إسماعيل تشاغلار – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

خلال الأسبوع المنصرم تم إسقاط طائرة روسية في سوريا، وأسفرت الحادثة عن مقتل 39 موظفا روسيا، وتبعاً لذلك أرسلت الحكومة التركية رسالة تعزية لمقتل موظفي الطائرة الروسية، وكانت ردود الفعل الموجودة ضمن الرد القادم من الحكومة الروسية مشيرةً إلى أفكار كثيرة حول السياسة التركية على المدى الطويل في سوريا، وكان هناك بعض الباحثين القلقين يشعرون بالانزعاج نتيجة تقديم تركيا رسالة التعزية.

كانت الانتقادات على الشكل التالي: إن روسيا هي الداعم الأبرز للنظام السوري المجرم، وكانت حادثة سقوط الطائرة الروسية بمثابة منفذ بالنسبة إلى النظام السوري الذي أوشك على فقدان الدعم الجوي الذي توفره روسيا، كما كانت الحادثة المذكورة وسيلةً للحفاظ على البقاء الروسي في الأراضي السورية، وبذلك تكون تركيا قد أرسلت رسالة تعزية أشارت من خلالها إلى أن الطائرة الروسية كانت تحمل الموظفين العسكريين الذين يقتلون المدنيين في سوريا.

في الواقع الحكومة التركية ليست مضطرة لمثل هذا العمل، لأن الوجدان ليس الواقع الوحيد لهذا العالم، كما أن ذلك لا يفتح مجال التحرك أمام المعارضة السورية ولا ينقذ حياة أي طفل في الغوطة الشرقية ولا يؤدي إلى خسارة نظام الأسد وانتصار المعارضة ولا يخفف من النشاط العسكري لروسيا في الأراضي السورية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، الوجدان ليس الواقع الوحيد لهذا العالم، فضلا عن أن العالم قد فقد وجدانه بشكل كامل منذ مدة طويلة وخاصةً في سوريا.

عندما حاولت الحكومة التركية ممارسة سياسة مبنية على الوجدان والضمير والصراحة والقيم والمبادئ في سوريا وغيرها لم تحصل على أي فائدة لصالحها أو صالح المظلومين، لكن عندما أدركت أن الانتصار لا يكون إلا بغض النظر عن الوجدان والانزعاج والحزن أصبحت قادرة على كسب الفوائد لنفسها وللمظلومين أيضاً.

جلست الحكومة التركية على طاولة المفاوضات مع الحكومة الروسية، وتمكنت من إيجاد حلول للعديد من الخلافات القديمة، كما حدّدت المجالات الغير قابلة للاتفاق والتي يمكن الاتفاق في خصوصها مع روسيا، ونتيجة لهذه المباحثات استطاعت القوات المسلحة التركية تنفيذ عمليات درع الفرات وغصن الزيتون بأقل الخسائر من خلال استخدام الساحة الجوية السورية التي تقع تحت سيطرة روسيا، إضافةً إلى القضاء على خطر الإرهاب الذي يهدد الحدود التركية وبذلك فتح المجال أمام المعارضة السورية التي أوشكت على الخسارة، وبالتالي أصبحت تركيا قادرة على حماية وطن المعارضين في الساحة وطاولة المفاوضات معاً. 

عن الكاتب

إسماعيل تشاغلار

إعلامي تركي، وكاتب لدى صحيفة تقويم التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس