ترك برس 

منذ نيسان/ أبريل الماضي، شنت قوات النظام السوري مدعومة بالمقاتلات الروسية والميليشيات الإيرانية حملة عسكرية متواصلة للسيطرة على آخر معاقل المعارضة في محافظة إدلب، حيث قُتل أكثر من 1000 مدني بينما شُرد مئات الآلاف.

في الساعات الأولى من يوم الاثنين، اتخذ الهجوم منعطفًا دراماتيكيًا عندما قتلت قوات النظام  ثمانية أفراد عسكريين ومدنيين أتراك في قصف مدفعي على أحد المواقع التركية بالقرب من سراقب، وهي بلدة تقع عند تقاطع الطرق السريعة M4 وM5 المهمة استراتيجيًا حيث نشرت تركيا قوات إضافية في نهاية الأسبوع.

وردت تركيا بهجمات على مواقع سورية أدت إلى مقتل أكثر من 70 من قوات النظام. 

ويشير تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزية إلى أن هذا التصعيد  يهدد بإلحاق الضرر بالعلاقات بين موسكو وأنقرة. وعلى الرغم من دعم الجانبين المتعارضين في النزاعين في سوريا وليبيا، فإن البلدين عززا في السنوات الأخيرة علاقاتهما في مجالات الطاقة والدفاع والتجارة.

وقال أحمد إيفين، الباحث البارز في مركز إسطنبول للسياسة بجامعة سابانجي: "منذ بداية الهجوم، رأينا قوات النظام تبدأ الهجوم، ثم تشكو تركيا وتدخل روسيا لإبطاء الهجمات. ثم تبدأ العملية من جديد"/ وأضاف: "هذه المرة يمكن أن تكون مختلفة لأن قتل الجنود الأتراك يثير المخاطر بشكل كبير".

وجاء الهجوم على الموقع التركي ومقتل الجنود الأتراك عشية زيارة قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أوكرانيا، والذي استخدم هذه الرحلة لدعوة روسيا لاحترام اتفاق أستانا لعام 2017 الذي يسعى إلى تمهيد الطريق لحل سياسي في سوريا.

وقبل ذلك قال الرئيس أردوغان إن استمرار هجمات النظام  يعني أن عملية أستانا لم تعد موجودة. 

وقال أليكسي خليبينكوف، وهو خبير في الشرق الأوسط ومحلل للسياسة الخارجية الروسية في مجلس الشؤون الدولية الروسي في موسكو: "إن الرئيس أردوغان ربما يبالغ في تقدير نفوذ الكرملين على الأسد".

وأضاف: "لا تستطيع روسيا أن تجعل الأسد يفعل ما تريده. واجهت موسكو صعوبات كبيرة مع دمشق في الماضي ولا أرى أن موسكو تسيطر بالكامل على ما تقوم به دمشق على أرض الواقع."

وزعم المحلل الروسي أن أنقرة فشلت أيضًا في تلبية مطالب أستانا، مثل "فصل المقاتلين المعتدلين المدعومين من تركيا عن المتطرفين أو منع الهجمات على قاعدة جوية روسية".

علاقات عميقة

لكن على الرغم من التصدع الظاهر في العلاقات التركية الروسية، قال علي باكير، المحلل السياسي والباحث المقيم في أنقرة، إن التعاون بينهما عميق بما فيه الكفاية للتغلب على مثل هذا الصدع.

وأضاف: "هناك علاقة عميقة بين تركيا وروسيا ولديهما مصالح مشتركة على عدة مستويات، من بينها خط أنابيب للغاز في البحر الأسود الذي أعلن عنه الشهر الماضي وصفقة منظومة الدفاع الجوي (إس 400) التي تسببت في قلق حلفاء تركيا في الناتو.

ويلفت التقرير إلى أن أردوغان وبوتين يتمتعان بعلاقات شخصية جيدة. وفي إشارة إلى أن البلدين كانا يعملان على إصلاح الأضرار الناجمة عن التصعيد الأخير، تحدثا مباشرة عبر الهاتف يوم الثلاثاء، حيث أخبر أردوغان بوتين أن الهجوم على الأفراد العسكريين الأتراك أضر بجهود السلام المشتركة وأن تركيا ستدافع عن نفسها في حالة وقوع هجوم مماثل، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

في تقريره عن المكالمة الهاتفية نفسها، قال الكرملين إن الزعيمين اتفقا على اتخاذ تدابير فورية لتحسين تنسيق عملياتهما في سوريا. 

مقايضة إدلب بالشمال الشرقي

ووفقا للتقرير، فإن التعاون التركي والروسي في شمال شرق سوريا، حيث تم إنهاء عملية نبع السلام في تشرين الأول/ أكتوبر بوساطة روسية، يعاني من نكسة. أفادت الإذاعة التركية "إن تي في" أنه تم إلغاء دورية تركية روسية مشتركة في المنطقة الحدودية يوم الاثنين.

وقال المحلل الروسي خلينبيكوف: "إدلب والشمال الشرقي شيئان متوازيان. قد يكون هناك بعض المفاضلة بين تركيا وسوريا على إدلب والشمال الشرقي الذي يعد  أكثر أهمية بالنسبة لتركيا".

وقال كمال علام، المحلل العسكري المقيم في المملكة المتحدة والذي كتب مؤخرًا مقالًا عن العلاقات التركية السورية: "تعرف تركيا أن النتيجة الحتمية لسقوط إدلب هي موجة جديدة من اللاجئين، الأمر الذي قد يسبب مشاكل لأردوغان محليًا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!