الأناضول

شدد أمر الله إشلر، ممثل الرئيس التركي إلى ليبيا، وعضو البرلمان، على أن "التشرذم الفكري الذي كان أحد نتاجات التشرذم الجغرافي بين الدول العربية الإسلامية، وجّه ضربةً مؤلمة لمسار إيجاد حلّ لهذه القضية، لا تقل عن ضربات سياسات إسرائيل العدوانية".

جاء ذلك في كلمة له في افتتاح الملتقى البرلماني لأجل القدس، الذي بدأ أمس في إسطنبول، وأفاد أن "دول المنطقة غير العابئة بالقضية الفلسطينية، تقف موقف العاجز عن تفسير ما يجري لشعوبها، حيث إن القضية الفلسطينية التي تحافظ على زخمها منذ قرن من الزمن، تؤثر بشكل مباشر على التطورات الأخرى الحاصلة في المنطقة".

وأضاف أنه "من المؤسف أن أيًا من الدول الإسلامية، وخاصة دول العالم العربي، لم تظهر الشجاعة الكافية، ولم تبذل الجهد اللازم من أجل التوصل إلى حل يضع حداً لهذه المشكلة، والمشاكل التي تفجرت مع تأسيس إسرائيل، جعلت المنطقة التي ترمز للسلام وجميع القيم السمحة، ساحةً للمآسي والآلام والتشرد، لذلك فإن إقامة دولة إسرائيل وما تبع ذلك من سياسات توسعية، يشكل أكبر العقبات التي تحول دون تحقيق السلام في المنطقة".

وأكد أن "تركيا أعربت عن إدانتها وبشدّة للممارسات الإسرائيلية، عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الفلسطينية، وقامت بمجموعة مبادرات هامة لدفع المجتمع الدولي نحو التحرك، وبذلت وما تزال جهوداً على الساحة الدولية، بهدف وقف الممارسات الإسرائيلية الشنيعة، التي تسعى للتضييق على حرية المسلمين في العبادة والمعتقد، وتغيير الواقع التاريخي للحرم الشريف".

وقال إن "بلاده تبذل تحركات لدى أعضاء مجلس الأمن الدولي، لدفع المجلس نحو القيام بمسؤولياته وواجباته في حماية الأمن والاستقرار والسِلم الدولي، إضافة إلى أن تركيا قدمت مجموعة من المقترحات الفعالة، خلال اجتماع مجموعة الاتصال الخاصة بالقدس، التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في العاصمة المغربية الرباط، في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كما ضمّنت ملحق خطّة العمل المتعلقة بالقدس، إنشاء وقف دولي خاص بالمدينة المقدّسة في مدينة اسطنبول".

ومضى بالقول "إن القضية الفلسطينية، ليست مسألة سطحية يمكن شرحها في كلمة أو خطاب، فضلاً عن أن هذه القضية ليست حكراً على الفلسطينيين أو المسلمين، فالقضية الفلسطينية هي قضية كل إنسان يشعر بالوازع الأخلاقي، ويصغي إلى صوت الضمير، ويلتزم بما يترتب على ذلك من مسؤوليات، بغض النظر عن الإنتماء الديني، أو العرقي أو الطائفي".

وفي نفس الإطار، أشار إلى أن "القضية الفلسطينية هي قضية العالم بأسره، وأن إسرائيل، التي تسببت بوجود هذه القضية، تقع في قلب هذه المعضلة، وإن إسرائيل ومن خلال السياسات التي تنتهجها، تعلن الحرب على جميع القيم المقدسة، التي يعتبر احترامها واجب على جميع أبناء الجنس البشري، وإن الزيادة الملحوظة في الانتهاكات الممارسة بحق الحرم الشريف، وقرارات الاستيطان غير الشرعية، خاصة في الفترة الأخيرة، في أعقاب الاعتداءات التي استمرت 51 يوماً على قطاع غزّة، باتت تشكل أساساً لتصعيد خطير في المنطقة".

ولفت إلى أن "الجنود الإسرائيليون اقتحموا المسجد الأقصى ودخلوه لأول مرة في التاريخ، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحرمته، ودليلاً واضحاً على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الإنسانية، يضاف إليها مقتل الوزير الفلسطيني زياد أبو عين، نتيجة تعرضه لاعتداء عنيف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ١٠ كانون الأول\ ديسمبر الماضي، وكل ذلك يجب أن يندرج ضمن قائمة جرائم إسرائيل ضد الإنسانية".

من ناحية ثانية، وجد إشلر أنه "رغم كل المشاكل الناجمة عن السياسات الإسرائيلية، إلا أنه من الملاحظ في الفترة الأخيرة تطورات إيجابية، فبعد اعتراف السويد بالدولة الفلسطينية، بدأت برلمانات كل من بريطانيا، وايرلندا، وإسبانيا، وفرنسا، والبرتغال، ولوكسمبورغ، باتخاذ قرارات مشجعة حيال الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما أن قرار الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي في 17 كانون الأول\ ديسمبر الماضي، والمتعلق بالاعتراف بدولة فلسطين، وقرار المحكمة العامة في الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه، حول إزالة اسم حماس من قائمة المنظمات الإرهابية، يكتسبان أهمية خاصة في هذا السياق".

ولفت إلى أن "قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتعلق بإقالة أطراف من الحكومة، بسبب توجيههم انتقادات لاذعة لسياساته، أدى إلى تفكك الائتلاف الحكومي في إسرائيل، وتوجه البلاد نحو انتخابات مبكرة، وهي ليست إلا نتيجة من نتائج التطورات الإيجابية".

واتهم إسرائيل "بمواصلتها أنشطتها الاستيطانية غير القانونية، وأظهرت إسرائيل ردود فعل حادّة، بسبب طلب قدمته فلسطين ضدها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقررت تجميد تحويل 127.6 مليون دولار من أموال الضرائب، كنوع من أنواع العقوبات التي تفرضها على الفلسطينيين، وهي خطوات أولى لمجموعة من التدابير التي اتخذتها إسرائيل بغية معاقبة الفلسطينيين، حيث مارست ضغوطاً من خلال الأعضاء والممثلين الموالين لها في مجلس الشيوخ والأميركي، لإجبار الولايات المتحدة على قطع المعونة السنوية التي تقدمها للسلطة الوطنية الفلسطينية، والبالغة 400 مليون دولار أميركي".

وخلص إلى أن "تلك الأنشطة التي تدمر أسس السلام، تكشف بوضوح أن إسرائيل مستمرة في البقاء كمشكلة تقض مضجع العالم بأسره، وإن الأحداث المتتالية ومعطيات المرحلة، تكشف عن وجود حاجة لحدوث تغيير في التوازنات الإقليمية والعالمية، من أجل إيجاد حلّ للقضية المذكورة، وعليه، فإن إنهاء مشكلة إسرائيل، لا يمكن أن تتم إلا من خلال حدوث تغيير في موازين القوى الإقليمية والعالمية".

وانطلق المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، أمس الجمعة، في مدينة إسطنبول، بتنظيم من ملتقى البرلمانيين لأجل القدس، ويتضمن عددا من الجلسات التي تتناول القدس والأقصى إضافة إلى القضية الفلسطينية ودور البرلمانيين فيها، ومن المقرر أن يستمر ليومين.

وتضمن الملتقى عددا من الجلسات، منها "فلسطين من المقاومة إلى التحرير" وتتضمن عرضا للقضية الفلسطينية في ظل التطورات الأخيرة، و "مشروع الدولة بين حدود الزمان والمكان"، والجلسة الثانية هي "الأقصى بين التهديد والمواجهة"، فيما الجلسة الثالثة هي "غزة بين الحصار والإعمار" وتتضمن مشاريع الإعمار بين الحقيقة والإشهار، والجلسة الرابعة هي "البرلمانيون وفلسطين" وتتضمن تطوير آليات العمل البرلماني للقضية الفلسطينية، ومعاناة النواب المختطفين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!