ترك برس

قال باحث وأكاديمي تركي إن معظم المراجع العربية الكبرى في القديم والحديث تُرجمت إلى اللغة التركية، وهو ما أثرى الثقافة التركية، بينما "العرب لا يترجمون الكتب التركية، إلا نادراً".

جاء ذلك في كلمة له خلال محاضرة عن "التفاعل الثقافي العربي التركي"، نظمها المركز الثقافي التركي "يونس أمرة" في العاصمة المغربية الرباط، بحسب وكالة الأنباء التركية (الأناضول).

ودعا بكير قاياباشي، الباحث التركي والأستاذ في جامعة أديمان (جنوب شرق)، إلى الاهتمام بالترجمة لتعميق التفاعل الثقافي بين العرب وتركيا، الذي تعود بدايته إلى القرن الثامن الميلادي.

وقال قاياباشي إن الأتراك بدؤوا يتعرفون على العرب والثقافة العربية في القرن الثامن الميلادي، عبر تعلم اللغة العربية، لفهم القرآن الكريم.

وأضاف أن "الأتراك كانوا يعتقدون أنه كي يصبح التركي مسلماً جيداً لابد أن يتعلم القرآن الكريم، لذا تعلموا العربية، قبل أن يترجموا القرآن إلى التركية بالأبجدية العربية، وبعدها ترجموا العلوم الإسلامية والأدب العربي".

وأوضح أنه من مظاهر التفاعل الثقافي العربي التركي أن اللغة التركية تضم حوالي 5 آلاف كلمة عربية، واللهجات العربية تتضمن كلمات تركية، وعبر اللغة التركية انتقلت كلمات عربية إلى لغات دول لم يبلغها العرب، مثل اللغتين البوسنية والبلغارية، وغيرهما.

وشدد على أن الفضل في هذا التفاعل بين الثقافات يعود إلى القرآن الكريم: "فالقرآن كتابنا وكلماته كلماتنا.. نحن الأتراك تأثرنا به وبالعربية، لكن احتفظنا بأصولنا".

وقال الباحث التركي إن بلاده تضم أكبر مكتبة في العالم الإسلامي، وهي مكتبة مدينة إسطنبول (شمال غرب)، التي تضم 250 ألف مخطوطة، ثلثها بالعربية. وأرجع هذا العدد إلى أن "الأتراك كانوا يجوبون العالم الإسلامي ويجلبون أصول المخطوطات".

ولتعميق التفاعل الثقافي العربي التركي دعا قاياباشي إلى الاهتمام أكثر بالترجمة من التركية إلى العربية والعكس، مشددا على أن "الثقافة تتطور بالترجمة".

وتابع أن معظم المراجع العربية الكبرى في القديم والحديث تُرجمت إلى التركية، وهو ما أثرى الثقافة التركية، بينما "العرب لا يترجمون الكتب التركية، إلا نادراً".

ومضى موجهاً حديثه إلى العرب: "إذا ترجمتم كتبنا في العلوم والفلسفة والأدب ستعرفوننا أكثر". وزاد بوجود "رغبة في التعارف، لكن العرب للأسف لا يكتبون كثيراً عن الأتراك، بخلاف الأتراك، وهو وضع آمل أن يتغير".

وأوضح الباحث التركي أنه من مظاهر التبادل الثقافي بين الجانبين أنه يوجد في تركيا 30 جامعة تحتضن أقساماً للغة العربية، إضافة إلى 100 كلية للدراسات الإسلامية، وكليتان لعلوم التربية، في كل منهما قسم اللغة العربية، إضافة إلى 1500 معهد ثانوي للأئمة تًدرس فيها اللغة العربية.

ويقول الصحفي محمد المختار الخليل، مدير تحرير موقع "الجزيرة نت"، إنه إلى جانب تأثر قرابة ثلث اللغة التركية الحديثة بالمفردات العربية، وخصوصا ذات الصلة بالمسائل الدينية والفقه، فإن اللغة التركية ذاتها كانت تكتب بالحرف العربي، مما سهل التواصل مع اللغة ومراجعها، قبل أن تقطع هذه الصلة على يد مؤسس الدولة التركية العلمانية كمال أتاتورك باعتماده الحرف اللاتيني في كتابة التركية.

يُضيف الخليل: "وبحكم العلاقة السياسية بين الطرفين، اهتمت الإمبراطورية العثمانية باللغة العربية كلغة تواصل مع سكان المنطقة العربية التي كانت تحت إدارتها لسنوات طويلة، لذلك يحتفظ الأرشيف العثماني بكم هائل من الوثائق العربية التي تؤرخ للمنطقة وتفاصيل حياتها السياسية والثقافية وحتى ملكية العقارات والأراضي".

ويُشير إلى أن "الارتباط الوثيق بين تركيا والعالم العربي، بدأت تدب فيه الحياة في العقد الأخير، مع حكم حزب العدالة والتنمية الذي يرى في المنطقة العربية عمقه الاستراتيجي والتاريخي، ويحرص على تجذير هذه العلاقة من خلال السياسة والاقتصاد، كما من خلال نشر اللغة العربية وتعليمها في المجتمع التركي، ومخاطبة الشارع العربي بلغته فيما يخص الشأن التركي والتعريف بتاريخه وواقعه".

وفي يونيو/حزيران 2013، أصدرت المديرية العامة للتعليم الأساسي التابعة لوزارة التعليم قرارا بتدريس العربية أسبوعيا لطلاب الابتدائية والإعدادية. ثم بدأت تركيا منذ سبتمبر/أيلول 2016 بتدريس العربية في صفوف الابتدائية بمدارسها الحكومية، بمعنى أنها سترافق الطلاب في كل مراحلهم التعليمية الأساسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!