حسن الخليفة عثمان - خاص ترك برس

خلال الأيام الثلاث أو الساعات الماضية تصدر المشهد العربي والإقليمي أربع أحداث هامة، تكاد تكون حلقات متقاربة في سلسلة الأحداث الجارية، تلك الأحداث الأربع هي:

1- استقبال الرئيس التركي الطيب أردوغان للأمير القطري تميم بن حمد.

2- استقبال قائد الانقلاب العسكري بمصر الجنرال عبدالفتاح السيسي لمبعوث أمير قطر.

3- إقالة  قائد الانقلاب العسكري بمصر لرئيس جهاز المخابرات فريد التهامي وتعيين اللواء خالد فوزي خلفا له.

4- الإعلان عن محاولة اغتيال للسبسي قبل ساعات من انطلاق جولة الحسم للانتخابات التونسية!!

اتسمت الأحداث الأربع  بالتعبير عن مدرستين سياسيتين  مختلفتين في  المرجعية والغاية.

جمع الحدثان الأول والثاني  قطر وتركيا  في مدرسة واحدة تمثلت  مرجعيتها و غايتها  في كلمة أحمد داود أوغلو في القضية السورية حين قال: "يثرب بفضل قبولها المهاجرين تشرّفت، وعلت منزلتها، وأصبحت المدينة، و تركيا تعامل اللاجئين السوريين كما تعاملت يثرب مع المهاجرين".

وفي كلمة  أمير قطرالسابق الأميرحمد بن خليفة في القضية الفلسطينية في زيارته لغزة حين قال: "إن تقديم المساعدة إلى غزة لن يكون منّة، بل هو واجب قومي وإنساني".

واجتمع السيسي والسبسي في مدرسة واحدة تمثلت مرجعيتها و غايتها في قول الأول: "إنه مستعد لإرسال القوات المصرية إلى فلسطين لضمان أمن اسرائيل" ثم  تهجيره لأهالي رفح وإنشائه للمنطقة العازلة لإحكام  الحصار على غزة و ضمان أمن إسرائيل. ومن قبل إصداره التعليمات بتكوين لجنة وزارية  لإلغاء قرار الإفراج عن اللاجئ المعاق/ حسن الخليفة عثمان, و إعادته إلى السجون حتى لا يتم كشف جرائم المخلوع مبارك و زبانية التعذيب في عصره.

يمكننا القول بأنه بينما  كانت  قطر وتركيا تحلقان في الفضاء  السياسي النظيف  عالميا وإقليميا ومحليا  كان جنرالات القتل و داعموهم وحلفاءهم  يرتعون  في  مستنقع القذارة السياسية التي  باتت لهم بمنزلة الماء للسمك لا يقوى على الحياة بعيدا عنه وإليك مختصر القول في ذلك:

لم تنطلِ على أحد المسرحية الهابطة التي قام النظام البوليسي القديم الداعم للسبسي في تونس بالإعلان عنها في صورة  وعنوان "إفشال محاولة اغتيال للسبسي" بل و قوبلت بالسخرية والاستهزاء  من أكثر الجهات المعنية على الساحة السياسية بما وصل إلى حد وصفها "بالعار" الذي وقع فيه الباجه قائد السبسي من قبل بعض الشخصيات ذات الثقل الفكري والسياسي في العالم العربي و الإسلامي إلا أن ما أود قوله هنا ولفت النظر إليه للانتباه له واالحذر منه هو أبعاد و ما وراء  هذه المسرحية الهابطة  واالتي قد يعلم من قام بإخراجها أنها لن يصدقها أحد زماناً في توقيتها أو مكانا في موقعها  لكن يبقى الهدف من ورائها في استباقها  لنتائج الإنتخابات الرئاسية وما سيتبعها من افتعال وتدبير لبعض عمليات العنف وهل هي تمهيد لتنفيذ سيناريو قد تم إعداده سلفاً  في المطبخ الإماراتي المصري لتنفيذه على أي الأحوال كانت النتائج الانتخابية، سواء أكانت بفوز السبسي لانطلاقه في ركوب موجة  الحرب على الإرهاب واستئصال الإرهاب الذي تعرض له هو بشخصه وما سيتم تدبيره من عمليات قذرة للانقضاض على التجربة الديمقراطية في تونس أم كانت بالهزيمة له و فوز المرزوقي ليجعلوا من هذه المسرحية  قميص عثمان الذي يرهقوا به الرئاسة والخصوم السياسيين؟؟

وأما عن إقالة السيسي للواء فريد التهامي رئيس جهاز المخابرات ومهندس القتل الجماعي في عملية فض اعتصام رابعة  وتوريطه للسيسي في ورطة  يخطئ من يقول بسهولة الخروج منها و تعيين اللواء خالد فوزي بدلا منه فإننا ينبغي ألا نتغافل عن الأجواء  التي تمت فيها تلك الإقالة وكذلك لا ينبغي  أن نسرف أو نغرق في التحليلات التي لا تقوم على دليل من الواقع أو سند من الحقيقة بمعلومات قطعية لا يشوبها من التخمين شيء.

بداية المشهد كانت بالتضليل المفضوح، وسذاجة الساقط سياسيا الذي لم يعد يلوي على شئ، إذ لم يعد له في عالم  الإحترام مكان، و لا في  ساحة الصدق متسع، فكان الإعلان عن نبأ الإقالة عن طريق الحِب المقرب والمؤهل لذلك اللواء سامح سيف اليزل، حيث أعلن أن تعيين خالد فوزي بدلا من التهامي جاءت لظروف الأخير الصحية التي توجب سفره للخارج للعلاج!!

هذا ما تم به الإعلان عن نبأ الإقالة، في حين أن فريد التهامي لم يثر إطلاقاً من قبل وجود أي مشاكل صحية لديه بل المهم أنه كان في زيارة عمل مهمة  للسعودية استغرقت عدة أيام استقبله فيها ولي العهد السعودي تزامناً مع التطور المفاجئ للعلاقات القطرية السعودية المصرية بما لاح في الأفق من تقارب بين وجهتي نظر قطر والسعودية وتباين حديث بين الانقلاب والسعودية لا سيما في الملف السوري لكن أؤكد دائما على عدم الإسراف أيضا في ذلك التباين وآثاره.

لن تبلغ العلاقة من الحميمية فيما بين عناصر شلة وعصابة الانقلاب الدموي في مصر ما بلغت فيما بين الرئيس جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر وشمس بدران وصلاح نصر و عصابة 23 تموز/ يوليو 1952 التي وصلت إلى رباط وحميمية الدم والنسب كما هي بين  اللواء محمود حجازي والسيسي الآن  غير أن النهاية لهذه العلاقة فيما بينهم وما آلت إليه لا يكاد يصدقها العقل وهي النهاية الطبيعية للفراعنة الصغار في كل زمان ومكان وهي التي ينبغي في ضوءها أن ننظر إلى ما بين عصابة الانقلاب الذين يتربعون الآن على عروش تعوم على بحار من دماء الفتيات والنساء والشيوخ والشبان والأطفال فلا عجب أن نرى العُجاب الذي  تؤول إليه العلاقة بين من جمعهم القتل والاغتصاب وانتهاك حرمات المساجد وإهدار كرامة بني الإنسان والأيام القادمة قد تكشف لنا عن كثير من الأحداث الجسام والتي لفتنا النظر إليها في مقالة سابقة بعنوان "تأملات في الأحداث".

بعد حفاوة استقبال من الطيب أردوغان سليل آل عثمان للتميم بن الكريم حسباً وموقفاً ونسباً انتهى اللقاء بتأسيس وقيام «مجلس التعاون الاستراتيجي» بين الشريكين الذين ارتضيا أن يصعدا بدولتيهما إلى القمم وألا يكون لتركيا العظمى أو قطر القاطرة مكان في مجاورة الرمم.

عن الكاتب

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي مصري مقيم بتركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس