د. معراج أحمد معراج الندوي - خاص ترك برس

إن حركة شاهين باغ هي حركة كبيرة في تاريخ الهند الحديث بعد استقلالها، وهي حركة تقودها المرأة المسلمة الهندية ضد القانون الأسود الأسود أراد به الحزب الهندوسي العنصري الحاكم نزع الجنسية من مسلمي الهند وتحويلهم إلى درجة ثانية من مواطنين الهند.

وقد أدركت المرأة الهندية بأن هذا القانون الأسود يهدف إلى تحويل ملايين من مسلمي الهند إلى "البدون" في بلدهم. وكانت الخطة الحكومة هي أن أي هندوسي يُحرم من جنسيته بسبب فشله في تقديم الوثائق المطلوبة سيُعطى الجنسية من الباب الخلفي باستخدام هذه المادة الجديدة.

يتعارض هذا القانون الجديد في جوهره مع فكرة الدولة الهندية العلمانية. أراد الحزب الهندوسي العنصري الحاكم أن يتحول الهند إلى دولة هندوسية تعمل لصالح الأغلبية، ولا تحظى فيها الأقليات بحقوق الإنسان الأساسية، ويتم تسخير آلة الدولة إما لقمع أو لتهميش المسلمين وإقصائهم.

يستهدف هذا القانون الجديد على القضاء المبادئ العلمانية المكفولة بالدستور، وكما هومعروف أن الدستور الهندي يحظر التمييز الديني ضد المواطنين، ويضمن المساواة للجميع أمام القانون الذي يوفر الحماية للجميع بالتساوي. فإن القانون الجديد سيقوم بترسيخ التمييز الديني في القانون ويعمل ضد مبادئ دستور الهند العلماني.

بدأت الشرارة الأولى لهذه الحركة في الجامعة الملية الإسلامية بأيدي الطلاب إذ رفعوا أصواتهم ضد هذا القانون الأسود، والجامعة الملية الإسلامية لها تاريخ مشرق في النضال والمكافحة ضد الحكومة الاستعمارية البريطانية في الهند، وهي جامعة جاءت من حيز التفكير إلى حقيقة الوجود ضمن الحركات الوطنية التي شرعها أبو الهند "المهاتما غاندي" وأنه قد سماها هذه الجامعة، (Muslim National University) الجامعة الملية الإسلامية، وهي ترمز وحدة التكامل بين الشعب الهندي.

واليوم بدأ المسلمون والهندوس يتحدون في هذه الاحتجاجات ويقفون جنبا إلى جنب كما قاموا في حركة التحرير الوطني وهم يرددون أغانيَ وطنية وأجزاء من دستور الهند،حاملين علم الهند ويرفعون صوراً لزعيم الاستقلال المهاتما غاندي، وبي.آر. أمبيدكار الذي قاد عملية صياغة الدستور ويهتفون بأعلى صوتهم (NO CAB) (NO NRC) ويقولون أن العلمانية هي أحد أعمدة دستور الهند وكذلك التعددية هي رمز والوطن، ولن نقبل أي شيء وهو ضد دستور الهند.

تستمر الاحتجاجات منذ شهر كامل في كل أنحاء الهند لا يشترك فيها المسلمون فقط، بل هناك أعداد متزايدة من غير المسلمين ينضمون إليها وخصوصا في الجامعات الهندية حيث تقوم المظاهرات كل يوم في مئات من الجامعات والكليات الهندية بكل أنحاء البلاد. إن المظاهرات السلمية تجبر السلطة على الرجوع بتحقيق العدالة وإصلاح الأحوال وارجاع الحجقوق ورفع الظلم والاستبداد.

إن هذه الحركة الوطنية تهدف إلى القضاء القانون الأسود ضد المسلمين مباشرة أو غير مباشرة. إن هذه الحركة التي أسسها المرأة في شاهين باغ وعلى غرارها في تقوم التظاهرات في كل مدن وقرى في الهند تنير الطريق للجيل الحالي وللأجيال القادمة.

تهدف هذه الحركة الشعبية إعادة وبناء المجتمع الهندي الذي يتساوى فيه الأفراد تحت مظلة جماعية واحدة وهي مظلة القومية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية. ولن تتوقف هذه الحركة إلا بعد الحصول مطالبها وأهدافها، ولدعمها وتمكينها من الخلاص من هذا القانون الأسود الذي هو ضد دستور الهند.

عن الكاتب

د. معراج أحمد معراج الندوي

أستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة عالية،كولكاتا - الهند.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس