ترك برس

وجهت وسائل إعلام إسرائيلية انتقادات حادة لقرار الولايات المتحدة المفاجئ بسحب قواتها من سوريا. واتفق المحللون الإسرائيليون على وصف القرار بأنه ضربة قاسية للسياسة الإسرائيلية، وخيانة للميليشيات الكردية المتعاونة مع واشنطن في حربها على داعش، وأن تركيا الرابح الرئيسي من القرار في معركتها ضد الميليشيات الكردية.

وفي صحيفة يسرائيل هايوم المقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، كتب نيطاع بر يوسف، إن القرار الأمريكي ترك "شركاءها الأكثر ولاءً في حرب الولايات المتحدة على داعش مكشوفين أمام اجتياح تركي، وأن الأكراد اكتشفوا مرة أخرى أنهم ليسوا سوى بيادق في أيدي القوى العظمى."

وأضاف بر يوسف أن "تنظيم داعش لم يعد تهديدا للحكم الذاتي الذي بناه الأكراد لأنفسهم من الصراع الدامي مع التنظيم، بل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعد الميليشيا الكردية منظمة إرهابية وأقسم على تحرير شمال شرق سوريا من سيطرتها."

وأردف أنه بعد أن قرر الأمريكيون سحب قواتهم من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، فإن آخر عقبة أمام الاجتياح التركي قد تم تجاوزها، حيث أعلن الرئيس التركي أن العملية العسكرية التركية في سوريا أصبحت وشيكة.

وختم المحلل الإسرائيلي مقاله برثاء حال الميليشيات الكردية بعد تخلي واشنطن عنها، وقال "إن الأكراد الذين تعرضوا لكثير من الخيانات في الماضي، لم يعد لهم صديق إلا الجبال. صحيح أن الرئيس ترامب محق في أن المعركة ضد داعش في سوريا قد انتهت، لكنه ترك الأكراد لمصيرهم في مواجهة تركيا، وسيكون ما فعله مثالا لمن يفكرون في الاعتماد على الولايات المتحدة في الكفاح ضد الإرهاب،" على حد قوله.

وفي صحيفة معاريف اعتبر المحلل الأمني، يوسي ميلمان، أن قرار الرئيس ترامب ضربة قاسية للسياسات الإسرائيلية، واستسلام أمريكي لتهديدات تركيا، ورسالة أمريكية إلى حلفائها في الشرق الأوسط بأنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة كشريك.

وكتب ميلمان أن المساعدات العسكرية الأمريكية ساهمت في تقوية الجيب الكردي وكانت طعنة بالنسبة إلى تركيا التي تعتبر ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردي منظمة إرهابية وفرعا لحزب العمال الكردستاني.

ولفت ميلمان إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حذر الرئيس ترامب خلال محادثتهما الهاتفية هذا الأسبوع من أن الوجود الأمريكي قد يؤدي إلى مواجهة مع جيشه.

وعلق المحلل الإسرائيلي على ذلك بأن الحملة العسكرية التركية كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، وهو ما يعني استسلام قوة عظمى لتهديدات القوة العسكرية الأدنى.

ووفقا لميلمان فإن القرار الأمريكي ستكون له تداعيات خطيرة على إسرائيل، مشيرا إلى أن رئيس الجكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع المستقيل، أفيغدور ليبرمان، ورئيس الأركان الجنرال غابي إيزنكوت ورئيس الموساد يوسي كوهين حاولوا إقناع الأمريكيين بأن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا أمر حيوي، ليس فقط لمصالح أمريكا ولكن بالطبع لحلفائها في الشرق الأوسط وعلى رأسهم إسرائيل.

وأضاف أن انسحاب القوات الأمريكية هو رسالة مدوية لبقية حلفائها في الشرق الأوسط: المملكة العربية السعودية والأردن ودول الخليج ومصر، بأن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها، علاوة على الميليشيات الكردية التي ستجد نفسها مرة أخرى بمفردها في مواجهة تركيا ونظام الأسد.

وختم ميلمان مقاله بأن الانسحاب الأمريكي هو نصر لإصرار إيران على التمسك بسوريا والتخلي عن الساحة لروسيا، وأن مطالبة إسرائيل بالانسحاب الإيراني من سوريا تبدو الآن بعيدة المنال.

أما محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس، تسفي برئيل، فاعتبر أن إعلان البيت الأبيض سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا لا ينبغي أن يكون مفاجئا، ولو لسبب واحد فقط، لأن الرئيس الأمريكي اعتاد أن يغير سياسته مثلما يغير الجوارب.

ورأى برئيل أن حجم القوات الأمريكية في سوريا لم يكن من شأنه تمكينها من إدارة أنظمة تكتيكية كبيرة، ولكن وجودها كان بمثابة حيز للسيطرة والردع ضد القوات الروسية والتركية والسورية والإيرانية. وهو ما حدث عندما أوقفت واشنطن توسيع العملية العسكرية التركي في عفرين.

وأضاف أنه لم يعد هناك الآن عقبة أمريكية أخرى أمام تركيا لتوجيه ضربة للميليشيات الكردية، وسيكون على الأكراد أن يقرروا إما خوض حرب طويلة وربما ميؤوس منها مع تركيا أو البحث عن ملجأ في موسكو دون أن يتمكنوا من وضع المزيد من الشروط لمستقبلهم في سوريا.

وكرر برئيل وجهة نظرغيره من المحللين الإسرائيليين من أن الأكراد هم أكبر الخاسرين من القرار الأمريكي، وأنها لن تكون المرة الأولى في تاريخ الأكراد التي يكتشفون فيها أن الولايات المتحدة حليف لا يمكن الاعتماد عليه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!