ترك برس 

نشرت وكالة رويترز تقريرا تضمن تحليلا للأسباب التي دفعت تركيا وحكومة الوفاق الليبية إلى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، التي أثارت غضب كل من مصر واليونان وقبرص وإسرائيل من تلك الاتفاقية، وتداعيتها.  

ما هي دوافع تركيا وليبيا؟

كانت تركيا على خلاف مع اليونان حول الجزر الواقعة في بحر إيجه منذ عقود، ومع جمهورية جنوب قبرص اليونانية بشأن المياه البحرية للجزيرة منذ عام 1974، عندما غزت القوات التركية الشمال بعد انقلاب قصير قام به القبارصة اليونانيون بهدف ضم الجزيرة إلى اليونان. 

يقول المحللون إن أنقرة من خلال إبرام الصفقة مع ليبيا، وضعت كل من اليونان وقبرص تحت المراقبة الفورية، حيث أبدت استعدادها للعمل بقسوة للوصول إلى هدفها أو فرض مفاوضات جديدة حول النزاعات القديمة مع الجانبين.

وفي الوقت نفسه، وضعت تركيا عقبة كبيرة أمام الجهود التي بذلتها قبرص واليونان وإسرائيل ومصر لتطوير الغاز في شرق البحر المتوسط​​، ووضعا حاجزًا أمام خط أنابيب مقترح يمتد من المياه الإسرائيلية واليونانية القبرصية إلى جزيرة كريت اليونانية، إلى البر الرئيسي اليوناني ومنه إلى أوروبا عبر إيطاليا. وسيتيعين على خط الأنابيب عبور المنطقة الاقتصادية بين تركيا وليبيا.

ويقول المحللون إن تركيا بعثت برسالة مفادها أنه لن يتم تجاهلها في شرق البحر المتوسط ​، وأنها لن تسمح لأعضاء الاتحاد الأوروبي بالوصول إلى ما تعتبره مياهها البحرية.

 أما بالنسبة إلى ليبيا، فإن الدافع إلى الاتفاق هو الأمن في الغالب. تم التوصل إلى الاتفاق مع فايز السراج، رئيس الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها، والتي تتواجه مع قوة عسكرية منافسة في شرق ليبيا تحت قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر. 

ماذا تعني هذه الخطوة لغاز شرق المتوسط؟

تشير تقديرات المسح الجيولوجي الأمريكي إلى أن حوض شرق البحر المتوسط ​​يحتوي على غاز طبيعي بقيمة 700 مليار دولار. وكان ينظر إلى ذلك في وقت من الأوقات على أنه نعمة للمنطقة، يمكن أن يحقق إيرادات هائلة، ويساعد في التوصل إلى حل للنزاع القبرصي وبناء علاقات أوثق بين إسرائيل وجيرانها.

ولكن مفتاح الحصول على قيمة الغاز هو الصادرات، وليس هناك طريقة سهلة للقيام بذلك. خط الأنابيب المقترح مكلف وسيعمل على عمق ثلاثة آلاف متر. ويضيف الاتفاق التركي الليبي عقبة أخرى أمام تحقيقه. وفي حين أن هناك سوابق لخطوط الأنابيب التي تعبر المناطق الاقتصادية الخالصة لدول أخرى، فإن تركيا لن تجعل الأمر سهلًا. وعلاوة على ذلك ستستخدم أنقرة الاتفاقية لتعزيز مطالبها للتنقيب عن الطاقة في المياه قبالة قبرص.

كان لدى المحللين شكوك بشأن جدوى مشروع غاز إيست ميد بسبب صعوبات التصدير والسعر الذي سيتم تسليمه في نهاية المطاف، مع انخفاض سعر الغاز الوارد لأوروبا من روسيا وقطر. وستزيد الخطوة التركية الليبية من تعقيد تلك الصورة الصعبة.

وقال قدري تاستان، زميل كبير في صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة: "فيما يتعلق بغاز شرق البحر المتوسط​ ​،وجيوبوليتيك المنطقة هذه مشكلة كبيرة. تتخذ تركيا خطوة كبيرة لمحاولة فرض مفاوضات حول عدد من القضايا. سيكون من الصعب للغاية حلها".

ما هي التداعيات الأوسع للاتفاقية؟

بالإضافة إلى وضع تركيا على مسار تصادمي مع اليونان وقبرص، فإن الاتفاقية تزيد من التوترات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، مما يزيد من النزاعات المستمرة حول سياسة الهجرة والأسئلة الأوسع حول دور تركيا في حلف شمال الأطلسي.

كما أن الاتفاقية تثير المخاطر مع مصر التي كانت على خلاف مع تركيا منذ أن أطاح الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي في عام 2013. تتعاون مصر في ليبيا بشكل وثيق مع حفتر، وهذا يعني أن القاهرة وأنقرة على طرفي نقيض بشأن الصفقة البحرية.

كانت إسرائيل أكثر تحفظا بشأن الخطوة التركية الليبية. ويشير المحللون إلى أن من بين أسباب هذا الموقف هو أنه إذا أصبح خط الأنابيب بين إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا غير قابل للحياة، فقد يتعين على إسرائيل استكشاف طرق لتصدير الغاز عبر تركيا.

روسيا هي قطعة أخرى في اللغز. ففي حين أنها على حلاف مع تركيا بشأن سوريا، فهي تنسق معها بشأن سياسة الطاقة، وموسكو حريصة على أن تكون تركيا محطة عبور للغاز الروسي. لكن الصفقة التركية الليبية تضعها على طرفي نقيض في ليبيا، حيث تميل روسيا نحو حفتر. ستناقش روسيا وتركيا الدعم العسكري الليبي في قمة الشهر المقبل

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!