ندرت أرسانيل – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

السبب في لقاء أردوغان مع أوباما هو التحالف الأول والسبب في لقائه مع الملك سلمان هو التحالف الثاني. فقد أصبح هناك وضع جديد في الشرق الأوسط الكبير.. وقد نبهنا في مقالتنا التي كتبناها في 25 من هذا الشهر أنه من الممكن أن تخرج التطورات الممتدة من أوكرانيا إلى اليمن عن السيطرة .. ولم ينته الأمر بعد...

سيكتب العديدون عن الأزمة الجديدة والجبهة الجديدة وعن عدد الدول المشاركة وعن العتاد والطيران المستعمل, فليكتبوا أما نحن فلننظر إلى من نسّق هذه العملية العسكرية وهذا الجدار السني العملاق. وإلا فما الحاجة إلى الأسلحة الكبيرة ففي اليمن التي يبلغ سكانها 25 مليون هناك 70 مليون قطعة سلاح...

وإذا أردنا أن نعرف الوضع في اليمن تعريفاً عاماً فبإمكاننا القول بأن هناك حرباً أهلية بين الأطراف التي تدعمها إيران وبين الجماعات التي يدعمها الغرب وبعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية. وتشكل هذه الحرب الأهلية النابعة عن الصراع المذهبي خطراً على الشرق الأوسط بأكمله. والذي ينظر إلى الأهمية الجيوسياسية التي يشكلها اليمن من أجل منطقة الخليج يعرف سبب قلق الرياض. وكما هو معلوم الآن تقود السعودية تحالفاً يتألف من عدة دول للقيام بعمليات عسكرية في اليمن...

إيران طرف في هذا الوضع وإن أنكرت ذلك. ويوضح تصريح علي أكبر ولايتي نائب القائد الديني آية الله علي خامنائي بأن الحوثيين في اليمن جزء من حركة الصحوة الإسلامية , يوضح هذا التصريح بأن المساعدات الإيرانية قد أخذت مناح أكثر حساسية.

ويمكن أن نفهم أن السعودية تهاجم إيران من خلال تصريحها في تبرير العملية بأنها تهدف مع الدول المشاركة مثل الإمارات والبحرين وقطر والكويت حماية اليمن والشعب اليمني من جماعة الحوثي التي ما زالت منذ الماضي تزعزع استقرار المنطقة.

وموقف أنقرة مشابه أيضاً حيث قالت " ندعو جماعة الحوثي ومن يقف ورائها من القوى الإقليمية للعدول عن مواقفهم التي تهدد أمن اليمن والمنطقة."

ويجب رؤية أن التحالف والشراكة الدولية في هذه العمليات ساهمت في توحد الصف مذهبياً في الشرق الأوسط. ولكن هذه الحروب المذهبية ليست بالمستوى الذي سيؤدي إلى قطع العلاقات مع طهران وهذا ما نفهمه من تصريحات طهران تجاه أنقرة بأن هذا التحالف لن يؤدي إلى قطع العلاقات مع أي من الدول.

لا يوجد من يجهل سوء العلاقات بين الرياض وطهران. والحال هذه فإن علاقة الولايات المتحدة مع طهران تزعج الرياض أيضاً فالسعودية رأت في الخطوات الأخيرة لحليفتها الكبرى توجه نحو طهران وهذه الخطوات تجبر السعودية لأن تتخذ مواقف جديدة من تل أبيب. وكلا الدولتان تعلمان أن مثل هذه الخطوة ليست في صالح الطرفين. (سيكون من المبالغة الادعاء بأنه لا دور استخباراتي اسرائيلي في هذه العملية, أي أن إسرائيل حليفة ضمنية للرياض)

ولننظر إلى الموضوع من جانب آخر, أين تقف الولايات المتحدة سياسياً من هذه العملية؟ هل يتوافق موقف واشنطن التي تقود عمليات التحالف العسكري في المنطقة مع هذه الجبهة؟

هذا سؤال مشروع فإذا تغير موقف الولايات المتحدة التي تميل إلى الشيعة في إيران والعراق وسورية فهذا يحتاج إلى توضيح. يبدو أن تدخل دول المنطقة بشكل مباشر في هذه المشكلة التي تعتبر من أهم مشاكل الشرق الأوسط قد أسعد البيت الأبيض . ولكن ليس بالقدر الكافي...

ولأشارككم بشيء يتعلق بالموضوع اليمني بين واشنطن والرياض... السبب الرئيسي لهذه العملية العسكرية في اليمن هو وصول جماعة أنصار الله إلى مرحلة من الاتفاق مع بعض المعارضين الشيعة والجماعات الدينية السنية وبعض الممثلين للحكومة المعزولة ومع بعض الجماعات الجهادية والسلفية والجماعات التابعة للقاعدة وداعش. وتشكل هذه الحرب المذهبية التي ستنشب في دول المنطقة التي تقع جنوب تركيا الشرارة التي ستشعل المنطقة بأكملها.

أصبح في المنطقة تحالف آخر غير التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة ضد داعش وأدخلت فيه ضمناً سورية والعراق وإيران. ومركز الثقل العسكري والمادي لهذا التحالف هي الرياض. وكما نتذكر فإن الجيش السعودي كان قد تدخل لإخماد حركات العصيان المناهضة لنظام الحكم في البحرين عام 2011 . ويبدو أن مثل هذا التحالف سيكون موجوداً في كل منطقة جغرافية يظهر فيها التأثير الإيراني وفوق ذلك سيكون هذا التحالف بشكل أكثر مؤسساتية.

والموقف التركي في غاية الوضوح. فهي موجودة في كلا التحالفين, وردة فعلها تجاه إيران على هذا الأساس. وتوضح تصريحات رئيس الجمهورية أردوغان في هذا الموضوع شكل هذه العلاقة حيث قال إن على إيران والجماعات الإرهابية الانسحاب من اليمن وعلى أيران أن لا تملأ الفراغ الذي ستتركه داعش في الموصل. (ويجب أن نتذكر هنا قول ناجيروان برزاني بأن على تركيا أن تشارك بقواتها البرية في عملية تحرير الموصل دون تردد )

ومن النتائج المهمة لهذا التحالف الثاني هو جعله إيران تحس بالوحدة خلال عدة ساعات فقط.. وكذلك شعر حلفاؤها في سورية والعراق.  ويعتبر تصريح دمشق بالأمس بأنها توافق على الحوار مع الجميع بما فيهم الولايات المتحدة بعد أن سخرت من تصريح وزير الخارجية الأمريكي كيري ورفضته والذي قال فيه ما معناه أنهم سيتحاورون مع النظام السوري في 15 من شهر مارس يعتبر هذا التصريح دلالة على أن المفاوضات النووية الجارية بين إيران والغرب قد أوشكت على النهاية. 

عن الكاتب

ندرت أرسنال

صحفي وكاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس