موسى الهايس - خاص ترك برس

لا مكان للمجاملة في مسألة الشمال السوري عند الأتراك ولا مكان لدبلوماسية تقبيل اللحى وجبر الخاطر كما لا أفضلية للواقعية السياسية. في معرض ملء الفراغ المنتظر بعد انسحاب الأمريكان من شرق الفرات فالشمال السوري بالنسبة للأتراك (نكون أو لا نكون) وذلك  بحكم كون الأمر مصنفًا على أنه قضية أمن قومي. وهم "الأتراك" في غنى عن قنديل ثانية على حدودهم الجنوبية تقلقهم وتعكر صفو أمنهم وتهدد سلامة جنودهم.

فالأتراك ماضون في الحفاظ على أمنهم بالرغم من التريث الذي سببته الصعوبات مع الحليف الأمريكي ولاستنفاد الفرص السياسية. فقد سبق في صيف عام 2016 أن قامت القوات التركيّة بعملية عسكرية داخل الاراضي السورية كان من نتيجتها السيطرة على مساحات من الاراضي بين جرابلس وأعزاز.بتفاهم مع الروس وصمت الراعي الأمريكي للفصائل الكردية وعلى مضض. ثم  لاحقا وبعد معارك سياسية خاضتها الدبلوماسية التركية مع شركائها في حلف الناتو ومع الروس دخل الجيش الحر المدعوم من الأتراك مدينة عفرين في 2018.

وهذا الأسلوب التركي القائم على توظيف السياسة حتى آخر لحظة هو ما يفسر تريث الأتراك في شرق الفرات إذ أن القاعدة التركية التي لا مساومة عليها هي: "يجب أن نكون آمنين على حدودنا الجنوبية"، وللوصول إلى هذه الحالة  يتم استخدام كل الوسائل والأخذ بجميع الأسباب المتاحة وآخر العلاج الكي.

وبالرغم من أنه لا يمكن إغفال التريث التركي في دخول شرق الفرات الناتج عن ضبابية القرار الأمريكي  بالانسحاب فإن المطروح الآن هو اتفاق أضنة مع بعض التجميلات التي يتم إدخالها عليه لإغراء الأتراك وحثهم على قبوله فهو إن حصل فلسان حال الأتراك إن الاستقرار مع دولة يؤرقها نفس الهاجس "الكردي" وإقامة علاقة حسن جوار وتوقيع اتفاقات دولية جديدة وفق القانون الدولي وبرعاية دولية أفضل بمليون مرة من استقرار مؤقت مع مليشيا مأجورة لا تحترم مواثيقها وتحركها أهواء القائمين عليها.

وقد يدفع الأتراك لهذا الخيار ويعزز قبولهم به المواقف الدولية من نظام دمشق والتي  بدأت ملامح إعادته إلى الحظيرة الدولية والاصطفاف والدعم العربي اللامحدود الذي تبذله دول التحالف العربي ممثلة بدولة الإمارات لميليشيا قسد والذي أعلن عنه الوزير الإماراتي مؤخرا بشكل صريح.

وبالإضافة لما يخشاه الأتراك من خطر كانتون كردي في جنوبهم  هناك خطر داخلي أو أزمة داخليه تشكل ضغطا على الساسة الأتراك تدفعهم للبحث عن حل لها في الشمال السوري وهي مسألة  اللاجئين السوريين الذين أصبحت أعدادهم بالملايين وما تبع ذلك من توظيف داخلي لهذه الأزمة واستغلالها سياسيا من المعارضة التركية التي تستغل كل أزمة داخلية وتربطها بالوجود السوري معلقة إخفاقاتها السياسية على هذا الوجود.

كل ذلك يجعل الأتراك  يتطلعون لإقامة منطقة آمنة غير خالية من السكان أو منزوعة السلاح بل منطقة تريدها تركيا بمساعدة حلفائها من الفصائل السورية المعارضة لتجعل منها موطنا لجميع المهجرين واللاجئين السوريين على أن هذه الرغبة والإرادة التركية تلتقي مع طموحات المعارضة السورية عامة و السوريين من أبناء المناطق الشمالية والشمالية الشرقية بشكل خاص والتي يعاني سكانها من الإهمال والتهميش في ظل النظام وميلشياته بحكم كونها إن حصلت سوف تشكل ملاذا آمنا يمكن أن تمارس فيه المعارضة نشاطها من خلال إقامة مجالسها المحلية وبناها التحتية على أعين الأتراك ومساعدتهم وحمايتهم ووفق الاتفاقات الدولية كما ويحقق عودة أبناء تلك المناطق إلى ديارهم وبيوتهم التي تم تهجيرهم منها من قبل النظام والميلشيات المتعاونة معه كداعش وعصابات قسد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس