فهد الرداوي - خاص ترك برس

لنستذكر التاريخ معاً ونرى من خلاله تلك الإشراقة العظيمة في حقبة من الزمن الماضي والتي لمع بها نجم الملك الناصر يوسف بن أيوب (الملقب صلاح الدين الأيوبي)، وما لهذا القائد (الكردي) العظيم من فضل على أمة الإسلام والمسلمين، فمن فتوحاتٍ وتوحيدٍ لكلمة المسلمين وإعادة هيبتهم، إلى الحدث الأهم في التاريخ والذي لم يسبقه إليه إلا الصحابي الجليل عمرو بن العاص "داهية العرب"، ألا وهو استعادة القدس المباركة، القدس التي بقيت خمسة عشرة عاماً قبلةً للمسلمين قبل تحويل القبلة إلى بيت الله الحرام، القدس وعظمتها وقداستها، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين ولا تُشد الرحال إلا إليها بعد الحرمين الشريفين.

هذا الحدث المهم، جعل من (صلاح الدين) وسماً بطعم الثأر والكراهية في قلوب من كانوا يسكنون القدس قبله، فلا الأيام مسحت أحقادهم ولا السنين أنستهم ما فعله هذا القائد المسلم العظيم، فهم يقرؤون التاريخ جيداً ويبنون عليه استراتيجية مستقبلهم، تجلّى هذا الأمر أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا، حين دخل الجنرال الفرنسي (غورو) المسجد الأموي واتجه إلى قبر (صلاح الدين) فركل القبر بقدمه وقال كلمته المشهورة: ها قد عُدنا يا صلاح الدين، راداً بذلك وبعد ثمانية قرون على صلاح الدين حين قال لهم حينها: اخرجوا منها إلى غير رجعة.

وبعد هذه العِبر من التاريخ القديم والحديث نرى اليوم وللأسف الشديد، نرى من يدّعون بأنهم أحفاد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي يرتمون بأحضان بعيدة كل البعد عن أحضان الثورة وسوريا الوطن، (الثورة التي تُجسد مطالب الشعب وتُنادي بالحرية والمساواة واسترداد الحقوق المسلوبة للشعب السوري بأكمله)، مستبشرين بوعودٍ واهية من أعداء الإنسانية تؤملهم بدولة انفصالية بدون مؤثراتٍ بحرية ولا حدود جوية، وقد ظهر هذا الأمر جلياً في العام الفائت عندما استفتى الأكراد في أربيل، وما تصريح نظام الباندول (حديثاً) إلا استمرارية لذات النهج، فما نظام الباندول هذا إلا نظام أسدي مُجرم يغتصب السلطة في سوريا ويأتمر بأمر أسياده، وكما الغرب يحترم ثأر أجداده الأوائل في "مملكة السماء"، هو أيضاً يحترم معاهدات أجداده القريبين (سايكس وبيكو)، ويحترم أيضاً من قام باضطهاد الأكراد وإذلالهم واعتقالهم على مرِّ عقود من الزمن وأخيراً يستخدمهم بحروبٍ ليسوا فيها بأكثر من الوقود، فمتى سيأتي اليوم الذي يستفيق الغافل من غفلته وينبذ أفكار الانفصال القميئة وينخرط بصفوف ثورة الكرامة والحرية، ثورة الشعب السوري الأبي بجميع أطيافه ومكوناته وأعراقه ومذاهبه، صفاً واحداً لا مترديةً به ولا نطيحة، صفاً واحداً بوجه نظام الإجرام الأسدي وإيران العار وحزب الشيطان اللبناني الإرهابي وجميع مشتقات الإرهاب الطائفية التي تحاول النيل من وحدة الثورة والوطن الأوحد... فسوريا لأبنائها وليست لأعدائها.

عن الكاتب

فهد الرداوي

الأمين العام لتيار التغيير الوطني السوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس