مريم العايدة أطلس - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

أدت الانتخابات التي جرت في ماليزيا في 9 مايو/ أيار، والتي تابعتها تركيا عن كثب، إلى إنهاء حكم الجبهة الوطنية (BN) الذي استمر ستة عقود، وانتصار ائتلاف أحزاب المعارضة، تحالف الأمل (PH). وجرت الانتخابات بين الغريمين في أجواء متوترة ومشحونة للغاية.

حدثت مناوشات بين الغريمين حتى حول الطريقة التي جرت بها عملية التصويت. وشكا زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق، مهاتير محمد البالغ من العمر 92 عاما من مشاكل في التصويت، قائلا إن الناخبين لم يتمكنوا من العثور على أوراق اقتراع. اشتكى بعض الناخبين من حصولهم على أوراق التصويت بعد يوم من الانتخابات.

ومع ذلك، فاز مهاتير، ليصبح أكبر رئيس حكومة في العالم.

قبل التصويت صبت معظم التوقعات نحو فوز سهل لرئيس الحكومة نجيب عبد الرزاق، وهو ابن ثاني رئيس وزراء في تاريخ ماليزيا، وابن أخت ثالث رئيس وزراء. وقد قاد نجيب عبد الرازق تحالف  الجبهة الوطنية، الذي حكم البلاد منذ تأسيسها في عام 1957. وتمتع عبد الرازق بعلاقات جيدة مع الصين. وبعد أن حكم البلاد منذ عام 2009، واجه نجيب رفضا كبيرا من الناخبين في عام 2013  وزادت حدة الغضب تجاهه بسبب مزاعم الفساد ضده، والتي ظهرت في وقت لاحق.

وينظر إلى ردود أفعال الطبقة الوسطى ضد النخب الفاسدة، والنفوذ المتزايد للصين والاضطراب الاقتصادي الذي يؤثر في كثير من السكان على أنها الأسباب وراء نتائج الانتخابات التي جرت هذا الأسبوع. وفي هذه الانتخابات كانت الأسباب الاقتصادية، ولا سيما زيادة الضرائب على السلع والخدمات، وانخفاض قيمة العملة وارتفاع تكاليف المعيشة، هي ما دفع الناخبين إلى التصويت ضد الجبهة الوطنية.

عندما ينظر المرء إلى عمر مهاتير، يجد أن الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات هو في الواقع عدوه السابق وحليفه الحالي، أنور إبراهيم البالغ من العمر 70 عاماً، الذي أُدين بارتكاب الفاحشة دون دليل، وسيُمنح عفواً من ملك ماليزيا سلطان محمد الخامس. وبهذا العفو سيكون أنور قادرا على أن يصبح نائبا برلمانيا وأن يستأنف العمل السياسي رسمياً. تشير التطورات الأخيرة إلى أن إبراهيم سوف يتولى قريبا منصب رئيس الوزراء بعد مهاتير.

كان أول تصريح لمهاتير محمد بعد الانتخابات هو إعلانه أنه لا يسعى للانتقام وإنما لاستعادة حكم القانون. وحتى هذا التصريح وحده يظهر بعض الاستياء المتبادل بين التحالفات السياسية الضخمة التي تنافست في الانتخابات.

في تركيا اعتبر فوز مهاتير محمد تطوراً إيجابياً، حيث نظر إليه البعض على أنه انتصار لـ"صديق الرئيس رجب طيب أردوغان". صحيح أن فوز مهاتير كان محل ترحيب من أردوغان، لكن هذا الرأي يستند إلى علاقة مهاتير برئيس الوزراء السابق، نجم الدين أربكان، حيث تعاون الاثنان في تأسيس مجموعة الدول الثمانية الإسلامية النامية (D-8).

ثمة تصور خاطئ في تركيا حول ماليزيا، إذ غالبا ما تنظر الجماعات المحافظة والدينية في تركيا ، نتيجة الاضطهاد الذي عانت منه على أيدي النظام العلماني، إلى السياسة والحياة من خلال التقسيم الصارم للمتدينين مقابل العلمانيين. ولكن الديناميكيات في ماليزيا معقدة للغاية أكثر مما يعتقد في تركيا، حيث لا يظهر الدين في الخطاب السياسي في البلاد، ويتفوق العرق على الدين كحافز سياسي. إن الهيكل الاجتماعي لماليزيا يختلف اختلافا كبيرا عن تركيا، حيث لم يضطر شعبها قط إلى المرور بسياسات مناهضة للدين مثل حظر الحجاب. ومن ثم فإن المتنافسين في المجال السياسي إنما يتنافسون حول القضايا السياسية الفعلية. وينظر البعض في تركيا إلى تحالف الأمل الفائز في الانتخابات الأخيرة  بوصفه تحالفا أكثر محافظة، ولكن التجالف يتكون من كثير من الأحزاب اليسارية.

خلال السنوات الـ 15 الماضية، كانت علاقات تركيا مع ماليزيا مشجعة وودية. فحينما كان نجيب عبد الرزاق يواجه نفورا من معظم دول العالم، فإنه زار أنقرة في عام 2015. وفي ديسمبر الماضي، عندما أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس ، اتصل أردوغان بنجيب شخصيا ودعاه إلى قمة منظمة للتعاون الإسلامي لبحث هذه المسألة، وقدم له نجيب دعمه الكامل.

ماليزيا شريك بالغ الأهمية  لتركيا. ويحتفظ كثير من رجال النخبة السياسية التركي بعلاقات ودية معها. وتمثل الطالبات التركيات اللواتي ذهبن إلى ماليزيا للدراسة، في وقت لم يستطعن فيه العودة إلى الوطن  بسبب حظر الحجاب، رابطا قويا ما يزال يربط بين البلدين.

سوف يستمر أردوغان وتركيا في الحفاظ على علاقات دافئة وودية مع التحالف المنتخب حديثًا، ومع جميع الحكومات الماليزية المستقبلية التي يتم اختيارها بإرادة الشعب الماليزي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس