ترك برس

تناول تقرير صحفي تخطيط تركيا للانتقال إلى مرحلة "التأثير الاستراتيجي" في البحر المتوسط، والخطوات التي اتخذتها الحكومة التركية في الآونة الأخيرة لضمان مصالح البلاد من موارد الطاقة في البحار.

وأشار التقرير الذي أعده موقع "الجزيرة نت"، إلى بدء سفينة تركية ثانية التحرك في المياه العميقة بالبحرين الأسود والمتوسط من أجل التنقيب عن النفط والغاز، وذلك بعد أشهر قليلة من إبحار سفينة الفاتح كأول سفينة تركية محلية الصنع متخصصة في التنقيب.

وأضاف: تطور وقرار جديد اتخذته تركيا متجاوزة من خلاله جميع التهديدات والمخاطر التي تلوح بها بعض الدول، وترد أنقرة عليها بحزم وإصرار متوعدة كل من يقف أمامها بمواجهتها بكل وسائلها الدفاعية الجاهزة.

وحسب التقرير، لا تقتصر أهداف حكومة "العدالة والتنمية التركية" عند تقليل الاستيراد وخفض تكلفة الإنفاق على الطاقة فحسب، ولكن مسؤولون أتراك تحدثوا للجزيرة نت أكدوا أن تركيا تخطط للاستغناء عن الاستيراد بالكامل والتحول إلى التصدير خلال الفترات القادمة.

في الوقت الذي بدأت فيه تركيا بتنفيذ عمليات التنقيب، تسعى أنقرة لفتح آبار في المياه القبرصية كذلك، والاستفادة من مواردها الذاتية واستكشاف مصادر الطاقة ضمن حدودها البرية والبحرية، وذلك في إطار سياسة الطاقة الوطنية التي تسعى إليها الحكومة، وفقا لتصريحات سابقة أدلى بها وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز.

ونقل موقع "الجزيرة نت" عن مسؤولين في وزارة الطاقة التركية، إن الحكومة التركية تسابق الزمن من أجل ضمان مصادر الطاقة المتوفرة لمواطنيها والاستفادة منها.

المسؤولون أفادوا بأن الحكومة عمدت مؤخرا إلى استخدام سفن محلية الصنع للتنقيب بدلا من السفن المستأجرة التي كان يكلف استئجار الواحدة منها قرابة نصف مليون دولار في اليوم الواحد.

الصحفي التركي حمزة تيكين، أكد أن تركيا دخلت فعليا نادي المنقبين عن النفط والغاز في البحر المتوسط، وبدأت بحفر أول بئر في المياه العميقة قبالة سواحل ولاية مرسين جنوبي البلاد، في حين تتحضر للبدء بحفر بئر ثانية في المنطقة نفسها.

كما أن جميع أعمال التنقيب والحفر تجري بتخطيط كامل من قبل مهندسين أتراك وبوسائل تقنية ومعدات محلية الصنع، وكان في مقدمتها سفينتا التنقيب العملاقتان اللتان أبحرتا خلال الأيام الماضية.

ويرى تيكين أن هذه الأعمال تعتبر حقا مشروعا لتركيا ولا تستطيع بعض دول حوض شرقي وجنوبي المتوسط منع تركيا عن المضي بمشروعها مهما كانت النتائج والعواقب، ويؤكد أن تركيا اليوم قادرة وبإمكانياتها المحلية حفظ أمن وحماية سفن التنقيب والآبار التي تحفرها.

وستساهم عمليات التنقيب بالمتوسط في تلبية احتياجات الشعب التركي من الغاز وحل مشكلة احتياجات جمهورية شمال قبرص من الكهرباء.

وتسعى تركيا لاستثمار ما قيمته عشرة مليارات دولار من خلال هذا المشروع بحلول عام 2023، وقد تحصل على أرباح تصل إلى نحو 30 مليار دولار بحلول العام ذاته، وفقا لتقديرات رسمية.

وإلى جانب عمليات التنقيب، هناك خطان لأنابيب الغاز يمران عبر الأناضول إلى أوروبا، الأول هو خط أنابيب "تاناب" لنقل الغاز الآذربيجاني إلى الأسواق الأوروبية عبر الأراضي التركية، الذي ينقل حاليا 16 مليار متر مكعب من الغاز الآذربيجاني، منها عشرة مليارات إلى السوق الأوروبية، في حين ستباع ستة مليارات أخرى للسوق التركية، على أن يزداد حجم إنتاج هذا الغاز إلى 23 مليار متر مكعب بحلول عام 2023، وإلى 31 مليار متر مكعب بحلول عام 2026 بحسب ما تخطط له تركيا، وأفاد به الصحفي تيكين.

أما الخط الثاني هو خط "السيل التركي" المكون من أنبوبين بقدرة 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنويا لكل منهما، من روسيا إلى تركيا مرورا بالبحر الأسود، حيث يغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول شرقي وجنوبي أوروبا.

ومن المقررة أن تحصل تركيا بفضل "السيل التركي" على كمية كبيرة من الغاز الروسي بسعر مخفض، فضلا عن حصولها على عمولة جيدة من سعر الغاز المتدفق إلى أوروبا عبر أراضيها.

وبحسب تقديرات رسمية، فإن فاتورة استيراد تركيا للطاقة تبلغ نحو 45 مليار دولار سنويا، إذ يصل الاستهلاك التركي من الغاز الطبيعي نحو 50 مليار متر مكعب، في حين يصل استهلاك النفط قرابة 40 مليون طن.

لكن من خلال جميع هذه المشاريع حديثة الإنشاء والبحث، يتوقع مراقبون أن تتمكن تركيا من فرض نفسها كقوة في سوق الغاز والطاقة رغم أنها ليست بلدا منتجا لها.

بحسب مراقبين وخبراء اقتصاديين، فإن أكثر ما يجعل تركيا تكثف جهودها لتنفيذ مثل هذه المشاريع الاقتصادية العملاقة رغم الهواجس الأمنية المحيطة بها، هو امتلاكها لقوات بحرية تعتبر من الأقوى في الشرق الأوسط.

فتركيا تملك أقوى أساطيل الغواصات في حلف "الناتو" فضلا عن الفرقاطات والبوارج الحربية المحلية الصنع، إلى جانب اقترابها من الانتهاء من تصنيع أول حاملة طائرات تركية.

وبذلك فإن تركيا تخطط للانتقال بفعل امتلاكها لهذه القوات إلى مرحلة "التأثير الإستراتيجي" في المتوسط، حيث تمنحها هذه العوامل قدرة أمنية وعسكرية على حماية مشروعها النفطي الغازي"، وفق مراقبين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!