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات محمد الشرقاوي أن لواشنطن إستراتيجية واضحة في التعامل مع المسألة الكردية، مستشهدا بتصريح للسيناتور الجمهوري جون ماكين أكد فيه على ضرورة التعامل مع الأكراد بصفتهم الأكثر مصداقية في المنطقة.

لكن رغم كل ذلك، أكد الشرقاوي أن هناك مخاوف حقيقية لدى أميركا بشأن مسألة استقلال الأكراد بسبب المضاعفات والتأثيرات التي قد تنجم عنها في إيران وتركيا، كما أنها لا تريد خروجا عن الحكم المركزي في بغداد رغم دعمها للحكومة المحلية في كردستان العراق.

وفي تفسيره للموقف الروسي، اعتبر الخبير في سياسات روسيا تجاه العالم العربي ليونيد أساييف أن روسيا استخدمت المسألة الكردية في علاقاتها بدول المنطقة ورقة مقايضة، مؤكدا أنها ليست أولوية حقيقية لأن موسكو تنتهج منهجا براغماتيا وتسعى لعلاقات جيدة مع جميع الفاعلين في المنطقة، لذلك فإن روسيا لن تدعم الأكراد واستقلال إقليم كردستان، حسب قوله.

وعن المنظور التركي، قال مدير البحوث في منتدى الشرق غالب دالاي إن القضية الكردية ليست ناتجة عن التدخل الخارجي، وإنما بسبب غياب الحوكمة الرشيدة، غير أن العامل الخارجي فاقم القضية، معتبرا أن الحل ليس جغرافيا وحدوديا بقدر ما هو مرتبط بوضع بنى حكومة عادلة تستجيب لتطلعات الشعوب وترتبط أيضا بتوازن القوى.

وفي جلسة أخرى بعنوان "الديناميات الجديدة للمسألة الكردية"، قال الكاتب والمؤرخ والإعلامي الكردي كفاح محمود، في مداخلة له عبر الأقمار الاصطناعية من أربيل، إن مستقبل إقليم كردستان العراق أمام خيارين صعبين، أولهما دولة المواطنة وهو خيار صعب مع وجود الأحزاب الدينية، وثانيهما إنشاء دولة كردية، وهو خيار يتوقف على عاملين، اقتصادي ودولي إقليمي.

من جهته، اعتبر القائم بأعمال السفارة العراقية في الدوحة عبد الستار الجنابي أن الأكراد لم يندمجوا في الدولة العراقية وصمموا على الانفصال فخسروا كل شيء رغم أنهم كانوا يأخذون 17% من ميزانية البترول ولهم خمسون نائبا في البرلمان، كما أن رئيس الجمهورية كردي ووزير الخارجية منذ 2003 حتى سنوات قليلة كان كرديا.

في المقابل، أوضح مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية مهند سلوم أن كل الأحزاب الكردية قامت على أن اتفاقية سايكس بيكو ظلمت الأكراد في تقسيماتها للمنطقة، معتبرا أن المعطيات تشير إلى مطالبات بالحكم الذاتي واللامركزية الإدارية في كل من إيران وسوريا وتركيا.

وبشأن الاستفتاء في كردستان العراق، أشار سلوم إلى أن الهدف منه كان المحافظة على اللامركزية وعلى الأراضي المتنازع عليها مع بغداد، وأن الخطوة القادمة ستكون دخول أكراد العراق في مفاوضات مع بغداد لإعادة تعريف العلاقة معها والسعي لتحديد جدول زمني لتسوية حول المناطق المتنازع عليها.

وفي جلسة ثالثة بعنوان "مقاربات التعاطي مع المسألة الكردية.. نجاحات وإخفاقات"، قال الباحث والخبير العراقي هشام الهاشمي إن الدول التي يعيش فيها الأكراد مثل تركيا والعراق وإيران وسوريا فشلت على مدى السنوات الطويلة الماضية في حل المسألة الكردية بسبب غلبة المقاربة الأمنية والعسكرية على تفكيرها، ونظرتها للأكراد دوما على أنهم "مشكلة".

وأوضح أن تلك الدول لم تغادر في تعاملها مع هذه "المشكلة" مربع التعامل الأمني والعسكري، مما فاقمها وجعلها تستمر طوال هذه السنوات، فلعل القناعة باستحالة الحل العسكري والأمني لهذه المشكلة المزمنة يدفع إلى التفكير في حلول ومقاربات أخرى.

وأشار إلى أنه من التداعيات السلبية للاستفتاء المتسرع على انفصال إقليم كردستان انقسام قوات البشمركة إلى خمس فرق متصارعة فيما بينها، وخسارة كردستان 25 وحدة إدارية كانت تُصنَّف ضمن المناطق المتنازع عليها، وسيطرة إيران على القرار السياسي الكردستاني بدرجة غير مسبوقة.

وتعليقا على تلك المداخلات، قال الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الحواس تقية إنه ليس من حق كل مجموعة ثقافية وإثنية أن يكون لها بالضرورة دولة، وإلا لو فتحنا هذا الباب لتوالدت الدول في عالمنا كما يتوالد الفطر.

وطالب تقية بضرورة تغيير مفاهيم الأقليات بشأن الدولة كمخرج لحل مشاكلهم، معتبرا أنه "لو كان ثمة حكم رشيد لما طالبت الأقليات بالانفصال، فالأمر يدور وجودا وعدما مع نمط الحكم ومقدار توافر العدل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!