الأناضول

"التعليم المكثّف"؛ مشروع تركي يرمي لإنقاذ مستقبل مليون و700 ألف طفل سوري وعراقي، ممن اضطروا لترك مدارسهم ببلدانهم جراء الأزمات والحروب ببلدانهم. 

مشروع يستبطن أبعادا مختلفة، أقرته تركيا التي تستضيف على أراضيها أكثر من 4 ملايين لاجئ سوري وعراقي، مليون و700 ألف منهم من الاطفال. 

ويواجه أطفال اللاجئين في تركيا، تحديات ومصاعب عدة أبرزها التعليم، وعدم إتقان اللغة التركية، الأمر الذي يقف أمامهم عائقا لإتمام تعليمهم في المدارس التركية، والاندماج مع المجتمع التركي. 

ولتجاوز هذه العقبة المحورية، تم إطلاق مشروع "التعليم المكثف" لتعلّم اللغة التركية، يشمل 75 مركز من مراكز التعليم الشعبي في 12 ولاية تركية. 

ويشكل المشروع خطوة لإنقاذ مستقبل جيل من أطفال اللاجئين من الضياع، وتمكينهم من تعلم قراءة وكتابة اللغة التركية في أقصر وقت ممكن، وبالتالي اندماجهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه. 

والمشروع الممول من قبل الاتحاد الأوروبي، عبارة عن ثمرة شراكة بين وزارتي التعليم، والشباب والرياضة، والهلال الأحمر التركي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). 

ومن بين المراكز التي تقدّم دورات التعليم المكثّف للأطفال اللاجئين، مركز التعليم الشعبي في منطقة "ماماق" بالعاصمة التركية أنقرة، حيث يقدّم المركز دورات تعلّم اللغة التركية لـ 30 طالباً، وذلك طيلة 5 أيام في الأسبوع. 

وبفضل هذه الدورات، لا يكتفي الأطفال بتعلّم التركية قراءة وكتابة فقط، بل يستثمرون في الوقت نفسه لصالح مستقبلهم. 

راشد أقّون؛ طالب سوري يبلغ من العمر 16 عاماً، لجأ إلى تركيا برفقة أسرته هرباً من الحرب الدائرة في بلده. 

لكن رغم مكوثه في تركيا 4 سنوات، إلا أنه لا يستطيع الذهاب إلى المدرسة لإكمال تحصيله العلمي. 

يقول "أقون" إنه اضطر لترك تعليمه في الصف الخامس الابتدائي عندما كان في سوريا، ولم يكمل مسيرته التعليمية في تركيا، نظراً لاضطراره للعمل من أجل مشاركة أفراد أسرته في تأمين لقمة العيش في الغربة. 

وأضاف للأناضول، أنه تعلّم التحدث باللغة التركية دون أن يجيد كتابتها، الأمر الذي دفعه للانتساب إلى دورات التعليم المكثّف بمراكز التعليم الشعبي في تركيا. 

وأشار "أقون" إلى رغبته في مواصلة مسيرته التعليمية بعد التخرّج من دورة اللغة التركية، كما أنه يحلم بأن يصبح رجل أعمال في المستقبل. 

أما العراقية دعاء عصام (16 عاماً)، فقالت إنها لجأت إلى تركيا قبل 3 سنوات، وبدأت بتعلّم اللغة التركية منذ 4 أشهر. 

وأشارت إلى رغبتها بمواصلة تعليمها في المرحلتين الثانوية والجامعية، وأنها تحلم بأن تكون معلمة لغة تركية مستقبلاً. 

وأعربت "عصام" عن شكرها لمعلماتها اللواتي لا يدخرن جهداً من أجل تعليم طلابهن اللغة التركية. 

كما وجهت الطالبة العراقية شكرها إلى تركيا حكومة وشعباً، لما قدمه هذا البلد من مساعدات للاجئين. 

من جهتها، قال بتول قيليتش، إحدى معلمات مشروع التعليم المكثف في مركز "ماماق" للتعليم الشعبي، إنهم يعاملون الطلاب الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، بكل اهتمام. 

وأضافت، للأناضول، أنهم يعملون قبل كل شيء على تعليم الأطفال سبل بناء أحلامهم المستقبلية، نظراً لقدومهم من بيئة ذات ظروف صعبة جراء الحرب والأزمات. 

وتابعت: "نحن نرى أن الأطفال بحاجة إلى المحبة والشفقة، لذا نقوم خلال هذه الدورات بسد حاجتهم هذه، فضلاً عن تعليم اللغة التركية." 

ويقوم المختصون لدى وزارة التعليم التركية، بالتعاون مع "يونيسيف"، بتحديد الفئات العمرية المعينة من أطفال اللاجئين، لتقديم الدورات التعليمية لهم في إطار مشروع التعليم المكثف. 

ويخضع الطلاب لدورة تعلّم لغة تركية على مراحل ومستويات، طيلة 16 شهراً، لينتقلوا بعدها إلى المدارس التركية لمواصلة تعليمهم مع زملائهم الأتراك. 

واستفاد من هذا المشروع الذي يُنفّذ في 12 ولاية تركية، 5 آلاف و656 طفل لاجئ، خلال الفترة بين مايو/ أيار وديسمبر/ كانون أول الماضيين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!