ترك برس

في إطار سعيها للتوسع إقليميًّا وعالميًّا، قامت الشركاتُ التركيةُ بزيادة استثماراتها الخارجية بشكلٍ كبير، لتصل إلى 40 مليار دولار في الفترة ما بين عامي 2000 و2017 بحسب ما أظهر تقرير صدر مؤخرًا عن مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي (DEİK) وشركة "بين آند كومباني" (Bain & Company).

ووفقًا لمؤشر الاستثمار الأجنبي لعام 2018 للشركات التركية، فقد تضاعفت الاستثمارات الأجنبية للشركات التركية عشرين مرة خلال 17 عامًا، وذكر التقرير أن المملكة المتحدة تمّ تحديدُها لقاعدة رئيسية للاستثمارات التركية في عام 2017، كما أشار إلى أنه مقارنةً بالعام السابق، استحوذت المملكة المتحدة على المرتبة العليا في فئة الدول ذات الدخل العالي، من الولايات المتحدة، التي كانت القاعدة الرئيسية للاستثمارات التركية الخارجية للعامين السابقين.

وأضاف التقرير أنه في الوقت الذي بلغ فيه حجمُ الاستثمارات الأجنبية 4 تريليونات دولار بين عامي 1990 و2000، إلا أنها زادت بمقدار خمسة أضعاف لتصل إلى 20 تريليون دولار بين عامي 2000 و2017، وأشار التقريرُ إلى أنه في هذه الفترة، تضاعف حجمُ الاستثمارات التركية في الخارج 20 مرةً لتصل إلى 40 مليار دولار.

وفي فئة الدول متوسطة الدخل، حافظت الصينُ على صدارتها من حيث استقطاب الاستثمارات التركية، في حين احتلّت إندونيسيا المرتبة الأولى في فئة الدول منخفضة الدخل، في حين حافظت دول شرق أوروبا على اتجاهها التصاعديّ في السنوات الأخيرة بين الدول الجاذبة للاستثمارات الشركات التركية.

من جهته، قال رئيسُ مجلس إدارة مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية نائل أولباك، إن رجال الأعمال الأتراك قاموا باستثماراتٍ كبيرةٍ في مختلف القطاعات حول العالم، وأضاف: "بصفتنا مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، نقوم بنشاطات دبلوماسية تجارية مع 145 مجلس أعمال في 138 دولة ومنطقة حول العالم لتمهيد الطريق لمستثمرينا وتوجيههم. نحن ندرس الفرص الاستثمارية ونشجع أعضاءنا في هذا السياق".

كما قال إن مؤشر الاستثمار الخارجي كشف عن تزايد اهتمام الشركات التركية بالاستثمارات الأجنبية بنتائج ملحوظة.

وتجدر الإشارة إلى أن منهجية المؤشر تعمل من خلال مساهمات مجلس أعمال الاستثمارات الأجنبية في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية وشركة "Bain & Company"، وتقييم البلدان في إطار المعايير المحددة تحت عناوين رئيسية هي: بيئة الأعمال ومستوى التنمية، وإمكانات المعرفة، وأحجام السوق المحلية والمجاورة، والبنية التحتية التشريعية، وتكاليف الإنتاج والمواد الخام، والعلاقات مع تركيا.

ويتمُّ إعداد المؤشر بشكلٍ دوريٍّ استنادًا إلى أن الديناميكيات الداخلية لدولة ما حينما يتمُّ استثمارها تؤثر على أولويات الاستثمار، وتعمل على تقسيم الدول في ثلاث مجموعات، وهي البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط والمنخفض.

وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية والشريك في شركة "Bain & Company"، فولكان كارا، إن نتائج التقرير تشير إلى تذبذبٍ طفيفٍ في تدفقات الاستثمارات العالمية مقارنةً بالعام السابق.

ومع ذلك، أشار كارا إلى أن السرعة في الاستثمارات الخارجية للشركات التركية لم تتناقص عمّا كانت عليه في السنوات الأخيرة، مضيفًا أن الولايات المتحدة، التي كانت الأولى من حيث جذب الاستثمارات التركية لسنتين، قد سلّمت هذه المرتبة إلى بريطانيا في عام 2017.

وأضاف أن العديد من الشركات التركية، التي تحاول عولمة استثماراتها، حدّدت بريطانيا كقاعدة لشركاتها الوسيطة أو استثماراتها المباشرة، وقال كارا إن المملكة المتحدة كانت عنوان استثمارٍ جذاب، لا سيما بسبب قربها من تركيا، وسهولة وصولها إلى المنظمات الدوليّة، والمستشارين الماليين والاستثماريين.

وتابع قائلا: "تبرز تركيا مع ميزتها الضريبية، والمرونة في عمليات تأسيس الشركات وسهولة استخدام عملتها مقارنةً بالدول الغربية المتقدمة الأخرى. في عام 2017، أُنجِزَت 18 في المئة من الاستثمارات والاستحواذات الأجنبية على الشركات التركية في بريطانيا".

كما أوضح كارا أنه في المؤشر، ولدى اختيار عناوين الاستثمار بما يتماشى مع سلوك المستثمرين الأتراك، تأتي البلدان ذات الروابط التجارية العضوية والبلدان التي يتمُّ فيها حشد الروابط السياسية، وخاصة دول أوروبا الشرقية والمناطق الجغرافية المجاورة، في الصدارة. وقال: "إن الصناعات الغذائية والبناء والمقاولات والخدمات اللوجستية ومنتجات الصناعات الخشبية والورقية وقطاعات الطاقة والبيع بالتجزئة برزت كأكبر القطاعات المستثمرة".

ووفقًا للمؤشر، فإن الشركات التركية التي ترغب في التوسع إقليميًّا وعالميًّا قد حققت ملياري دولار من الاستثمارات الخارجية في عام 2017. كما أن الرقم نفسه بلغ ملياري دولار في عام 2016. بالإضافة إلى ذلك، حقّقت الشركاتُ التركيةُ 17 عملية اندماج واستحواذ في الخارج بلغت قيمتها نصف مليار دولار في عام 2017، بالمقارنة مع 3.6 مليار تمّ تحقيقها في العام السابق. وقد حقّقت الشركاتُ التركيةُ قرابة 300 عملية اندماج واستحواذ في الخارج، بلغ مجموعُها أكثر من 30 مليار دولار في السنوات الخمس عشرة الماضية.

وعلى الرغم من أن 21 دولة من الدول التي توجد فيها الاستثمارات التركية تقع في أوروبا، إلا أن النتيجة الجديرة بالملاحظة في هذا المؤشر تشير إلى أن بلدان أوروبا الشرقية قد حافظت على اتجاهٍ تصاعديٍّ حديثٍ باعتبارها عنوانًا للاستثمار. تجذب بولندا والمجر ورومانيا وصربيا مبالغ كبيرة من الاستثمار من تركيا وأنحاء العالم، وخاصة في الصناعات التحويلية. وعلى الرغم من أن رومانيا كانت العنوان الرئيسي للمستثمرين الأتراك في هذا المجال، إلا أن رجال الأعمال الأتراك عزّزوا أيضًا استثماراتهم في المشاريع الصناعية القائمة في صربيا.

وتحتلُّ البلدان الأفريقية مكانةً هامّةً في مجموعة البلدان المنخفضة الدخل الجاذبة للاستثمارات التركية، خاصةً بالنسبة للشركات التركية التي تتبع نهجًا موجهًا نحو الفرص. وعلى الرغم من أن دول شمال أفريقيا كانت أكثر بروزًا، إلا أن قفزات تركيا السياسية والاقتصادية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قد بدأت تتطور إلى استثماراتٍ مع مرور الوقت.

وقد تمكّنت كينيا من احتلال مرتبة في قائمة الدول الجاذبة للاستثمارات التركية هذا العام. على الرغم من أن تنزانيا ونيجيريا لم تدخلا القائمة، إلا أنهما ستدخلان قريبا. في هذه الأثناء، بدأت السودان في بجذب اهتمام المستثمرين الأتراك في السنوات الأخيرة.

ولا تزال منطقة آسيا والمحيط الهادىء، التي احتلّت المرتبة الثانية في الأجندة الاقتصادية التركية لأسبابٍ مختلفةٍ تتعارض مع الحراك الاقتصادي العالمي، تتمتّع بفرصٍ هامّة. وقد حقّقت العلاقاتُ السياسيةُ والاقتصاديةُ تجاه هذه البلدان ذات الغالبية السكانية الشبابية تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.

وبجانب الصين وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وماليزيا التي أدرجت في القائمة هذا العام، تمّ إدراج فيتنام وتايلاند أيضًا كدول حاضنة للاستثمارات التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!