ترك برس 

رأى المحلل السياسي الأمريكي، مارتن بيرغر، أن قرار إدارة  الرئيس دونالد ترامب تعيين ديفيد ساترفيلد، سفيرا للولايات المتحدة في أنقرة، مؤشر على رغبة الإدارة الأمريكية في تحسين العلاقات المتوترة مع تركيا، وعرقلة التقارب التركي الروسي الذي تعزز في الآونة الأخيرة.

واستعرض بيرغر في مقال نشره موقع "نيو إيسترن أوت لوك" الأسباب وراء تأخر تعيين سفير جديد للولايات المتحدة في تركيا وبقاء المنصب شاغرا على مدى العامين الماضيين، وفي مقدمتها إحباط الصقور في إدارة الرئيس دونالد ترامب  المتزايد من سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزعمهم أن تركيا قد فشلت في هدفها المتمثل في تعزيز مواقفها على الساحة الدولية.

وأضاف أن سياسيين أمريكيين آخرين يزعمون أن الوقت قد حان للتوقف عن التظاهر بأن تركيا والولايات المتحدة يمكن أن تتقاسما القيم المشتركة أو المصالح المشتركة، ويرون أنه لا عودة إلى الوضع الذي كان سائدا إبان الحرب الباردة، عندما كانت تركيا متحمسة للشراكة مع واشنطن...

وعلاوة على ذلك، كانت هناك تكهنات حول اعتزام جون بولتون تسمية جماعة الإخوان المسلمين كمجموعة إرهابية، وهي خطوة كان من شأنها أن تؤدي إلى إثارة غضب أنقرة.

وبالإضافة إلى ذلك، كانت هناك الأزمة المستمرة بين واشنطن وأنقرة بسبب محاولات واشنطن منع حليفتها من شراء أنظمة الدفاع المضادة للطائرات الروسية من طراز S-400، وتهديدها بفرض عقوبات على أنقرة. 

ويلفت بيرغر إلى أن البيت الأبيض لم يصدر في العام الماضي بيانًا صحفيًا حول مكالمة ترامب الهاتفية لتهنئة أردوغان على إعادة انتخابه، ولم ترسل الإدارة الأمريكية حتى وفدًا خاصًا لحفل تنصيب أردوغان، وتقرر إرسال القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في أنقرة لحضور الحفل...

وهناك عامل آخر يزعج واشنطن وهو رفض أنقرة التماشي مع سياساتها المناهضة لإيران.

ورأى بيرغر أن هذه العوامل كلها أدت إلى دفع جميع الأطراف داخل الإدارة الأمريكية في اتجاهات مختلفة، الأمر الذي جعل البيت الأبيض غير قادر على تعيين سفير جديد في أنقرة لمدة ثمانية عشر شهرًا.

وبناء على ذلك يستنتج بيرغر أن قرار اختيار ساترفيلد لم يكن مصادفة، حيث تم ترشيحه في مفترق طرق حرج في العلاقات الأمريكية التركية، حيث وصلت الخلافات حول مصير تنظيم "ي ب ك" في شمال سوريا بين أنقرة وواشنطن إلى نقطة الغليان.

وأوضح أن البيت الأبيض يريد من خلال تعيين ساترفيلد سفيرًا في تركيا  إظهار أنه لا يزال لديه دبلوماسيون قادرون على نزع فتيل القضايا المعقدة، حيث يتوقع حل نزاع واشنطن المستمر مع أنقرة حول تنظيم وجود القوات في شمال شرق سوريا.

وأضاف أن تركيا تمضي بثبات في إنشاء منطقة عازلة بعمق 15 ميلًا بالقرب من حدودها لمواجهة تنظيم "ي ب ك" الذي تصفه أنقرة بالإرهابي. ولكن نظرًا لأن ساترفيلد قد عالج في السابق عددًا من التهديدات الخطيرة للمصالح الأمريكية في بيروت وبغداد وطرابلس من خلال المفاوضات، فمن المعتقد أنه سيتولى المهمة.

ولكن المحلل الأمريكي يستدرك بأن هدف ساترفيلد النهائي أكثر تعقيدًا، حيث من المتوقع أن يُعرقل تقارب روسيا مع تركيا الذي يتقدم بخطى ثابتة، ذلك لأن المؤسسة السياسية الأمريكية تنظر إلى تركيا حتى قبل انضمامها إلى حلف الناتو في عام 1952، على أنها "حليفهم الأساسي" وكانت تعد عنصرًا حاسمًا في ردع ضد الاتحاد السوفيتي.

وأضاف أن السفير ساترفيلد أكد في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، استعداده لدعم هذه المواقف.

وخلص المحلل الأمريكي إلى أن قرار إرسال دبلوماسي شرق أوسطي مشهور كسفير في تركيا يجب أن يكون مؤشرا على أن البيت الأبيض واثق من إمكانية إعادة العلاقات الثنائية، لأنه يحتاج لأنقرة مرة أخرى في صفوف الدول المطيعة لواشنطن.

وختم مقاله متسائلا: "لكن هل ستوافق أنقرة اليوم على إطاعة إملاءات واشنطن بصمت، أم ستواصل استقلالية القرار؟".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!