ترك برس

شارك في بناء قصر العظم في حماة ثلاثة من الولاة العثمانيين،ففي منتصف القرن الثامن عشر شغلت مدينة حماة ببناء قصر واليها أسعد باشا العظم، فشمخت القاعة الكبرى بقبتها الجميلة فوق قبو كبير، اتُّخِذَ إسطبلا ومستودعا للأعلاف آنذاك، واتخذت القاعة مقرا لحاكم المدينة.

وكان حاكمها أسعد باشا العظم، وقد شيد القصر في أجمل بقعة في مدينة حماة على ضفاف نهر العاصي، ويجري النهر تحته وكأنه شارع مستقيم تشدو عليه نواعير حماة الشهيرة بصوتها العذب ضمن حديقة غناء.

تكتظ منطقة القصر بالكثير من اﻷوابد العمرانية مثل القلعة وجامع النوري، ويعد من أجمل ما بنى العثمانيون في المدينة. اشتمل طرازه الهندسي على فنون الفسيفساء والحفر على الخشب.

من بعد أسعد باشا، جاء مؤيد باشا العظم فأكمل عمله، وبنى في عام 1824 بالطابق اﻷرضي قبوا ملحقا باﻹسطبل يقع في جنوبه، وشيّد فوقه جناحا مماثلا للقاعة الكبرى، من الجنوب يتألف من غرف مزخرفة ومنقوشة.

وفي عام 1830 أتمّ أحمد مؤيد باشا تزيين الطابق الأرضي فأنشأ إيوانا بديعا ونافورة كبيرة مثمنة الشكل، وعدة غرف تحيط بها،فضلا عن حمام خاص بالقصر (حمام المؤيدية) نسبة إلى بانيه.

وعند تسلم نصوح باشا لولاية حماة بنى قسما إلى الشمال من القاعة الكبرى واتخذه مقرا وجعله مكانا للضيوف والرجال (سلاملك)، ورمّم بعض أقسام قاعة الذهب. وقد سميت القاعة الكبرى بقاعة الذهب لأن نقوشها وزخارفها أنجزت بماء الذهب.

واتخذ قاعة الذهب مكانا لنسائه وحريمه (حرملك) كما هي العادة في بناء القصور العثمانية آنذاك. وقام أحمد مؤيد بن نصوح باشا بإضافات كثيرة على الحرملك،فبنى القبو المقابل للإسطبل،الذي بناه أسعد باشا من قبل وأنشا فوقه غرفا مواجهة للقاعة الكبرى بعضها مزخرف.

كما بنى في الطابق اﻷرضي من الحرملك إيوانا تكتنفه غرفتان وأمامه نافورة مثمنة الشكل،إضافة إلى الحمام الذي يقع شمال الباحة الواسعة للقصر.

وترك بناة القصر الثلاث هذا القصر ﻷولادهم وأحفادهم وسكنوه حتى عام 1918، ثم اشترته هيئة أمناء دار العلم اﻷهلية بخمسة آلاف ليرة سورية، وأصبح مدرسة.

في عهد الرئيس شكري القوتلي عام 1956، تم استملاكه من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف، وحول إلى متحف للتقاليد الشعبية. وبالمتحف في طابقه العلوي غرفتان عرض في اﻷولى أعمال ريف حماة من طحن للحبوب أو غزل للصوف، تقوم به فتاتان ترتديان الزي الشعبي.

أما الغرفة الثانية فتسمى بجلوة العروس حسب اللهجة المحلية، والتي تعني الماشطة التي تقوم بتزيين وتلبيس العروس ثوب القز الذي تشتهر به العروس الحموية، وهو من حرير أصلي أسود.

وأيضا في داخل حمام المؤيدية بأقسامه الثلاث براني وجواني ووسطاني تمثل مراحل الاستحمام، وتنتهي بالاستراحة والاضطجاع مع شرب الشاي. وفي أول مدخل القصر باحة جميلة تتوسطها نافورة كبرى مثمنة الشكل، وفي منتصفها شجرة مانوليا معمرة.

قصر العظم في دمشق

عندما عين أسعد باشا واليا على دمشق بعد عشر سنوات، بنى قصرا مماثلا لقصر حماة، حيث كان مولعا بالبناء وقام ببناء خان أسعد باشا العظم في حماة، وحول حاليا إلى كلية اﻵداب الثانية، وأيضا حمام الأسعدية في سوق الطويل.

ويقع قصر العظم في وسط مدينة دمشق القديمة بالقرب من سوق البزورية ما بين الجامع اﻷموي الشهير وبين الشارع المستقيم (سوق مدحت باشا) جنوبا.

ويعتقد أنه أقيم على أنقاض قصر الخضراء الذي بناه الخليفة اﻷموي معاوية بن أبي سفيان، وتبلغ مساحته 5500 متر مربع، وهو أوسع وأكبر و أضخم من قصر العظم الحموي.

يتألف من عدد من الكتل المعمارية المختلفة، وفيه قبوان أحدهما تحت القاعة الكبرى، واﻵخر في جناح الخدملك للمؤونة، وفيه 16 قاعة كبيرة، و19 غرفة أرضية و9 غرف في الطابق العلوي، وثلاثة أواوين.

استملك من قبل الدولة في عام 1953، وافتتح كمتحف شعبي بعد عام من عمليات الترميم.

وما زال قصرا العظم في دمشق وحماة يستقطبان السياح من كل حدب وصوب بهندستهما المعمارية العثمانية الفريدة، كما يمثلان خاصة (قصر دمشق) نموذج العمارة الأرستقراطية الفخمة في العهد العثماني.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!