ترك برس

رأى الخبير في العلاقات التركية – الروسية، د.باسل الحاج جاسم، أن القمة الثلاثية حول سوريا التي انعقدت في مدينة سوتشي الروسية، "أرسلت رسائل عدة في أكثر من تجاه"، وأن المنطقة الآمنة لم تكن بعيدة عن أجواء المحادثات.

وشهد منتجع سوتشي جنوب غربي روسيا، الخميس، قمة ثلاثية ضمت إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نَظيراه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، في إطار مسار "أستانة" لحل الأزمة السورية سلميًا.

وذكرت وكالة الأناضول التركية أن القمة بحثت ملفات عدة أبرزها صياغة دستور سوري جديد، وعودة اللاجئين، والحفاظ على وقف إطلاق النار بمحافظة إدلب، إضافة إلى الانسحاب الأمريكي المرتقب من شمال شرقي سوريا، وحق تركيا بحماية حدودها الجنوبية.

وفي معرض تقييمه لقمة سوتشي التي تعد الرابعة للدول الضامنة في مسار أستانة، قال الحاج جاسم إنها امتازت بأهمية بالغة على ثلاثة محاور، وأهمها طرح مشكلة ادلب، واللجنة الدستورية إضافة إلى الانسحاب الأمريكي من سوريا، وآلية عملية الانسحاب. والخطوات التي ستتخذ للحيلولة دون حدوث فراغ عقب الانسحاب الأمريكي، حيث قدم كل طرف في قمة سوتشي إجابة مختلفة عن هذا السؤال، لكن المهم هو كيفية الالتقاء في نقطة مشتركة.

وأوضح الحاج جاسم، في حديث لصحيفة القدس العربي، أن مسألة المنطقة الآمنة لم تكن بعيدة عن أجواء محادثات القمة، إذ لم ترحب روسيا كثيرًا في المباحثات الثنائية الأخيرة بين (أنقرة وموسكو)، بإقامة منطقة آمنة عميقة.

وقالت روسيا إن مساحة بعمق 15-20 كم كافية، واقترحت إحياء اتفاق أضنة من أجل إزالة مخاوف تركيا الأمنية، حيث من الواضح أن مسألة إحياء اتفاق أضنة كانت حاضرة من الجانب الروسي على جدول أعمال قمة سوتشي.

وحسب الحاج جاسم، فإن اللافت في تصريح بوتين هو عدم دعم موسكو لأي أطراف انفصالية في سوريا، ولا أي دعم للإنفصاليين، حيث فسره على أنه رسالة واضحة مطمئنة لمخاوف انقرة ومن خلال إعادة التذكير ايضاً بالاتفاق الثنائي الموجود بين أنقرة و دمشق للمحاربة المشتركة للإرهاب.

وأضاف "لقد سمعنا كلام واضح من القادة الثلاثة اردوغان، بوتين وروحاني، حول نقطتين في هذا السياق، مدى جدية واشنطن بالانسحاب، وضرورة عدم ترك مجال للإرهابيين في ملء الفراغ في حال تم الانسحاب، حيث كان الإجماع واضحاً بين أطراف أستانة على هاتين النقطتين.

وكما كان منتظراً بحثت القمة الخطوات المتعلقة بالمرحلة المقبلة في إدلب، وعلى الأخص وضع الجماعات الراديكالية المكونة من آلاف المقاتلين الاجانب، فلم يستبعد الخبير في العلاقات الدولية حصول عمل عسكري مشترك روسي تركي محدود ومدروس يستهدف نقاطاً معينة تنتشر فيها الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب الدولي، ولاسيما الأجانب.

وترجم التوضيح الروسي في أكثر من مناسبة حول "أن عملاً عسكرياً محتملاً، سيكون محدوداً ومدروساً" على أنها رسالة مزدوجة لتركيا والأوروبيين، بحيث انه لن تكون هناك موجات نزوح ولجوء جديدة، وكذلك لن يتم إعطاء فرصة لتسرب المقاتلين الأجانب والعودة إلى بلدانهم، وخصوصاً حاملي الجنسيات الأوروبية.

وهنا يمكن القول إن كل ما سيجري تنفيذه لاحقاً هو سبق وتم الاتفاق عليه سواء في اتفاق سوتشي الثنائي أو في إطار أستانة، وحتى اليوم لم يتم استكمال تنفيذ بنوده، أما اللجنة الدستورية التي كانت حاضرة بدون الحديث عن تفاصيلها فقد تركت على ما يبدو لمباحثات آتية في إطار جولات استانة.

ورأى الحاج جاسم ان قمة الخميس أرسلت رسائل عدة في أكثر من تجاه، لعل أبرز تلك الرسائل أن مسار أستانة ما يزال ضرورة ثلاثية مشتركة، تلتقي في شق كبير منها، مع حاجة كل السوريين في وقف الأطماع الانفصالية، وكذلك إعادة طرح إحياء اتفاق اضنة، كمدخل لإعادة التواصل بين انقرة ودمشق ولو مبدئياً في مستويات منخفضة، إلا أنه سيكون أساساً لاعادة بناء الثقة وضرب المشروع الانفصالي الاستيطاني.

الرسالة الأخرى حسب المتحدث، أن إدلب ينتظرها استكمال بنود اتفاق سوتشي قبل أشهر، وتم وضع اللمسات الأخيرة عليها خلال زيارة وزير الدفاع الروسي لانقرة قبل قمة سوتشي بأيام، وأي عمل عسكري سيبدأ في إدلب بالتأكيد سيترافق مع عمل آخر في منطقة سورية أخرى يسيطر عليها إرهابيون أيضاً.

وفي المحصلة يبدو أن الرسالة الأوفى قد حملت رفض كل إرهاب متطرف ديني أو انفصالي على أراضي الجمهورية العربية السورية التي أقرت أن سوريا فيها شعب سوري واحد وليس هناك شعوب سورية.

القائد العسكري في "جيش العزة" التابع للجيش السوري الحر، العقيد مصطفى بكور، علّق على مخرجات القمة، قائلًا: "بعد كل مؤتمر يعقد بين الدول لبحث الوضع السوري تكثر التكهنات والتحليلات وتلعب الجيوش الإلكترونية لعبتها في بث الإشاعات".

وقال بكور، في تغريدة عبر موقع تويتر، إن "حقيقة الاتفاقات لا تكشف في البيانات الختامية ولا المؤتمرات الصحفية وإنما تطبق على الأرض بدون الإعلان عنها لذلك من التعقل ان نراقب ما سيحصل على الأرض فقط".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!