ترك برس

حذر الباحث في المركز العربي بواشنطن، جو ماكرون، من أن احتمال شن تركيا عملا عسكريا ضد الميليشيات في شمال شرق سوريا ما يزال قائما بسبب الغموض الذي يكتنف الاتفاقية التي وقعتها واشنطن وأنقرة حول إنشاء المنطقة الآمنة، وتركيزها على الجوانب العسكرية التقنية وليس الجوانب السياسية. 

وفي تحليل نشره موقع الجزيرة الإنجليزية، كتب ماكرون أن تهديدات أنقرة بالتوغل عبر حدودها مع سوريا نجحت في إحراج الإدارة الأمريكية ودفعها إلى اتفاق متسرع لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، وهو اتفاق قد يمهد الطريق لحرب في المنطقة. 

الشيطان يكمن في التفاصيل

واوضح أن مضمون الاتفاق غير واضح، حيث أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا فيه شيء من الغموض ينص على أن تركيا والولايات المتحدة ستنشئان في أقرب وقت ممكن مركز عمليات مشترك في تركيا لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة معًا وتصبح المنطقة الآمنة ممرًا للسلام.

وفي حين فسر الرئيس التركي أردوغان الاتفاق على أنه بداية لعملية المنطقة الآمنة، بدا البنتاغون كثر حذرًا وأشار إلى أنه تم الاتفاق فقط حول تشكيل مركز مشترك للعمليات العسكرية وعلى "الآليات الأمنية" لكنه أشار إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات قبل إنشاء "منطقة آمنة".

ووفقا للمحلل الأمريكي، فإن هناك قضيتين ما تزالان دون حل: حجم هذه المنطقة الآمنة ومن يسيطر عليها، والثانية عمق هذه المنطقة. 

وأوضح أن عرض الولايات المتحدة الأخير كان 5 كيلومترات من الشريط المنزوع السلاح و9 كيلومترات إضافية خالية من الأسلحة الثقيلة، في حين تصر تركيا على منطقة عميقة لا تقل عن 30 كيلومترًا يتم سحب جميع مقاتلي الميليشيات منها. كما تبقى مسألة من سيوفر الأمن في هذه المنطقة الآمنة دون إجابة، إذ تريد تركيا أن تتحكم بالكامل، بينما تفضل إدارة ترامب القوات الأمريكية والأوروبية.

عامل روسيا

ولفت ماكرون إلى أن مصالح النظام السوري وروسيا وقوات سوريا الديمقراطية أصبحت متوافقة مع رفضهم للاتفاق الأمريكي التركي. ومن المحتمل أن تفسد موسكو الاتفاق، إذا توسع نفوذها على قوات سوريا الديمقراطية أو كان لها على الأقل رأي فيما قد يحدث.

وأضاف أن روسيا تمتلك أيضًا خيار التهديد بقصف إدلب بشدة للضغط على تركيا كي لا تمضي قدمًا في الصفقة، وهو ما قد يجبر أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري على النزوح إلى الحدود التركية. وفي المقابل تستطيع أنقرة الانتقام بزيادة دعم الجماعات المسلحة وإلحاق المزيد من الخسائر بالنظام السوري والعتاد الروسي.

وأشار إلى أن تنظيم داعش استغل الخلاف بين تركيا والميليشيات (تنظيم "ي ب ك") في شن هجمات في شرقي الفرات. 

ويُذكر في هذا الصدد التقرير الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية في 6 أغسطس/ آب، الذي حذر من أن تنظيم داعش ينتعش في سوريا، وأن قوات سوريا الديمقراطية ليست مستعدة لمواصلة هذه المعركة دون دعم أمريكي.

صراع محتمل

وختم ماكرون مقاله بأن الحكومة التركية تدرك أن البيت الأبيض لن يعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر في سوريا، وتستخدم ذلك لمصلحتها في محاولة للضغط على إدارة ترامب للاستجابة لمطالبها للرد على التهديدات التركية. 

وأضاف أن هذه الاستراتيجية التركية نجحت، وغيّر أردوغان حسابات ترامب تجاه سوريا. ويبدو أن إدارة ترامب محاصرة من جانب أنقرة وتظهر يدها ضعيفة في هذه المحادثات.

وبحسب ماكرون، فإن الاتفاق التركي الأمريكي الأخير يتناول التوترات شرق نهر الفرات من الناحية العسكرية والتقنية، وليس من الناحية السياسية التي تذكر بالتجارب السابقة مع تراجع التصعيد في سوريا في إطار عملية أستانا.

ويذكر أن الولايات المتحدة إذا لم تتعامل مع القضايا السياسية الصعبة، فسيدخل الطرفان المتحاربان، تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في النهاية في حرب مباشرة.

وختم بالقول بأن أي اتفاق بين تركيا والولايات المتحدة سيواجه تحدي عدم الاستقرار والتصعيد المحتمل للنزاع، إذا لم تكن هناك مصالحة سياسية في شرق سوريا، والأهم من ذلك حل سياسي سوري أوسع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!