حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

أصبحت تركيا تسعى إلى تعزيز موقفها في سوريا، إذ كانت عملية درع الفرات بمثابة جدار عازل للحفاظ على أمان الأراضي التركية، كما كانت الخطوة الأخيرة المتخذة على صعيد الدفاع، في حين جاءت عملية غصن الزيتون كأول عملية عسكرية هجومية مٌنفذة بهدف القضاء على الإرهابيين، كما يمكن اعتبار مدينة إدلب كجبهة ثانية لمواجهة الإرهاب، ومن المتوقع أن تستمر القوات المسلحة التركية في التقدم إلى أن تصل إلى منبج، وبذلك أصبحت الأهداف أكثر وضوحاً بالنسبة إلى تركيا، أي إن جميع المناطق غير المستقرة من شرق الفرات إلى الحدود العراقية ومن شمال العراق إلى الحدود الإيرانية، إضافةً إلى العناصر الإرهابية الموجودة في هذه المناطق قد أصبحت ضمن أهداف تركيا، وقد يستمر هذا التقدم حتى الوصول إلى جبل قنديل في العراق.

أدرك أن الخطوات المذكورة قد تستغرق سنوات طويلة، ولهذا السبب أعتقد أنه من الضروري تحديد جدول أعمال يراعي هذه الظروف والتوقعات.

التطورات الجديدة في الساحة السورية

لا يمكن القول إن الحرب الدائرة في سوريا قد اقتربت من النهاية، وعند النظر إلى عدم استقرار الأوضاع منذ عشرات السنين في العراق فإن توقّع استمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا لفترة أطول من التي شهدناها في العراق ليس بالاحتمال البعيد، أي إن الأيدي المسيطرة في الساحة السورية قد تتغير باستمرار كما حصل في ولايات كركوك والموصل في العراق، وعلى السبيل المثال يمكن للقوة التي يحاول حزب الاتحاد الديمقراطي تأسيسها في الساحة السورية أن تنهار كما حصل بالنسبة إلى الإقليم المستقل الذي حاول برازاني تأسيسه في شمال العراق، وذلك يوضّح أن تأسيس دولة ذات سيادة مستقلة ليس بالأمر السهل، إذ لا تتمكن العوامل الموجودة في هذه المنطقة من مواجهة الخطر الذي يهدد أمنها القومي إلا عند اتحادها في وجه مصد الخطر، وفي الواقع تشهد المواقف والظروف تغيرات جديدة في نهاية كل مرحلة.

لنذكر المرات التي تغيرت فيها المواقف والظروف في سوريا، في الفترات السابقة اقتربت قوات المعارضة السورية من تحقيق الانتصار، لكن سرعان ما تدخلت إيران في سير الأمور، وجاءت روسيا لتظهر في الساحة، كما أصبح دور دول الخليج والمملكة السعودية أقل فعاليةً في الساحة، اقتربت تركيا وروسيا من حافة الخوض في حرب جديدة، في حين وقفت واشنطن إلى جانب المنظمات الإرهابية مما دفع أنقرة إلى التقارب مع موسكو، لكن هذا التقارب أدى إلى انزعاج إيران أيضاً إلى جانب أمريكا، لكن أظهرت روسيا وتركيا موقفاً يوضّح أنها تستطيع الاستمرار في الحفاظ على العلاقات القائمة، وأثبتت ذلك من خلال الحصول على نتائج ملموسة في العديد من المواقع المهمة في سوريا.

تم تحديد مواقف جميع الجهات وتوثيق المناطق التي تقع تحت سيطرتها في الساحة السورية، لكن الحرب لم تنته بعد، والسبب في ذلك هو عدم نفاذ طاقة أي جهة،بل على العكس تماماً تحاول كل جهة أن تكمل الأعمال التي توقفت عنها بسبب الظروف.

المشكلة الرئيسة بالنسبة إلى إسرائيل هي إيران

هناك عوامل جديدة تستعد للدخول إلى الساحة السورية، إذ يمكننا القول إن أمريكا وإسرائيل لا تتدخل في الأحداث السورية بشكل فعّال، ويبدو أن أمريكا لا تدرك ما ستقوم به في هذا الصدد، ولكن في النهاية لا يمكن إيجاد حل للقضية السورية دون موافقة من أمريكا، في الواقع نحن لا ندرك ما هو الأمر الأهم بالنسبة إلى أمريكا، ويجب غض النظر عن دعم الأخيرة لحزب الاتحاد الديمقراطي لأن ذلك ليس هدفها الرئيس، بل إن أمريكا تستغل الحزب كأداة لإثبات وجودها في سوريا، إذ ستبدأ أمريكا بممارسة سياستها الجديدة تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي وسوريا والشرق الأوسط بعد أن تقوم بتحديد هدف واضح لها، لكن في الوضع الحالي لا تظهر أمريكا أي سياسة واضحة في الساحة، لكن من المؤكد أن المعادلات الموجودة في سوريا ستشهد تغيراً ملموساً عند تدخل أمريكا في سير الأمور.

أما بالنسبة إلى إسرائيل فإنها تستعد للدخول إلى الساحة، في الأمس تم تنفيذ غارة جوية ضد النظام السوري، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن المشكلة الرئيسة بالنسبة إلى إسرائيل هي إيران، إذ اكتفت إسرائيل بمشاهدة قتل المسلمين لبعضهم البعض لعشرات السنين، وأعتقد أنها استمتعت كثيراً في المشاهدة، لكن الآن بدأت تشعر بالخطر التي تشكله إيران، إذ أصبحت إيران بمثابة جار لإسرائيل بعد تدخلها في سوريا، وذلك سيؤدي إلى دخول إسرائيل أيضاً إلى الساحة السورية، جميعنا كنا نتوقع أن تتدخل إسرائيل في القضية السورية عاجلاً أم آجلاً، ويبدو أن الوقت قد حان لهذا التدخل.

 كيف ستكون ردة الفعل التي ستظهرها روسيا، وهل ستدافع عن إسرائيل أم تحاول تهدئتها؟ كيف ستكون نظرة إيران تجاه روسيا بعد الآن؟ ما العوامل البديلة التي ستواجهها تركيا في حال تدخل إسرائيل؟ لننتظر ونراقب مجرى الاحداث.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس