ترك برس

رأى المحلل السياسي البريطاني، آدم غاري، أن العلاقات التركية الإيرانية تطورت تطورا ملحوظا خلال السنة الحالية ووصلت إلى مرحلة الشراكة الكبيرة نتيجة لأسباب اقتصادية وأمنية، لكنها لن تتطور إلى تحالف استراتيجي، بسبب عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي.

وقال غاري في مقال تحليلي نشرته دورية أورينتال ريفيو، إن العلاقات التركية الإيرانية شهدت منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979 فترة من التذبذب السريع تراوحت بين التسامح العملي والتعاون المحدود، إلى العداء المفتوح الذي لم يصل إلى حد النزاع العسكري، ولكن العلاقات تشهد الآن أفضل عصورها منذ 40 عاما.

ولفت المحلل البريطاني إلى أن بدء عملية السلام في أستانا وقبول تركيا ببقاء الحكومة السورية كانت من بين العناصر الرئيسة التي ساعدت العلاقات الثنائية بحيث صار البلدان يريان إمكانية أوسع للوصول إلى شراكة تتجاوز الصراع السوري وعملية السلام المرتبطة به.

وإلى جانب التوافق بين البلدين حول ضرورة إعادة الاستقرار إلى سوريا، تكررت زيارات الرئيس التركي أردوغان إلى إيران وترافقت مع تزايد التجارة بين البلدين بسرعة. وعلاوة على ذلك، تعهدت الدولتان بالبدء في التبادل التجاري بالعملات الوطنية، وهو ما يسمح لإيران بتجاوز العقوبات الأمريكية، ويسمح لتركيا أيضا بتأكيد الاستقلال المالي عن شركائها الغربيين السابقين.

ومن الناحية العملية، يتطلع البلدان إلى التعاون في مشاريع الطاقة المتبادلة، بما في ذلك "خط الغاز الفارسي". ومن بين الأطراف المشاركة في هذا المشروع، فإن تركيا وإيران هما الدولتان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن إيران وتركيا تمثل الجانب الشرقي لمشروع يربط الغاز الأوراسي إلى الجانب الأوروبي.

ويشير غاري إلى أن أهم حدث في العام الحالي فيما يتعلق بتعميق الشراكة التركية الإيرانية كان زيارة رئيس الأركان  الإيراني اللواء محمد باقري أنقرة الذي يعد أعلى مسؤول عسكري إيراني يزور تركيا منذ الثورة الإيرانية، وتوصل إلى تفاهمات مع تركيا حول التعاون بشكل أكبر فى القضايا الأمنية الإقليمية.

ويضيف أن توقيت زيارة باقري كان مهما، حيث أعلن الأكراد العراقيون في الشهر التالي لزيارته أي في أيلول/ سبتمبر الاستقلال من جانب واحد عن العراق. وعملت إيران وتركيا على عزل الدولة غير الشرعية في شمال العراق. كما رحبت طهران ببناء تركيا سياجا حدوديا على الحدود معها كآلية لمنع تحرك المتطرفين الأكراد بين البلدين.

ووفقا للمحلل البريطاني فإن هناك مسألتين أخريين محل اتفاق بين البلدين هما النزاع بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث انحازتا إلى الموقف القطري، والثانية دعم الفلسطينيين.

وأوضح أن تركيا بوصفها دولة ذات أغلبية سنية، أخذت زمام القيادة  في توجيه انتقادات جريئة متزايدة للنظام الصهيوني، وهو ما جعل أردوغان بطلا دينيا بين السنة. وفي الوقت نفسه عززت إيران من مكانتها بين حركات المقاومة الإسلامية غير الشيعية، وإن كان الدعم الذي تقدمه لها أقل من دعمها للميليشيات الشيعية في سوريا ولبنان والعراق.

وأضاف أنه لا يوجد تنافس بين البلدين في دعم الفلسطينيين، بل يسعيان إلى تشكيل جبهة موحدة في العالم حول فلسطين لمواجهة قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث شارك الرئيس الإيراني في القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي التي دعا لها أردوغان، وبذلتا جهودا كبيرة من أجل إصدار قرار الأمم المتحدة الداعي لإلغاء قرار ترامب.

على أنه بعيدا عن نقاط الاتفاق، ما تزال هناك، كما يرى غاري، مناطق اختلاف بين البلدين، إذ إن تركيا في النهاية عضو في حلف شمال الأطلسي، وهو التحالف العسكري المناهض لإيران في العالم اليوم، وما تزال توجد على الأراضي التركية الأسلحة النووية الأمريكية وصواريخ الناتو التي تعدها إيران صراحة تهديدا موضوعيا لسيادتها.

لكنه يستدرك أن استمرار تركيا في توسيع نطاق تعاونها الأمني ​​مع إيران، يثير مخاوف الناتو من أن تتحول تركيا في القريب إلى عدو. وهذه المخاوف تتوازى مع القلق الإيراني من عضوية تركيا في الناتو. وبعبارة أخرى فإن الناتو قد يكون أكثر انزعاجا من الشراكة الأمنية التركية مع إيران من قلق إيران من وجود الأسلحة الأمريكية.

ويخلص المحلل البريطاني إلى أن الشراكة بين إيران وتركيا قد بنيت على أساس مجموعة من الضرورات الاقتصادية والأمنية، فضلا عن أهداف مماثلة لمشروعات التجارة والطاقة والتجارة. ولن تتحول هذه الشراكة إلى تحالف رسمي ما لم تترك تركيا- أو حتى تترك تركيا -حلف الناتو.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!