ترك برس

يدعم المجتمع التركي بغالبيته عمل المرأة، إذ يرى أربعة من كل خمسة رجال أن لا حرج في عملها، وقد أظهرت إحصائية قامت بها سابقا منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة أن 53% من النساء التركيات يفضلن الموازنة بين العمل ورعاية شؤون المنزل فيما بينت أن 34% منهن يفضلن العمل بالدرجة الأولى، و12% منهن فقط يفضلن البقاء في المنزل للعناية بالأسرة، كما أوضحت الإحصائية نفسها آراء الرجال الأتراك حيث يفضل 34% منهم عمل المرأة وتوازنه مع حياتها الأسرية، فيما اعتبر 28% منهم أنه من الواجب على المرأة الحصول على وظيفة.

فيما سجلت إحصائية آخرى قامت بها مؤسسة تركية ترصد مشاركة المرأة في العمل العام في المجتمع، أن مشاركة النساء في الوظائف في 40 شركة رصدتها المؤسسة كعينة  كانت 32% من أعداد الموظفين، فيما يبلغ المعدل العالمي لمشاركة النساء 38%.

مشاركة المرأة في الصحافة المكتوبة في تركيا

كانت بداية النساء التركيات في الصحافة استثنائية إبان العهد العثماني بكتابة المقالات أولا في الجرائد الورقية، وبعد فترة خصصت الجرائد صفحات لمقالات الكاتبات، ومن بينها جريدة "ترقي" منذ عام 1868 حين نشرت فيها نساء تركيات أخفين هوياتهن رسائل عن مشاكلهن اليومية، حيث اشتكت إحداهن مثلًا من عدم وجود أماكن مخصصة للنساء في سفن النقل بالرغم من تساوي الثمن الذي يدفعنه للتذاكر مع الرجال.

ثم ظهرت المجلات النسائية بعدما أصدرت جريدة "ترقي" مجلة نسائية تحت اسم "ترقي مقدرات"، نشرت هذه المجلة معلومات عن الحركات النسائية في الغرب، وتطرقت إلى أهمية تعليم النساء، كما استمرت بنشر الرسائل المرسلة من النساء التركيات، حيث كانت الصحافيات والمحررات من الكاتبات عادة زوجات أو بنات المثقفين والبيروقراطيين رفيعي المستوى في المؤسسات السلطة العثمانية ومنهن: ابنة المؤرخ جودت باشا فاطمة علياء، وأمينة سمية، وابنة الطبيب إسماعيل باشا الشاعرة ليلى، وابنة عبد الحق حميد بك حميدة، واللاتي كُن كاتبات رئيسيات في تلك الفترة. ومع تطور تعليم المرأة في العهد العثماني وتحول التعليم إلى رمز للرقي والكتابة والتحرير إلى رمز للتعليم والتحضر، برزت مجلات نسائية آخرى من بينها "مجلة وقت" و"مجلة مربع مخدرات" وجريدة "عاينة"، نشرت مقالات لكاتبات تركيات بأسماء مستعارة تطرقن في مواضيعهن لعالم المرأة مثل الزواج وواجبات الزوج ورعاية وتربية الأطفال.

وفي 1883 صدرت ”مجلة السيدات” التي اهتمت بنشر معلومات حول الأسرة وتعلّم المرأة للغة الأجنبية ومواضيع أدبية وتاريخية. وفي عام 1886 صدرت لأول مرة مجلة نوعية تألّف فريق تحريرها من النساء فقط وتملكها سيدة تركية، وسميت باسم "شكوفة زار" ومعناها ”حديقة الزهور”. كانت المجلة مختصة بالنساء، وكتبت فيها الكاتبات بأسمائهن الحقيقية دون استخدام أسماء مستعارة. وفي عام 1895، صدرت أول جريدة مختصة بشؤون المرأة بطاقم نسائي من محررين وموظفين، وسميت بـ"الجريدة المختصة بشؤون المرأة"، وقد نشرت الجريدة 604 أعداد بين العامين 1895 و1908.

"كبرى جان" صحفية تركية في مهنة المتاعب

"كبرى جان" صحفية تركية مجتهدة تعشق مهنة الصحافة، تخرجت من الجامعة الأوروبية الإسلامية في إسطنبول من قسم اللغة العربية وآدابها، وعملت لسنوات في عدة صحف تركية محلية أبرزها صحيفة يني شفق بالقسم العربي للجريدة  كمحررة للأخبار الخارجية، كما شغلت منصب مسؤولة عن الأخبار في الجريدة ذاتها، وعملت في مجال الترجمة والتحرير في عدة وكالات أنباء ومراكز بحوث، كما عملت في مجال التدريب بين عامي 2008 و2012، كما أنها عضو في مركز دراسات بيت المقدس منذ عام 2016. وتعمل في مركز الأناضول لدراسات الشرق الأدنى كمترجمة ومنسقة.

تقول السيدة كبرى جان إن أمها عارضت في البداية دخولها للصحافة المعروف بمهنة المتاعب، خاصة لانتمائها لعائلة تركية محافظة، ولكن إصرار كبرى واهتمامها بعالم الصحافة المكتوبة واللغة العربية ساعدها بإقناع والدتها ومتابعة مسيرتها المهنية. وترى الصحفية كبرى جان في الصحفية التركية "عائشة أرمان" مثلها الأعلى في الإعلام التركي.

وتضيف الصحفية كبرى بالقول: "أعتقد أن المرأة لها وجهة نظر خاصة بها ومختلفة عن الرجل، لذا فدور المرأة في الإعلام مهم جدا. كما أن الأخبار التي تروى بشكل جيد تكتسب قيمة أكبر وتجذب عددًا أكبر من القراء، وبرأيي إن دخول المرأة في سرد هذه القصص الخبرية برؤية مختلفة وانتباه للتفاصيل يسهم بشكل إيجابي في نقل الأخبار."

أهم المعوقات أمام الصحفيات التركيات

ترى الصحفية كبرى جان أن هناك العديد من القواسم المشتركة في تجارب الصحافيات اللاتي عملن في غرف الأخبار المحلية والعالمية، تمثّلت في التحدي والمثابرة والرغبة في إلقاء الضوء على القضايا التي تجسد معاناة البشر، لكنهن في الوقت نفسه مررن بمشاكل وعقبات متشابهة إلى حد كبير مثل ضغط العمل أو المجتمع، فبعضهن يتحملن إلى جانب العمل مسؤولية العائلة، ولذلك تتأمل كبرى جان إدراج قانون العمل البديل للنساء بحيث يستطعن العمل والاعتناء بأطفالهن بشكل أكثر سهولة وبنظام عمل مرن يسمح للمرأة العاملة في ميدان الصحافة المكتوبة بالأخص بالعمل في أيام محددة داخل الأسبوع.

وأضافت قائلة إن ظروف العمل في الإعلام التركي صعبة لكثرة ساعات العمل وقلة الأجر مقارنة بالصحافة الأوروبية، وغالبًا ما تضطر الصحفيات التركية في بعض الظروف للبقاء في بيوتهن خاصة في فترة ما بعد الإنجاب، مؤكدة أن هذه الصعوبات لم تحل دون تفوّق وتميّز عدد من الصحفيات التركيات في مجال الصحافة المكتوبة.

"اغتيال الصحفي جمال خاشقجي جريمة لا تغتفر"

أكدت الصحفية التركية كبرى جان أن جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي "جريمة لا تغتفر"، وبرغم مرور عام على مقتله ما زالت الجريمة تكتسب اهتمامًا دوليًا واسعًا ومطالب بتحقيق العدالة. هذه الجناية حسب قولها "الأكثر وحشية في القرن الحادي والعشرين، فقد ارتُكبت أمام مرأى العالم ضد المبادئ الإنسانية وحرية التعبير عن الرأي"، مؤكدة أهمية تسليط الضوء على هذه الجريمة البشعة من قبل وسائل الإعلام حول العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!