ترك برس

تتابع وسائل الإعلان عن كثب التوترات التي جرت في الأسابيع الماضية في تركيا، وخاصة مدينة إسطنبول، عقب الاعتداء على محلات السوريين أو التهجم عليهم في بعض المناطق جراء حملات تحريض تقودها أحزاب معارضة.

صحيفة "عربي21" الإلكترونية، أشارت في تقرير لها إلى أن الأحداث في منطقة "إيكيتيلي" بإسطنبول، بين مجموعات محسوبة على المعارضة التركية ولاجئين سوريين، أطرحت تساؤلات بشأن اندلاع هذه الأحداث بين الحين والآخر.

وبحسب الصحيفة، قال المحلل السياسي التركي الدكتور برهان كور أوغلو، إن أسباب التوتر تعود لاستغلال المعارضة لملف اللاجئين، من أجل الضغط على الحزب الحاكم، بالإضافة لوجود وسائل إعلام تضخ بشكل يومي رسائل في هذا الاتجاه.

وأوضح كور أوغلو أن "الذرائع التي تسوقها المعارضة ووسائل الإعلام، هي أن السوريين يحصلون على دعم حكومي كبير أدى لعجز الموازنة، فضلا عن اداعاءات بتصويتهم في الانتخابات، وحصولهم على حقوق المواطنين الأتراك في العلاج وغيرها".

وهوجمت العديد من محال السوريين ومتاجرهم في تلك المنطقة، من قبل عدد من الأتراك الغاضبين، بعد تناقل أنباء عن تحرش شبان سوريين بفتاة تركية.

وفي وقت لاحق تبين أن هذه الانباء هي إشاعة روّج لها سياسيون من حزبين معارضين، وقام الأمن التركي بنفيها ووسط تضامن كبير من الأتراك مع السوريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورفض الاعتداء عليهم.

ورصدت الشرطة التركية عددًا من الوسوم المحرضة ضد السوريين انتشرت على مواقع التواصل خلال الساعات الماضية، تحت عناوين "#ÜlkemdeSuriyeliistemiyorum" (لا أريد سوريا في بلدي) و"#SuriyelilerDefolsun" (ارحلوا أيها السوريون).

وبحسب وكالة الأناضول التركية، قالت الشرطة إنها وثقت 18 حسابًا يحرض ضد السوريين، تسعة منها في إسطنبول، مؤكدة أنها ألقت القبض على خمسة، في حين يجري البحث عن أربعة آخرين.

ومع كل استحقاق انتخابي، لوحظ اندلاع مثل تلك الأحداث، وخروج أصوات تحرض على السوريين اللاجئين في تركيا، باعتبارهم سببا رئيسيا في الوضع الاقتصادي فضلا عن الادعاء أنهم يتقاضون مساعدات مالية من الدولة على حساب المواطنين.

كور أوغلو شدد على أن ما يجري هو "نوع من الاستغلال السياسي لهذا الملف"، مؤكدا أن مواصلة إثارته ستراكم المشكلة، وتزيد من الاحتقان وتكرار هذه الأحداث.

وقال إن هذا الملف "يحتاج لمتابعة أمنية حثيثة، من أجل التصدي لأي تحريض أو احتكاك بين الطرفين، رغم وجود قوانين وتشريعات تحرم التمييز العنصري والعرقي والقومي داخل تركيا".

وأضاف: "تركيا بعد انهيار الدولة العثمانية، تشكلت على هجرات الشعوب سواء من البلقان أو القوقاز، وأخيرا الهجرة السورية، وحالما تنتهي الأزمة هناك فسيعود معظم المهاجرين". 

وتابع: "الخطاب الحكومي وغالبية الشعب التركي يرفضان هذه الحملات التحريضية". 

ورأى أن الحكومة ربما تلجأ لاتخاذ إجراءات، من شأنها التشديد على أي محاولات للتحريض، واستخدام ملف اللاجئين لأهداف سياسية وانتخابية.

من جانبه قال نزار خراط، رئيس الجالية السورية في إسطنبول إن حملة التحريض الأخيرة، "تقف وراءها أحزاب معارضة بسبب صراعها مع الحزب الحاكم".

وأوضح خراط أن الحملات موسمية وظهرت إبان انتخابات الرئاسة، والاستفتاء على التعديلات الدستورية، وأخيرا بعد الفوز في انتخابات إسطنبول، بسبب إفلاس المعارضة خدميا، ومحاولة الصعود على ظهر ملف اللاجئين، والزعم أنهم جالسون في البيوت يحصلون على المساعدات، بينما يعاني المواطن التركي تبعات التقلبات الاقتصادية".

وأضاف: "خطابات عدد كبير من سياسيي المعارضة كانت مستفزة للكثير من الأتراك بشأن المساعدات المقدمة لهم علما بأن جزءا كبيرا منها يصل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وهي برامج تشترك فيها دول المنطقة وبقرار دولي.

وشدد خراط، على أنه فضلا عن الأسباب الداخلية السياسية، في التحريض على اللاجئين، إلا أننا لا يمكننا تجاهل "التعامل الدولي بطريقة خبيثة مع هذه المسألة وتحريض دول خليجية وأوروبية، لإشعال توترات داخلية بتركيا، عبر العديد من الملفات ومنها ملف اللاجئين".

من جانبه قال الكاتب السوري سعد وفائي، إن أزمة التحريض على اللاجئين ليست في تركيا فحسب، بل هي أزمة حتى في أوروبا وأمريكا التي تبني جدارا الآن لمنع تدفق المهاجرين.

وقال وفائي إن أحد أسباب هذه الأزمة "طبيعة الدول الحديثة، التي تقوم على الخدمية وتقديم الرفاه الاجتماعي والدواء والضمان والمعاش للمواطن، والذي يأخذ المهاجر جزءا منه، وبالتالي يصبح ثقلا على كاهل موازنة البلاد ودافع الضرائب".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!